السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صحة وسلامة الإنسان أهم مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء

صحة وسلامة الإنسان أهم مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء
14 أغسطس 2011 22:43
إن الشريعة الإسلامية شريعة متوازنة متكاملة، جاءت لتنظم شؤون الدنيا والآخرة وتعنى بحياة الفرد والمجتمع، ولذلك قال الله تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) «الأنعام، 38». واهتمام الشريعة بالإنسان وحياته ووجوده ينطلق من نظرتها الشمولية إليه، فالإنسان في نظرها مخلوق من مخلوقات الكون، وجزء من أجزائه، وكائن ذو أبعاد ثلاثة، أي أنه في مجموعه يتكون من جسد وعقل وروح. ولهذا جاءت تعاليمها وتشريعاتها موجهة إلى هذا الإنسان في أبعاده كلها، ولم تهتم ببعد دون آخر، أو فضلت بعداً على آخر، لأنها تسعى إلى بناء الإنسان بناء شاملاً ومتكاملاً في جسده وعقله وروحه، من أجل إيجاد شخصية متوازنة تؤدي مهمتها المنوطة بها في هذا الكون. ولقد أولت الشريعة الإسلامية في بنائها للإنسان عناية فائقة لصحته وسلامته وعافيته، واعتبرت ذلك مقصداً من مقاصدها. أحسن الخلق فجسد الإنسان هو عنوانه ومظهره وصورته المشرقة، ولذلك فهو عند الله تعالى مكرم ومشرف، فقال عز من قائل: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) «التين، 4»، فهذا يدل على أنّ الإنسان أحسن خلق الله باطناً وظاهراً، جمال هيئة، وبديع تركيب: الرأس بما فيه، والصدر بما جمعه، والبطن بما حواه، واليدان وما بطشتاه، والرجلان وما احتملتاه. وقال تعالى أيضاً: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) «غافر، 64». وقال: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) «الإسراء، 70»، ويكون المراد من الكرامة حسن الصورة ومزيد الذكاء والقدرة على الأعمال العجيبة. ومن أجل الحفاظ على جسد الإنسان وجمال هيئته وصورته المكرمة فقد تواردت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة في الحث على ذلك. مظاهر الاعتناء تعددت مظاهر اعتنائها به، ومن ذلك ما يلي: ? الطهارة والنظافة: فلقد اعتبر الإسلام الطهارة شعار المسلم، ومنهاجه في حياته، وسلوكه اليومي الذي لا يحيد عنه، والطهارة في الإسلام تشمل طهارة البدن وطهارة الثوب وطهارة المكان، ولكل قسم من أقسامها أحكام تضبطها. ? طهارة البدن: شرع الإسلام للبدن الطهارة بكل أنواعها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَـرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكـُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْــكُرُونَ) «المائدة، 6). وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل اليدين بعد القيام من النوم، وقبل أن توضع في آنية الوضوء، حفاظاً منه صلى الله عليه وسلم على طهارة اليدين من الأوساخ والنجاسات، وحفاظاً منه كذلك على عدم تلويث الماء حتى لا تتأذى صحة الإنسان، فقال عليه الصلاة والسلام: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الانَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ أَوْ أَيْنَ كَانَتْ تَطُوفُ يَدُهُ» (أبو داود). وحض صلى الله عليه وسلم على نظافة الرأس والشعر، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ» (أبو داود). السواك كذلك أوصى صلى الله عليه وسلم بطهارة الفم، فأرشد الناس إلى استخدام السواك فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ» (البخاري). وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: «قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ» (متفق عليه). - أكل الطيبات: لقد أباح الإسلام للإنسان أن يأكل مما في الأرض حلالاً طيباً للحفاظ على حياته وقوة بدنه، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأرْضِ حَلالاً طَيِّبًا) «البقرة، 168». وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلاّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) «مسلم». وحرم عليه أن يتناول المحرمات من الأطعمة والأشربة، لما لها من ضرر على صحة الإنسان، وجعلها الشرع الحنيف في دائرة ضيقة، قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) «المائدة، 3». وكذلك حرم على المسلم شرب الخمر حفاظاً على سلامة عقله وصحة جسده، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) «المائدة، 90». ونجد الإسلام يأمر المسلم أن يأكل من الطيبات وفي نفس الوقت يحثه على الاعتدال وعدم الإسراف في الأكل والشرب حتى لا يلحق ضرراً بجسده، قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) «الأعراف، 31». ـ الأمر بالتداوي: ومن اهتمام الإسلام بصحة الأجساد وجمالها ونضارتها، أمر بالتداوي وطلب العلاج من الأمراض فقال صلى الله عليه وسلم: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ» (أبو داود). د. حياة البرهماتي حكمة التكليف والرُخص من حرص الإسلام على سلامة الجسد وعافيته لم يتم تكليفه بما لا يطيق، قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاّ وُسْعَهَا) «البقرة، 286»، وقال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) «الحج، 78»، ولهذا شرعت الرخص في الإسلام ليستطيع الإنسان القيام بواجباته التعبدية في حال ضعف جسده ووهنه. وهكذا فإن الإسلام يسعى إلى بناء إنسان قوي في جسده وقوي في عقله وقوي في روحه، ولذلك قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»، (مسلم).
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©