الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجناح الإسلامي درة التاج في متحف متروبوليتان نيويورك

الجناح الإسلامي درة التاج في متحف متروبوليتان نيويورك
6 أغسطس 2012
عبر أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان مارس الصُناع والفنانون في أرجاء دار الإسلام من حدود الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً أعمالهم المعتادة في إنتاج ما تحتاجه المجتمعات الإسلامية من أدوات ومصنوعات للاستخدام اليومي في الطعام والشراب والمنازل ودور العبادة وجاءت جميعها وبغض النظر عن رخص أسعارها حافلة بالزخارف والألوان التي تعبر عن جماليات ووحدة الفن الإسلامي وتسابقت المتاحف العالمية على اقتنائها لعرضها في قاعاتها. وإذا كانت أيدي تجار العاديات قد فرقت التحف الإسلامية على أركان الكرة الأرضية فإن العزاء يبقى أنها حيث استقرت تتحدث عن ماضينا وتراثنا الفني التليد. أحمد الصاوي (القاهرة) ـ المتروبوليتان هو أكبر متاحف الولايات المتحدة الأميركية ويعد أحد أهم متاحف العالم التي تعرض مقتنياتها للزوار فكرة واضحة عن تاريخ الفنون في أغلب مناطق العالم وهي تغطي فترات تاريخية تمتد من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحديث. وقد أسس المتحف في عام 1870م تحت تأثير رغبة الأميركيين في مضاهاة متحف اللوفر الشهير بباريس وإن جاء أكبر منه حجماً وأثرى بمقتنياته. تعود فكرة إنشاء المتحف إلى الرابع من يوليو عام 1866م عندما اجتمع بمطعم “بوا د يبولون” بباريس مجموعة من الأميركيين للاحتفال بالعيد الوطني للولايات المتحدة وكان من بينهم “جان جي” وهو حفيد لأحد أبرز رجال القانون آنذاك وأوجز اقتراحه للحضور بقوله “ حان الوقت الآن لإنشاء معهد ومعرض للفن في نيويورك” وقوبل الاقتراح بحماس كبير من مستمعيه وترجم لخطة عمل بعد عام واحد قاد تنفيذها “جان جي” الذي كان يرأس نادي النقابة في نيويورك فدشن حملة بين قادة المجتمع المدني وتجار الفنون وأصحاب الجمعيات الخيرية تحت شعار إنشاء أول متحف أميركي يضاهي متاحف أوروبا. وبدأت شخصية المتحف في التبلور مع نهاية سبعينات القرن التاسع عشر وأخذ متحف المتروبوليتان للفنون يتنقل بين عدة مواقع إلى أن استقر به المقام بموقعه الحالي بالسنترال بارك. طراز المتحف المبنى الحالي للمتحف يحتل مساحة تتجاوز مليوني قدم مربع وهو من تصميم المعماري “ريتشارد موريس هونت” خريج مدرسة الفنون الجميلة بباريس. وزائر نيويورك لا يمكنه تجاهل زيارة المتروبوليتان لسببين رئيسيين أولهما طراز بنائه الفريد وسط حداثة مباني نيويورك بواجهاتها الزجاجية وأبراجها السامقة الشهيرة وثانيهما هو غزارة مقتنياته التي تتجاوز ثلاثة ملايين قطعة فنية. وقد بدأ المتحف بمجموعات من أعمال الفن الأوروبي أضيفت إليها بعض أعمال الفنانين الأميركيين وبمرور الزمن اتسعت عمليات الشراء لتغطي الفن الحديث والقديم من مختلف دول العالم. ويبرز الجناح الخاص بالفن الإسلامي تطور الفنون الإسلامية منذ القرن الهجري الأول وحتى القرن الثالث عشر للهجرة “19م” وتعطي مقتنياته رؤية واضحة للزوار عن طبيعة وشخصية الفن الإسلامي. وتنتمي تلك المقتنيات لعدد كبير من أقاليم العالم الإسلامي منها شبه الجزيرة العربية ومصر وسوريا والعراق وإيران