الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخيم الرمضانية تنحسر في بيروت تحت وطأة الانتقادات والغلاء

الخيم الرمضانية تنحسر في بيروت تحت وطأة الانتقادات والغلاء
14 أغسطس 2011 22:51
استورد اللبنانيون ظاهرة إقامة الخيم الرمضانية من مصر، وشهدت رواجاً كبيراً، حيث يتضمن برنامجها قائمة متنوعة من الفقرات نجحت في استقطاب الرواد، إلا أنها تشهد حالياً تراجعاً وانحساراً في الإقبال بسبب هجوم مرجعيات دينية عليها، معتبرة أنها بعيدة عن أهداف الشهر الفضيل المتمثلة في التقرب إلى الله وعدم الإسراف، كما لعب غلاء المعيشة دوراً في إحجام الناس عن ارتيادها خاصة أن أسعارها مرتفعة. الفكرة بدأت منذ عدة سنوات، وانتشرت كظاهرة اجتماعية في شهر رمضان المبارك، بل أصبحت من السمات المميزة له، حين تداعى بعض رجال الأعمال الذين يرغبون بالسهر والتسامر وقضاء الوقت، ليقيموا الخيم الرمضانية التي عمت مختلف أرجاء العاصمة بيروت بفنادقها ومقاهيها ودور التسلية، لتنتقل إلى بقية المحافظات والمدن، كظاهرة اجتماعية ممتعة للزوار، غير أنها تشهد حالياً تراجعاً ونقصاً في عدد المرتادين. ملتقى عائلي الخيم الرمضانية في لبنان صارت ملتقى للعائلات التي تسهر في الجو الرمضاني، مع فاصل متنوع من الترفيه، عبر دعوة بعض الفنانين للغناء، فانتشرت الخيم بسرعة، وأصبحت توفر كل المتطلبات المطلوبة لإنجاح هذه الفكرة التي صارت المتنفس القاسي الذي يصر بمذاق السهرات في ليالي الشهر الكريم، فبات لكل فندق خيمته، ولكل خيمة طابعها الشعبي والتجاري، الذي لا تقدر على حضور برنامجه جميع الطبقات وشرائح المجتمع اللبناني، فهناك «الخيمة الكلاس» المفرطة بمظاهرها وديكوراتها» العصرية، وهذا يتطلب رسم دخول لحضور «الحكواتي» والمنلوجست» ومطرب السهرة، مع تناول وجبة السحور و»النرجيلة»، وأيضاً المرور على «أبو العبد» والبصارة التي تقرأ الكف وتعرف الخط، والتبضع عبر شراء من «ستاندات» الخيمة ساعة جميلة أو «سوار العروس» أو اقتناء سبحة قيمة تناسب عادات الشهر الفضيل. يقول عبدالواحد سليم «60 عاماً»: «الزمن تغير كثيراً بين الماضي والحاضر، فقديماً كان الناس يتزاحمون ويحجزون أماكنهم سلفاً لمشاهدة المنشدين والمقرئين مثل الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبدالباسط عبد الصمد والاستماع منهما إلى واقعة غزوة بدر وذكرى فتح مكة، وتواشيح ليلة القدر. أما الآن فلا بد من تغيير البرنامج والزحف نحو الخيم». ويضيف «وإن كان المنحى التجاري في الخيم يعتمد الترفيه، إلاّ أن تسميتها بـ(الرمضانية) يعطي الحق للبعض بأنهم لا يخالفون الشرائع والأحكام الإسلامية، بل العكس لأن النجاح الذي حصدته هذه الخيم، استقطب مطعم العائلات (البيروتية) وغيرها، فانتشرت الظاهرة عاماً بعد عام، وشهدت إقبالاً وحضوراً مميزين، لتعود وتخفت في بريق جاذبية الحضور كما السنوات السابقة، وقد يكون السبب عدا عن الوضع المادي السيئ لدى نسبة كبيرة من اللبنانيين، ردود الفعل الشاجبة لدى المراجع الدينية التي رأت فيها خروجاً عن مفاهيم رمضان بعاداته وتقاليده ومظاهره الإيمانية». عادة غريبة تعتبر الخيم الرمضانية غريبة عن وجه البلد، ويقال إن الفكرة «مستوردة» من مصر، حيث بدأت في خيمة أطلقت عليها اسم «خان الخليلي». إلى ذلك، قالت المسؤولة في قسم المبيعات والترويج في أحد الفنادق زينة قهوجي، إن الحجز المسبق ضروري جداً؛ لأننا نريد