السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من فقه الدين والدنيا

من فقه الدين والدنيا
17 أكتوبر 2006 02:04
زكاة الحُلي أحمد محمود: النساء يعشقن اقتناء المشغولات الذهبية والتزين بها أو الاحتفاظ بها في المنزل فهل على هذه الحُلي زكاة؟ ويجيب الدكتور اسماعيل عبدالرحمن عُشب -استاذ مساعد الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر فرع دمنهور- بأن الفقهاء اختلفوا في وجوب الزكاة في حُلي المرأة وهو ما تتحُلي به المرأة لتتجمل به وتتزين لزوجها من الذهب أو الفضة اذا بلغت نصابا وكانت مباحه وهما على قولين ،الاول ان حُلي المرأة المتخذة من الذهب أو الفضة اذا بلغت نصابا وكانت مباحه لا تجب فيها الزكاة وهذا هو قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة ومن وافقهم من الامامية وغيرهم والقول الثاني يرى ان حُلي المرأة من الذهب أو الفضة تجب فيها الزكاة حتى ولو كانت تتجمل بها وتتزين لزوجها وهذا هو قول فقهاء الحنفية وبعض المالكية وأشار د اسماعيل عُشب الى ان سبب اختلاف الفقهاء في هذه المسألة يرجع الى النظر الى المادة التي تصاغ الحُلي منها ذهبا كانت أو فضة وهذه المادة خلقها الله تعالى لتكون نقودا يتداولها الناس فيتعاملون بها بيعا أو شراء فاذا استعملت في التحلي تعطلت مصالح العباد ومن أجل ذلك فإن الفقهاء الذين اوجبوا الزكاة في الحلي المتخذة من الذهب أو الفضة اذا بلغت النصاب نظروا الى هذا الموضوع نظرة اقتصادية لكونها أدخرت ومنعت من التعامل فهي مما يجلب على الناس المشقة ومن الفقهاء من نظر الى هذه المسألة من زاوية أن تصنيع هذا الذهب أو الفضة على هيئة ملبوس يكون شبيها بالشيء المقتني كما يقتني الانسان أثاثا فاخرا أو ثيابا غالية الثمن وهذه المقتنيات لا زكاة فيها لكونها من الامور التي يباح للانسان الاستمتاع بها دون قيد أو شرط وأوضح د عُشب أن أصحاب الفريق الأول القائل بعدم وجود الزكاة في حُلي المرأة استند الى قوله تعالى ''لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها'' وأن وجه الدلالة في هذه الآية الكريمة هو أن الله تبارك وتعالى سخر للانسان البحر ليأكل منه لحما طريا ويستخرج منه حليا يتحُلي بها، ان اراد ذلك أو اشتهت نفسه وقوله تعالى ''ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زيد مثله'' وتدل الآية على أن الله تبارك وتعالى أنعم على الانسان بنعم كثيرة منها أنه أباح له الاستمتاع بالحلي المباحة وكذلك قوله تعالى ''أو من ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين'' وتدل هذه الآية على أن هناك حليا اباح الله تبارك وتعالى الاستمتاع بها للبشر وهذا نوع من تكريم الله لهم ومن السنة وردت دلالات كثيرة تؤكد الرأي القائل بعدم خروج زكاة عن حُلي المرأة منها ما روي عمر بن دينار قال: سُئل جابر بن عبدالله ''أفي الحُلي زكاة؟'' قال: لا وبما روى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال''ليس في الحلي زكاة'' كما روي انس بن مالك رضي الله عنه قال ''ليس في الحلي زكاة'' ومما يؤكد صحة اصحاب القول الأول ما أثر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها انها كانت تحلي بنات اخيها ''يتامي في حجرها'' الحلي فلا تخرج عن حليهن الزكاة'' وكذلك بما أثر عن ''أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها انها كانت تحلي بناتها بالذهب قيمته خمسون الفا ولا تزكي'' كما استدل أصحاب هذا القول بما قاله بعض الصحابة رضوان الله عليهم ''انه لا زكاة في الحلي'' ولقد ورد في الأثر أن نساءهم كانت تتحُلي بالذهب والفضة ولا تؤدي الواحدة منهن الزكاة فلو كانت الزكاة في الحلي واجبه لقامت الواحدة منهن بإيتاء الزكاة فيه ومما يدل ايضا على القول بعدم وجوب الزكاة في الحلي أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا قريبي عهد برسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر الذي يجعل اقوالهم وافعالهم حجه دامغه وبرهانا قويا على أنه لا زكاة في الحلي ويؤكد صحة هذا القول ايضا أن العقل يدرك تمام الادراك ان الحُلي تقاس على الثياب الفاخرة التي من الممكن ان تقتنيها النساء فكما أن الثياب غالية الثمن لا زكاة فيها فكذلك لا زكاة في الحُلي وأشار دعُشب الى أن ادلة اصحاب القول الثاني القائل بإخراج الزكاة على الحلي تعتمد على القرآن والسنة والمعقول ففي القرآن قوله تعالى ''والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم'' وهذه الآية تشير الى وجوب الزكاة في الذهب والفضة ويدخل في حكم الوجوب حلي المرأة المتخذ منهما أو من أحدهما لكون الآية تدل على الوجوب دون تفرقة بين ما كان ذهبا أو فضة مكتنزة أو للتحلي أما السنة: فقد روى عن طريق عمرو بن شعيب عن ابيه عن جدة ان امرأة اتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب قال: لها ''اتعطين زكاة هذا؟'' قالت: لا قال: ''ايسرك ان يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ قال: فخلعتهما فالقتهما الى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ورسوله'' وفي رواية أن امرأتين أتيتا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ايديهما سواران من ذهب فقال: ''أتؤديان زكاتهما؟'' قالتا: لا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ''اتحبان ان يسوركما الله بسوارين من نار؟ قالتا: لا قال: فأديا زكاتهما'' ومن أدلة السنة التي توجب الزكاة في الحلي ايضا ما روى عبدالله بن شداد قال ما معناه: دخلنا على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي شيئا من ورق ''يعني من فضة'' فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت! صنعتهن اتزين لك يا رسول الله قال: اتؤدين زكاتهن قلت: لا قال: هو حبك من النار'' ومما يدل ايضا على وجوب الزكاة في الحلي ما روي عن أن زينب امرأة عبدالله بن مسعود رضي الله عنها: قالت: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة'' وروي ايضا عن عطاء بن ابي رباح قال: بلغني أن أم سلمه رضي الله عنها قالت: كنت ألبس أوضاحا من ذهب فقلت يا رسول الله أكنز هو فقال: ''ما بلغ ان تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز'' أما المعقول فإنه طالما أن التبر فيه الزكاة فكذلك تجب على الحلي ويرجع الدكتور اسماعيل عُشب العمل بالقول الاول بعدم وجوب زكاة حُلي المرأة نظرا لسهولته ولتمشية مع متطلبات الشريعة الاسلامية التي تنادي بالتيسير على الناس ورفع الحرج عنهم قدر الامكان
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©