الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوميات صائم

17 أكتوبر 2006 02:08
ذكريات الصيام في الغربة خلال سنوات الدراسة التي قضيتها في مدينة بورتلاند بولاية أوريجون في الولايات المتحدة كان يَقدُمُ علينا شهر رمضان في منتصف فصل الشتاء مما يجعل الصيام أسهل من صيام الصيف بكثير، فلا يشعر المرء بالجوع أو العطش نظرا لقصر فترة النهار الذي لم يكن يتجاوز 10 ساعات·· كما أن برودة الجو تدعوك إلى عدم التفكير في شرب الماء حتى في غير أوقات الصيام· أكثر ما يميز الصيام في الغربة هو جو التآلف والتكاتف الذي كان يجمع بيننا نحن الطلاب الإماراتيين في المدينة التي كنا نقطنها وهو ما خفف علينا كثيرا من آلام الغربة·· وكان عدد الذين يحضرون مائدة الإفطار اليومي خلال الشهر الفضيل يتراوح ما بين 25 و 35 طالبا· كنا نجتمع على مائدة الإفطار في منزل أحد الشباب·· وكان هو المكان الأنسب نظرا لاتساع الصالة التي كانت تستوعب الأعداد الكبيرة من الطلبة· وفي إحدى السنوات قمنا باستئجار شقة واسعة على مدى شهر رمضان ليجتمع فيه الشباب لتناول الإفطار وصلاة التراويح· الجميع كان يتنافس لحجز يوم من أيام رمضان ليتكفل فيه بتفطير الصائمين والذي كان غالبا ما يُحضَّر بالاتفاق مع إحدى المطاعم العربية أو الإيرانية، أو أن يقوم الشخص بإعداد الإفطار بنفسه· وبالرغم من أن مائدة الإفطار لم تكن مختلفة كثيرا عن موائدنا هنا، إلا أنه كان يتميز أحيانا بنكهة خاصة·· فالهريس الذي يتبرع أحد الشباب بإعداده يصلنا على المائدة إما محترقا أو أنه جامد صلب، أو ملحه زائد وكأنه صنع من ماء البحر الميت أو قليل الملح وكأنه طعام مستشفى أعد لمريض يعاني من ضعط الدم! ·· وبالرغم من ذلك فإن ''طعام البلاد'' يعد صيدا ثمينا لا يمكن أن يفوِّته أحد بعد أن ملَّ الجميع من الماكدونالدز والبيرجر كينغ والبيتزا هت وغيرها من وجبات مطاعم ''الفاست فود'' الأميركية· أما أفضل الأطباق التي كانت تصلنا فهي من بيوت الشباب المتزوجين·· وكان يختفي محتوى الطبق خلال دقيقتين من وضعه على السفرة بعد أن يهجم الصائمون عليه، وحينها يتجاهل الجميع أطباق ''العزّابية'' التي تظل مركونة في أماكنها على السفرة ولا تمتد إليها الأيادي إلا بعد الانتهاء من أطباق المتزوجين· أسوأ ما كان في رمضان أيام الدراسة في أميركا هو أن يتزامن وقت الإفطار مع محاضرة في الجامعة·· فكان سيء الحظ هذا تفوته لمّة الشباب ومائدة البلاد الشهية وطبق الهريس والعيش واللحم والساجو واللقيمات وأطباق الحلويات·· ويضطر هذا المسكين بعد الانتهاء من المحاضرة إلى الذهاب إلى إحدى مطاعم الفاست فود لأنه بالتأكيد لم يبق شيء على سفرة الإفطار ليس بسبب جوع الشباب فحسب ولكن لأن ''أكل البلاد ما يتفوّت!'' في الغربة كان بعض الشباب غير الصائمين يُكشفون وهم يتناولون وجبة الطعام في كافتيريا الجامعة·· ومن القصص الطريفة التي حصلت أن أحدهم رأى آخر يرتشف من كوبا من الكابوتشينو وهو خارج من مبنى الجامعة·· فقال له يا فلان هل أنت فاطر؟ فقال لا وإنما أدفئ يدي الباردتين بالكوب الساخن! أحمد المنصوري
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©