السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أمرلي».. أزمة إنسانية في بلدة عراقية

31 أغسطس 2014 23:38
مايكل نايتس زميل بمعهد «واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» في نهاية هذا الأسبوع، بدا العالم أخيراً وكأنه قد أفاق للأزمة الإنسانية التي تلوح على بلدة «أمرلي»، وهي بلدة صغيرة يقطنها 12 ألفا من التركمان الشيعة في شمال العراق، والتي تعرضت لهجوم تنظيم «داعش» الإرهابي لأكثر من ستين يوماً. ويوم السبت، دعا مبعوث الأمم المتحدة في العراق «نيكولاي ملادينوف»، في تغريدة له إلى تقديم يد المساعدة لتخفيف حصار أمرلي وضمان وصول المساعدات الإنسانية. وأضاف «أحث الحكومة العراقية على القيام بكل ما في وسعها لتخفيف الحصار، وضمان حصول السكان على المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، أو أن يتم إجلاؤهم على نحو يحفظ كرامتهم». وحذرت الأمم المتحدة السبت الماضي من مذبحة قد تتعرض لها ناحية «أمرلي» حيث يحاصر تنظيم «الدولة الإسلامية» المتطرف آلاف العوائل منذ أكثر من شهرين، فيما دعا رئيس الوزراء المكلف إلى تقديم الدعم العسكري والإنساني فورا لهم. وقال إن «حلفاء العراق والمجتمع الدولي يجب أن يعملوا مع السلطات من أجل منع وقوع مأساة على صعيد حقوق الإنسان هناك». وتعد قرية «أمرلي»، هي الطائفة الشيعية الكبرى الوحيدة، التي لا تزال وراء خطوط الجبهة في «داعش». وفي البلدات المجاورة، تم فصل العائلات التركمانية الشيعية، حيث أخذ الرجال والأولاد ليتم قتلهم، بينما نقلت النساء والفتيات بعيداً بالحافلات لاستخدامهن كدروع بشرية، أوبيعهن كالعبيد أو اغتصابهن وقتلهن في بعض الأحيان. والآن، يبدو تنظيم «داعش» الإرهابي، وكأنه يضاعف جهوده لاجتياح البلدة، حيث تتمركز قواته على بعد أقل من ميل من محيط مؤقت أقامه السكان الذين يفتقرون إلى التسليح الجيد، أما صواريخها فتجعل من المستحيل على المروحيات العراقية جلب الإمدادات وإخراج السكان الأكثر عرضة للخطر. وإذا فشل الدفاع الهش، فإننا نواجه خطر وجود «مذبحة سربرنيتسا» أخرى، والتي وقعت في شهر يوليو من عام 1995 وقُتل أثناءها أكثر من ثمانية آلاف مدني بوسني تحت سمع وبصر الأمم المتحدة. ومع وجود ملاذ آمن يقع على بعد أربعة أميال فقط في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال البلاد، فإن المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، في حاجة إلى التدخل على الفور لتسهيل فتح ممر للإغاثة يصل إلى «أمرلي». ومن ناحية أخرى، فإن وجود الآلاف من المدنيين الشيعة في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، يقدم للحركة الإرهابية الفرصة للقيام باستفزاز عرقي، والذي سيفوق جرائمها السابقة، ويُغرق العراق إلى غير رجعة في تفكك كامل. وإذا استطاعت الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران تحرير «أمرلي» بطريقتها الخاصة، فإن أي عملية إغاثة قد تتحول إلى حالة من الهياج الطائفي بينما تنتقم هذه القوات من السكان السُنة المحليين. ولكن إذا قامت الولايات المتحدة بتسهيل الجهود المشتركة لإغاثة بلدة «أمرلي»، على غرار الاستيلاء مؤخراً على سد الموصل، فإن القتال ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في العراق، يمكن تعزيزها إلى حد كبير من خلال مثال آخر للتعاون بين الحكومة الفيدرالية وحكومة كردستان الإقليمية. إن تقديم الإغاثة لهذه البلدة يوفر إمكانية تقديم حل مرضٍ لامثيل له لجميع الأطراف: حيث ستتمكن كل من بغداد وإيران من حماية الطائفة الشيعية، التي قد تتعرض للخطر جراء عمليات التنظيم، بينما ستُثبت كردستان للأقليات غير الكردية بها أنها تستطيع حمايتهم. أما تركيا، وهي الحامي التاريخي للتركمان، فبإمكانها أن تضطلع بمسؤولياتها، والأكثر ترجيحاً أنه بمقدورها الإقدام على تنفيذ إجلاء طبي جوي، كما فعلت عندما انفجرت شاحنة ملغومة في البلدة عام 2007. وقد حاول العراقيون مراراً وتكرارا إغاثة بلدة «أمرلي» بأنفسهم، غير أن محاولاتهم باءت بالفشل. وفي الثامن من شهر أغسطس الجاري، سعى طابور من الميليشيات الشيعية، التي تدعمها إيران إلى اختراق البلدة من الشمال، لكن دبابات «داعش» أطلقت عليه النيران وحولته إلى أشلاء. وقد كان بإمكان طائرة أميركية واحدة من دون طيار تدمير الدبابة من دون أي خطر يذكر لقوات صديقة أو للمدنيين. وبعد عملي في العراق لمدة تزيد على عشر سنوات، لم أستطع بسهولة الدفاع عن أي استخدام للقوة من قبل الجيش الأميركي. لكن «أمرلي» تمثل فرصة واضحة على نحو غير عادي لتقليل المعاناة الإنسانية، وإضعاف «داعش» وتحييد الخطر الرئيسي الذي يحدق باستقرار العراق. وفي الواقع، فإن بلدة «أمرلي» تمثل وضعاً مروعاً وفريداً، لكن الحل بسيط ويمكن تحقيقه - القيام بشن ضربات جوية أميركية بالتنسيق مع هجوم من قبل بغداد وإقليم كردستان لفتح ممر إنساني. وحتى تتسنى المساعدة في إنقاذ هذه البلدة، تحلق فوق العراق الآن طائرة من دون طيار من طراز «بريداتور»، حاملة صاروخ «هيلفاير»، من الممكن إطلاقه يوماً ما على دبابة ضخمة، أو قد يتمكن من إنقاذ 12 ألف شخص، إذا تم استخدامه، وبالفعل ساهمت قوات عراقية وأميركية في تخفيف الحصار المفروض على هذه البلدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©