إعداد - عدنان عضيمة:
بدأت صناعة السيارات تشهد تغيرات ضخمة خلال السنوات الماضية وصفت بأنها تمثل نقاط انعطاف حقيقية لم تشهد مثلها خلال تاريخها كله· وتوحي كافة التغيرات بأن السيطرة على الأسواق في المستقبل لن تكون إلا لصالح الشركات القادرة على الابتكار والاكتشاف، وتتركز نقاط التغير على كل من الأساليب التقنية المتبعة في تصميم وبناء السيارات من جهة، وطرق وتقنيات تحرير الطاقة الميكانيكية الدافعة· وربما يكون من أهم الظواهر اللافتة للنظر في هذا الإطار هو السعي الحثيث للخبراء لتنويع الوقود المستخدم·
ونشرت صحيفة (فاينانشيال تايمز) تقريراً كتبه المحلل برنارد سيمون أشار فيه إلى أن تطوراً كبيراً يطرأ الآن على المحركات المخصصة لحرق زيت الديزل (المازوت) حتى أصبحت تتميز بانخفاض الضجيج وانعدام الروائح الكريهة والسخام (حبيبات الكربون غير المحترقة)؛ وهي التي ستغير تماماً من مواقف الرأي العام الذي كان معارضاً لاستخدام السيارات ذات محركات الديزل· ويقول التقرير إن معظم سائقي السيارات الأميركيين يوشكون الآن على تغيير مواقفهم تماماً من محركات الديزل· وسوف يتحقق ذلك من دون شك خلال الأيام القليلة المقبلة عندما سيتم إطلاق نوع جديد تماماً من الوقود الأكثر صداقة مع البيئة للبيع في كافة أرجاء الولايات المتحدة·
والوقود الجديد هو المازوت الذي يحتوي على أدنى نسبة على الإطلاق من عنصر الكبريت، وهو معروف بالرمز (ULSD) المشتق من عبارة إنجليزية مختصرة تعني (المازوت ذو نسبة الكبريت شديدة الانخفاض)؛ وينتج أثناء احتراقه النظيف 15 جزءا بالمليون من أوكسيد الكبريت من أصل الحجم الكلي للغازات الناتجة عن الاحتراق مقارنة بـ 500 جزء بالمليون في حالة استخدام المازوت العادي· ويضاف إلى ذلك أن الضجيج الناتج عن احتراق المازوت الجديد أخفض بكثير، ولا ينتج الغازات الخانقة أو الروائح المزعجة، ولا يرافق احتراقه انتشار السخام أو حبيبات الفحم السوداء التي تنتج عن الاحتراق الناقص للمازوت· وقال أحد خبراء فولكس فاجن في معرض إشارته إلى هذه التطورات: (نحن مندهشون من هذا التطور، ولا شك أن الغالبية العظمى من مساوئ استخدام المازوت هي الآن في طريقها إلى الزوال)· ومن المعلوم أن شركة فولكس فاجن تبيع أكبر عدد من سيارات الديزل في الولايات المتحدة وأوروبا· وقبل بضعة أيام، وصف ستيفن جونسون مدير وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة، طرح الوقود الجديد في الأسواق الأميركية بأنه أكبر تطور في مجال البحث عن الوقود الرخيص والنظيف بعد انطلاق العمل بتقنيات استخلاص الرصاص من الوقود في الثمانينات· ومن المعلوم أن استهلاك المازوت في السيارات يوفر ما بين 30 و45 بالمئة من ثمن الوقود مما لو استخدم البنزين بدلاً عنه؛ كما أن استهلاكه شائع الاستخدام في الشاحنات المتوسطة والثقيلة والحافلات؛ ونادراً جداً ما يتم دفع شاحنة تجارية بواسطة محرك يستهلك البنزين· يضاف إلى ذلك أن المازوت يحرر عند احتراقه في محرك السيارة طاقة ميكانيكية أعلى من التي تحررها كمية مساوية من البنزين·
وكان من الواضح منذ أن شهدت صناعة السيارات قفزاتها الصناعية المتوالية أن هواة القيادة الراقية لا يحبذون شراء السيارات ذات المحرك الذي يحرق المازوت· وبقيت الأمور على حالها إلى أن سجلت أسعار الوقود ارتفاعها الكبير العام الماضي ما أدى إلى زيادة المبيعات من السيارات والشاحنات الخفيفة (البيك آب) المدفوعة بمحرك ديزل في الولايات المتحدة بمقدار الثلث· ومع ذلك فلقد بقي معدل ما يوجد منها في أميركا 3,6 بالمئة من مجموع العدد الكلي للسيارات· أما في أوروبا، فإن الحال يختلف كثيراً حيث يرتفع معدل سيارات المازوت هناك إلى النصف بما يعني أن من بين كل سيارتين هناك واحدة مدفوعة بالمازوت والثانية بالبنزين· وبلغ سعر المازوت مستوى قياسيا خلال شهر أكتوبر الماضي في الولايات المتحدة، التي تتميز بارتفاع أسعار المازوت، حين سجل 3,24 دولار للجالون لكنه انخفض الآن إلى 2,62 دولار للجالون·
ويقول التقرير إن شركة كرايسلر تخطط لبناء أول سيارة ذات استخدامات رياضية (رباعية الدفع) كاملة الحجم ومدفوعة بمحرك ديزل متطور· ومن المرجح أن يتم إطلاق السيارة الجديدة خلال الربع الأول من العام المقبل؛ وهي نسخة الديزل من (جيب جراند شيروكي)· إلا أن الخطوة الكبرى في هذا الاتجاه هي التي ستعتمد في عامي 2008 و2009 عندما ستعمد كل من جنرال موتورز وهوندا وفولكس فاجن إلى إطلاق طرز متنوعة من سيارات مدفوعة بالمازوت·
ويرى الخبراء في هذا التوجّه تشجيعاً لأعداد كبيرة من سائقي السيارات الحانقين على محركات الديزل إلى التراجع عن رأيهم·
عدد اليوم
