السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكهرباء في قندهار... وسيلة لمكافحة التمرد

الكهرباء في قندهار... وسيلة لمكافحة التمرد
8 فبراير 2010 22:00
تعطلت تسعون معملاً تقريباً في العاصمة الاقتصادية الأفغانية قندهار، بجنوب البلاد، وأصبح يعلوها الغبار ويزحف عليها الصدأ بعدما توقفت عن الإنتاج، على رغم أنها تستطيع المساهمة في محاربة المتمردين بطريقة بالغة الفعالية عبر توظيف الآلاف من الأشخاص ودفعهم إلى الابتعاد عن "طالبان" وعدم الوقوع في حبائلها، ولكن ما يُبقي تلك المعامل مغلقة الأبواب هو افتقارها إلى مصدر موثوق لتوليد الكهرباء، مما يعطل، بالتالي، قدرتها على توظيف الأفغان ومنع تمدد التمرد واستقطابه للمزيد من الشباب العاطل، خاصة أن التمرد يحرص بدوره على إبقاء المعامل معطلة لتعزيز صفوفه بالمزيد من المحبطين. والحقيقة أن ثنائية التنمية والتمرد تبرز في جميع أنحاء أفغانستان، لا سيما في المناطق الجنوبية الخارجة عن السيطرة التي يستعد فيها حلف شمال الأطلسي لشن حملة عسكرية كبرى، فالتنمية التي تحتاجها البلاد لجعل الناس يبتعدون عن التمرد تعرقلها هجمات المتمردين التي تستهدف المشروعات المنجزة وترفع من تكلفتها الإجمالية. ومع أن مدينة قندهار يُفترض أن تلبي احتياجاتها الكهربائية من سد "كاجاكي" في ولاية هلمند القريبة، إلا أن خطة لإعادة تأهيله تمتد على ست سنوات أُجلت لأكثر من مرة بسبب أعمال العنف المتنامية وخطورة الطرق الطويلة المستخدمة لنقل الإمدادات وإدخالها إلى الجنوب الأفغاني المضطرب. ولتجاوز هذه العقبات، تم نقل محركين يعملان بالطاقة المائية إلى السد مباشرة عبر طائرات مروحية بتكلفة وصلت إلى سبعة ملايين دولار، حسب تقرير الحكومة الأميركية التي تمول عملية تجديد السد، كما استطاع المسؤولون إيصال محرك جديد إلى السد في رحلة برية طويلة استغرقت أسبوعاً كاملاً بحراسة موكب يتكون من أربعة آلاف جندي. ولكن على رغم هذه الجهود، قرر المشرفون على المشروع التوقف عن تزويد السد بالإمدادات الضرورية بسبب خطورة الوضع الأمني. وليس من المعروف في ظل العنف المستشري في الجنوب ما إذا كان من المجدي تكبد تكاليف نقل 900 طن من الإسمنت إلى تلك المنطقة الخطرة لاستكمال بناء السد. وفيما كانت الميزانية المخصصة للسد في حدود 47 مليون دولار رصدتها الولايات المتحدة لتجديده وتوليد الكهرباء، إلا أن ما أنفق عليه إلى غاية اللحظة يفوق ذلك المبلغ بأكثر من الضعف، وذلك حسب تقرير للمفتش العام المسؤول عن متابعة مشاريع إعادة الإعمار في أفغانستان. وقد تنامت النفقات لعدة أسباب ليس أقلها انسحاب المتعاقد الصيني بعد تعاظم عمليات اختطاف العمال في قندهار، وهو ما أكده "جون سميث سرين"، الذي يشرف على مشاريع الطاقة في أفغانستان التابعة لوكالة التنمية الأميركية بعدما رصدت الحكومة 50 مليون دولار إضافية، على أمل أن يعود الهدوء إلى الجنوب وتُستأنف عملية نقل المؤن الضرورية لاستكمال البناء، مضيفاً: "مع الأسف، ما زلنا ننتظر تلك اللحظة المناسبة التي تقل فيها أعمال العنف ونتمكن من الدخول إلى منطقة السد، لكن إذا ظلت الأمور على حالها خلال الأشهر القليلة المقبلة فسيتعين علينا اتخاذ قرارات أخرى والنظر في الفرص الموجودة داخل أفغانستان"، مشيراً إلى محطات أخرى للطاقة في أفغانستان يمكنها الاستفادة أكثر من الأموال الأميركية. وبالطبع، لن تكون هذه الأخبار جيدة بالنسبة لسكان قندهار في جنوب أفغانستان الذين ينتظرون بفارغ الصبر تحسناً ملموساً في خدمة الكهرباء، لا سيما أن المشكلة الأساسية التي يركز عليها الأهالي هي الاقتصاد، فهم يطالبون بتحسين الظروف الاقتصادية وخلق فرص عمل للسكان لينتهي التمرد ويفقد جاذبيته في أوساط الشباب. وتلجأ "طالبان" في المناطق الجنوبية إلى دفع رواتب للشباب الذين يلتحقون بصفوفها بعدما فقدوا الأمل في الحصول على عمل آخر ليتحولوا في النهاية إلى مقاتلين، أو انتحاريين، كما أن شح الأمطار يدفع المزارعين إلى تبني الخيار الأسهل في نظرهم والمحصول الأكثر مقاومة للجفاف أي نبات الخشخاش المستخدم في إنتاج الأفيون. وفي مكتب ممثل الحكومة الأميركية في قندهار، يبرز ملصق علقه على الحائط يشير بأسهمه إلى العلاقة بين هبوط مؤشر الأمن من جهة وصعود مؤشر التمرد من جهة أخرى، مركزاً على أهمية توفير الطاقة الكهربائية في تحسين الأوضاع. وكمثال على الحاجة الملحة للكهرباء في قندهار، يقول "محمد نعيم" الذي يملك مصنعاً لإنتاج الأحذية البلاستيكية، إنه لا يستطيع الحصول على مولد احتياطي للكهرباء، مشيراً إلى أن استخدام إحدى آلات الديزل سيرفع تكلفة المنتج إلى درجة ستضطره للبيع بالخسارة؛ ولذا يعمل باثنتي عشرة ساعة من الكهرباء كل يومين، معبراً عن صعوبة وضعه هذا بقوله: "لدينا 15 عاملاً، وعلينا دفع رواتبهم حتى لو لم تتوافر الكهرباء. ولكن إذا ظلت الكهرباء صعبة المنال لفترة طويلة فسأكون مضطراً إلى إغلاق المصنع وتسريح العمال". وفي الأيام الاعتيادية، تحصل قندهار على 26 ميجاوات من الطاقة 12 منها يوفرها سد "كاجاكي"، و14 تأتي من محركين للديزيل أمَّنتهما الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لفاضل أحمد، مدير محطة الكهرباء التابعة لمدينة قندهار. ولكن هذه الكمية تكفي فقط لتأمين الكهرباء لنصف سكان المدينة، فيما الاحتياجات الحقيقية تصل إلى 50 ميجاوات، وهو ما يدفعهم إلى توزيع الكهرباء بالتناوب على أحياء المدينة، بحيث يحصل أحد الأحياء على حصته اليوم ويحصل آخر على حصة مماثلة في اليوم التالي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
المصدر: قندهار
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©