والهند وتركيا ومنغوليا وبلاد المغرب والأندلس. كما تشمل مقتنيات المتروبوليتان من منتجات الفن الإسلامي أغلب المواد المعروفة فهناك نماذج من الخط العربي في مخطوطات ولوحات ومجموعة هائلة وهامة من المخطوطات الإسلامية المصورة بمنمنماتها الرائعة فضلاً عن أعمال معدنية رفيعة الشأن كالأواني والأباريق البرونزية والنحاسية المكفتة بالذهب والفضة والسيوف والخناجر. وبالمتحف أيضاً مجموعة ثرية من أعمال الخزافين المسلمين على امتداد رقعة بلاد المسلمين من منغوليا شرقاً إلى الأندلس غرباً ومن بينها أطباق وقطع من البلاطات الخزفية. وهناك أيضاً قطع من النسيج الإسلامي بزخارفه الكثيفة وبعضاً من أشهر أنواع السجاد الإسلامي ولا سيما من إنتاج إيران وتركيا والهند. وبقلب الجناح الخاص بالفن الإسلامي توجد “القاعة الدمشقية” التي تحتوي بين جنباتها أمثلة رائقة لما اشتهرت به المنازل الدمشقية وخاصة في العصر العثماني من قطع الخزف والنسيج والأثاث المنزلي المزخرف. قطع فنية ومن أجمل القطع الفنية التي يشاهدها الزائر لجناح الفن الإسلامي سجادة صلاة إيرانية من إنتاج مدينة تبريز في عصر الدولة الصفوية وهي تؤرخ بنهاية القرن العاشر الهجري “16م” وبوسط هذه السجادة ساحة حمراء تمثل حنية المحراب وقد ازدانت برسوم زهور وأوراق نباتية نفذت بالألوان الصفراء والبيضاء والزرقاء بينما يحيط بالمحراب شريط دقيق من الكتابات النسخية وبأعلى رسم المحراب عبارة “الله أكبر”. والمتحف به عدد كبير من التحف المعدنية النادرة ولعل أقدمها إبريق من البرونز له فوهة على هيئة ديك نشر جناحيه وهو يصيح وهو يشبه إلى حد كبير الإبريق المنسوب للخليفة الأموي مروان بن محمد ومن ثم فهو يؤرخ بالنصف الأول من القرن الثاني الهجري. ومن إيران في العصر السلجوقي يحتفظ متحف المتروبوليتان بإبريق من البرونز المصبوب يعود تاريخه للقرن السادس الهجري “12م” ويمتاز بهيئته الرشيقة وببدنه الكروي الذي به نقش كتابي بالخط الكوفي نصه “نعمة كاملة لصاحبه”. أما التحف المعدنية المنسوبة لدولة المماليك فلدى المتروبوليتان بعضا من أهم القطع الشهيرة مثل قاعدة شمعدان السلطان المملوكي “زين الدين كتبغا” وهي من النحاس المكفت بالفضة وعليها كتابات بخط النسخ تشير لاسم كتبغا وألقابه وتجدر الإشارة هنا إلى أن متحف الفن الإسلامي بالقاهرة يحتفظ برقبة هذا الشمعدان. وهناك أيضاً “مقلمة” بديعة الصنع من النحاس المكفت بالذهب والفضة وقد أهداها “مورجان” الصغير للمتحف وتعد من الأمثلة النادرة لأدوات الكتابة المملوكية وهي محلاة برسوم متشابكة تشغل كل فراغ سطحها من الداخل والخارج. وثمة “مبخرة” لها هيئة كروية وهي تفتح من المنتصف لوضع البخور وعليها زخارف مفرغة وكتابات بخط النسخ تشير إلى اسم صاحبها الذي صنعت من أجله وهو الأمير المملوكي “بيسري” وهي أيضاً من النحاس المكفت بالفضة والذهب. وبالمتحف أيضاً قطع من أباريق ومواقد فحم صنعت بمصر لملوك دولة بني رسول باليمن ومن أهمها موقد من البرونز له هيئة فريدة وعليه اسم السلطان المظفر يوسف والموقد يزدان بزخارف نباتية مملوكية الأسلوب وعليه كذلك كتابات عربية وشريط من الرسوم الحيوانية ووريدات ذات خمس بتلات هي رنك أسرة بني رسول.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©