الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو مسلم الخولاني زاهد عصره

14 أغسطس 2011 22:44
أسلم في بلده عندما بلغه الإسلام هو وقبيلته، ولم تسعفه الأقدار ليحظى برؤية النبي حتى توفى وبلغت وفاته الأرجاء، فتنبأ الأسود العنسي والتفت عليه جموع غفيرة من الرعاع والدهماء، وثبت على الدين العقلاء الأسوياء، وعرفوا أكاذيب الأسود العنسي، وبدأت المعركة بين الطرفين، وكان بين أعيان المؤمنين أبو مسلم الخولاني وهو عبد الله بن ثوب، فقد وقف في وجه الأسود ورد عليه افتراءه وكشف بالعقل والحجة زيفه فصدقه كثير من الناس، وانفضوا عن الأسود. فأشار على الأسود بعض الحاقدين، وقالوا له نكل بهذا الرجل حتى نجعله عبرة لغيره فيستتب لك الأمر، واقتنع بذلك، فأمر بالحطب فجمع وملأ به وادياً، ثم أشعلت به النيران، وأحضر أبا مسلم وأخذ بمنجنيق فرمى به من بعيد في أعماق النيران الملتهبة والحشود تنظر إليه ليكون تخويفاً لمن تراوده نفسه بمخالفة الأسود، وما أوشكت النيران أن تنطفئ والجموع أن تنصرف حتى ظهر أبو مسلم من بعيد جالساً في وسط النيران لم يمسسه سوء منها، وتوجه إليهم كأنه كان في روضة غناء فأسقط في يدي الأسود وأشياعه، وحاروا في أمره، وأفاق عدد غير قليل من أتباع العنسي من سكرتهم فأسرع نفر إلى الأسود وقالوا له: إن تركت هذا الرجل في أرضك أفسد عليك أمرك، وفرق جمعك والرأي فيه أن تخرجه خارج هذه الديار، فأجبره على الخروج، وفكر أين يسير فتوجه إلى المدينة النبوية، وكان يُمنّي النفس بالوصول إليها، فدخل المسجد النبوي كما يدخله كل غريب قبيل الظهر فوقف إلى سارية من سواري المسجد يصلى، فدخل عمر بن الخطاب فاسترعاه حالة الرجل ومنظره فجلس بجانبه حتى قضى صلاته فسأله من أين الرجل؟ فقال من اليمن، فقال: ما فعل عدو الله الأسود العنسي بصاحبنا الذي حرقه بالنار فلم تضره؟ قال: ذاك عبد لله بن ثوب فتفرس فيه عمر قال له: نشدتك بالله أنت هو؟ قال: اللهم نعم، فقبل ما بين عينيه ثم جاء به فأجلسه بينه وبين أبي بكر الصديق، وقال الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني من أمة محمد من فعل كما فعل إبراهيم الخليل فلم تضره النيران. ثم توجه إلى الشام، عفيفاً عن الدنيا زاهداً فيها، يعلم الناس من حوله بحاله ومقاله القناعة والزهد والإخلاص ويبثهم أنوار الإيمان. فكان يجلس مع الناس فإذا رآهم تكلموا في الدنيا ومتاعها قام عنهم وانصرف. لقد فرغ الخولاني للعلم والعبادة وفعل الخير حتى صفاً، وله أقوال وحكم تداولها الحكماء فانتفع بها الناس، وقد كان يقف على الخربة فينادى بأعلى صوته: أين أهلك، ذهبوا وبقيت أعمالهم وانقطعت الشهوة وبقيت الخطيئة، ابن آدم تركك الخطيئة أهون من طلب التوبة. رحم الله الزاهد العابد أبا مسلم الخولاني المآثر الكرامات العظيمة. والأخلاق التي أثرت في الناس في حياته وبعد مماته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©