زبائن النخبة. وتضيف «نقدم الأكلات الشعبية اللبنانية (حمص، فول، مناقيش، كنافة وجبن وعصير ونرجيلة) وأخرى مصرية من «الشيشة» والزي الفولكلوري والطعمية، إلى جانب البصارة وقراءة «البخت». وقال صاحب مشروع خيمة «خان الخليلي»، وسيم طبارة، التي أقيمت في الوسط التجاري «هذه الخيمة هي الثانية بعد «خان الخليلي» رقم واحد، والفكرة راودتني بعد رجوعي من مصر، حيث وجدت أن الناس يعيشون في حالة فراغ في ليالي رمضان المبارك، والأجواء السياسية المتأزمة تطغى على كل ما عداها، فقلت في نفسي لماذا لا أعمل أي شيء يجمع الناس مثل أيام زمان، لناحية التقاليد والعادات «البيروتية»، فكانت خيمة الوسط وهي عبارة عن مقهى مغطى بخيمة كبيرة، يوجد فيها «أبو العبد» بطربوشه وقمبازه، وأكشاك للبطاطا المشوية وأخرى لعرض السجاد والهدايا التذكارية، وللشاورما والكلاج، ورسم البورتريه، وأخيراً «كشك» للحلاقة من باب الديكور فقط. ويشار إلى أن قهوة «الماوردي» في «الفيزهاوس» أول من أدرجت قماش السرادق فتحولت إلى خيمة، والفكرة وقتها بحسب صاحب الفندق محمد صالح بدأت بـ»قعدة» ترمز إلى أيام زمان، تقدم فيها السحور والإفطار، وبرنامج فني «يتخلله «نراجيل» (شيشة) وتسلية «طاولة الزهر». ويضيف مدير الصالة حسان فخري «استوردنا قماشاً يسمى «الصيوان»، وهو يستعمل لعدة مناسبات مثل الأفراح والعزاء والانتخابات، كما سرادق الحسين في مصر في أيام رمضان، ونجحت الفكرة لتخبو بعد سنوات بسبب الوضع الاقتصادي المتأزم لدى اللبنانيين». مستلزمات الخيم «الحكواتي»، و»بصارة براجة»، و»أبو العبد» لوحات فنية وشعبية وتراثية، كراسي خيزران وخوابي فخارية وأحجار الرحى، أمسيات شعرية، وجدران يغطيها السجاد ومعزوفات لمحمد عبد الوهاب وأسمهان وفريد الأطرش، وسيد درويش وعبده الحامولي وزكريا أحمد، إضافة إلى فوازير وأغان انتقادية من وحي الظروف السائدة في البلد، كلها مستلزمات للخيمة الرمضانية التي يجد فيها الساهر حتى موعد السحور تسليته في قضاء الوقت، أما من يفضل عدم الخروج من المنزل، فإنه يتسمر أمام شاشات التلفزة ليشاهد البرامج المتنوعة والمسلسلات التي تحضر فقط من أجل هذا الشهر المبارك، والأمر أولاً وأخيراً يعود لرغبات الناس وميزانيات الدفع للسهر، لكن من المعروف أنه بعد انكفاء هذه الظاهرة فإن المنتصر هو «خليك بالبيت». والخيم الرمضانية لم تعد تستقطب الناس مثلما كانت في الماضي، وهي حالياً تقتصر على بعض الفنادق ذات الخمس النجوم التي تعتمد على النزلاء وضيوفهم، ومن الأسباب أن الأمور الحياتية المستجدة لدى الكثيرين من شرائح المجتمع، أبعدتهم عن هذه الأماكن المكلفة والتي تدخل في باب المصاريف غير الضرورية. يقول سعيد عبدالله «في السنوات الـ15 الماضية تراجعت الخيم الرمضانية بعد تكثيف البرامج والمسلسلات التلفزيونية التي أثرت على حركة الإقبال، مع انتقادات من بعض المراجع الدينية لهذه الظاهرة البعيدة كل البعد عن قيم هذا الشهر الفضيل، وسلوكيات الفرد في المفهوم الديني، الذي عليه يتصرف إلى الصلاة والدعاء وقراءة القرآن بدلاً من الانغماس في الإسراف والبذخ». ويضيف «هناك عائلات فقيرة وأيتام هم بحاجة إلى مساعدات ومساندة، وهل هناك أفضل من رمضان أعظم الشهور لمساعدتهم». وتبقى عبارة رمضان كريم هي البركة والعطاء، والعباءة الدينية المرتبطة بالجذور العربية والإسلامية.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©