الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غزة: «كتائب القسام» لا تريد المصالحة

10 نوفمبر 2010 23:30
يعتبر "أبو خالد" عضواً في الجناح العسكري لحركة "حماس" وهي صفة ما زال يحملها منذ ما يزيد عن 11 عاماً. ولاشك أن مظهره يدل على أنه يصلح لهذا الدور بالفعل. فلحيته الكثة، وملابسه السوداء، وملامحه الصارمة، تشهد كلها على صعوده عبر السنين في صفوف "حماس"، حتى أصبح الآن قائداً من قادة "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري للحركة في مدينة "بيت حانون" الواقعة في شمال غزة بالقرب من حدودها مع إسرائيل. والآن، عندما نسمعه وهو يردد بصوت عذب كلمات أغنية تشدو بها المطربة اللبنانية الشهيرة "أليسا" تنبعث من مذياع مطعم مغمور في هذه المدينة، فإنه يصعب علينا أن نصدق أن هذا الرجل المنسجم مع الأغنية كان من ضمن من خاضوا المعارك الشرسة التي دارت بين مقاتلي فصيلي "حماس" و"فتح" عام 2007، وانتهت بإبعاد حركة "فتح"، الخصم العلماني لـ" حماس"، من قطاع غزة برمته. وعندما سألناه عن رأيه بشأن احتمالات المصالحة مع "فتح"، تغيرت ملامح وجهه، وتوقف عن الترنم، وعاد مرة أخرى لتقمص دور القائد العسكري الخشن قائلاً بحدة: "ليست هناك احتمالات للمصالحة مع فتح... كيف يمكنني أن أتصالح مع من قتلوا أخي... ليست هناك مصالحة أو شيء من هذا القبيل؟". والحال أن معظم سكان القطاع غير متفائلين بأن حماس -المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل- ستنهي الشقاق مع "فتح" التي تسيطر على السلطة الفلسطينية المدعومة دوليّاً والمسؤولة عن إدارة الضفة الغربية، والتي يقودها محمود عباس (أبومازن). ولكن مما لاشك فيه أنهم يريدون تلك المصالحة بالفعل، لأنها لن تؤدي إلى تحسين مستوى معيشتهم، وتمهد لإجراء الانتخابات التي تأخرت كثيراً عن الموعد الذي كان مقرراً لها، وأيضاً لأنها ستؤدي إلى تمكين الفلسطينيين عموماً من رص صفوفهم، والعمل كجبهة متحدة في المفاوضات التي يجرونها في الوقت الراهن مع الإسرائيليين من أجل إقامة دولة لهم في المستقبل. ولكن المصالحة ليست خياراً مطروحاً بالنسبة لأعضاء "كتائب القسام"، الذين يشكلون الجزء الأكبر من قوات الأمن التابعة لـ"حماس". فمشاعر المناهضة التي يشعر بها هؤلاء تجاه "فتح" منذ معارك 2007، لا تزال عميقة، كما أن إبعادهم إياها ولد لديهم شعوراً بامتلاك غزة وبأنهم أصحاب السلطة فيها، وهو شعور لا يعتقد أنهم سيتخلون عنه بسهولة. ويقول "أبو خالد": "لقد قادت القسام المعركة ضد فتح وأهدت غزة لحماس. فقد كانت حكومة حماس في ذلك الوقت ضعيفة إلى أن تمكنت كتائب القسام من امتلاك السلطة وسلمتها لها. وبدوننا لما كانت هناك حكومة لحماس في الأصل". وما يقوله "أبوخالد" يفسر في الواقع السبب الذي يجعل كثيرين لا يرجحون توقيع "حماس" -ناهيك على أن تنفذ- اتفاقية المصالحة المصرية، التي ستعيد هيكلة أجهزة الأمن في القطاع، وتمنح "فتح" نوعاً من النفوذ على تلك الأجهزة. ويقول "مخيمر أبوسعدة"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة: "إن مقاتلي القسام هم الذين أبعدوا فتح من القطاع، وهم الذين تتم الآن مطاردتهم وتعذيبهم في الضفة الغربية، وهو ما يجعلهم يقفون ضد المصالحة مع فتح حتى لو أدى موقفهم هذا إلى انشقاق كبير داخل صفوف حماس ذاتها". ومن المعلوم أن الوثيقة المصرية للمصالحة تنص على تفكيك المليشيات -بما فيها "كتائب القسام" بالطبع كما هو مفهوم وإدماج أفرادها في الأجهزة الأمنية؛ وليس من شك في أن تفكيك القوة التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها تمثل قوة المقاومة الرئيسية ضد إسرائيل، أمر غير مطروح للنقاش بالنسبة لمعظم الفلسطينيين -ناهيك عن أعضاء "القسام" بالطبع. ومقاتلو "القسام"، وقد أضاف دورهم في التصدي للإسرائيليين في حرب غزة 2009 المزيد إلى النفوذ الذي كانوا قد اكتسبوه قبل ذلك بعامين، ينظر إليهم على أنهم أقوى عمليّاً من الحكومة المقالة التي تديرها "حماس". ويرجع ذلك إلى حقيقة أن معظم أفراد الأجهزة الأمنية التابعة للحركة هم في الأصل من مقاتلي "القسام". ويقول "أبوخالد" إن ثلثي رجال الشرطة التابعين لـ"حماس" أثناء النهار يتحولون إلى مقاتلين تابعين لـ"القسام" في الليل. وعلاوة على ذلك فإن كثيراً من قادة حكومة "حماس" هم أعضاء حاليون أو سابقون في ألوية "القسام"، أو ممن لهم أبناء من أعضائها. يشار إلى أن محادثات المصالحة مع "فتح" تجري من قبل قيادة الحركة الموجودة في سوريا وليس من خلال حكومتها المقالة التي تدير غزة. ويقول زعماء "القسام" إنهم يدينون بالولاء للقادة السياسيين للحركة وسيطيعون الأوامر التي يصدرونها إليهم، وإن كانوا على ثقة في الوقت نفسه بأن تلك الأوامر لن تتضمن الموافقة على إجراء مصالحة مع "فتح". ولكن "أحمد يوسف" نائب وزير خارجية "حماس" يهون من شأن تلك الأقوال بتلويحة من يده قائلاً: "إنهم يحترمون قادتهم السياسيين ويلتزمون بالقوانين وبما يقوله لهم هؤلاء القادة"، مضيفاً: "هؤلاء الرجال يشمون رائحة البارود والرصاص طيلة الوقت ولذلك لا تعتمدوا على ما يقولون، فالذين سيقررون في النهاية هم السياسيون". وفي بداية شهر أكتوبر الماضي، عقد قادة "القسام" في غزة مؤتمراً صحفيّاً شجبوا فيه حوادث القبض على مقاتليهم في الضفة الغربية من قبل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وهددوا بالانتقام من أعضاء "فتح" الموجودين في القطاع. ويعلق "أبو سعدة" على ذلك بقوله: "كيف يمكن لجهود المصالحة الفلسطينية أن تنجح في الوقت الذي لا نزال نسمع فيه لغة التهديد والشجب". كريستن تشيك - غزة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©