الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلم النافع والعمل الصالح

15 أغسطس 2011 23:26
رمضان شهر القرآن، خصه الله تعالى بإنزال القرآن العظيم، قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) «البقرة، 185»، وأعظم من حدث انقشعت به سحب الضلالات والأوهام وأشرقت به الأنوار، وأفاض سبحانه بهذا الكتاب العزيز أكبر نعمة على عباده وأشمل رحمة للعالمين، يهدي به الله من اتبع هداه سبل السلام ويخرجه من الظلمات إلى النور، فهو شفاء لما في الصدور من العقائد المنحرفة والسلوكيات المشينة. والمتأمل في أولى آيات القرآن نزولا في سورة العلق، يدرك بجلاء أن في مطالبة القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة حافزاً يدفع بالمجتمع إلى الرقي بجميع معانيه، ولا يتحقق ذلك إلا بالأخذ بناصية العلم والمعرفة. جاء الإسلام بكل ذلك لأن المجتمعات لا يقومها ولا يرقيها غير العلم، فبالعام نبدد سحب الجهل ونخرج المجتمع من الظلمات إلى النور، ونقضي على التقليد وندفع المجتمع إلى الأخذ بأسباب الرقي والتحضر، وبالعلم يفهم الدين فهما يستجيب لمتطلبات العصر وبه تزدهر المعارف وتبنى الحضارات وتتأسس المدنيات، وهو السبيل الكفيل بتحقيق تقدمنا ونماء ثروتنا وطموحاتنا في العيش الكريم حتى نضمن استقلالنا وحريتنا ونعرب عن مكانتنا وتميزنا ونسهم في الحضارة الإنسانية حضارة العلم والتكنولوجيا. وهذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن لم يكن شهر الركون للعبادة والاسترخاء عن العمل بل على العكس من ذلك، إنه في حقيقته شهر طاعة وعبادة وعمل، فهو الشهر الذي تضاعف فيه الحسنات ويجزل فيه الثواب والأجر، شهر جمع بين الطاعة بالعبادة وتحقيق السمو الروحي وتزكية النفس، والطاعة بالاجتهاد في العمل، لذلك حرص المسلمون على بذل الجهد فيه لاغتنام أوفر الأجر وخير الجزاء. فأمة الإسلام هي أمة إيمان وعلم وعمل، وبما أن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، لذلك دعينا للعمل، وإنما يحاسب الناس في آخرتهم عن أعمالهم وإنما يرتقي الناس في مدارج الرقي والفضل والمراتب بأنماط أعمالهم، وكلما كان العمل أفيد كان الجزاء أفضل. ورمضان كغيره من سائر الشهور هو شهر العمل والعبادة والتقوى وصلاح القول والعمل لكن الأجر يكون أفضل وأعظم في هذا الشهر لتميزه بنزول القرآن الكريم ولتميزه بطاعة الصيام، ويخطئ من يتصور أن هذا الشهر هو شهر السهر والسمر أو شهر الإقبال على الاستهلاك وملء البطون ويتصور أن هذا الشهر شهر التكاسل وأن الجهود فيه تضعف، ويخطئ من يعتقد أن من خصائص رمضان الغش في السلع والتلاعب في الأسعار، لأن رمضان في جوهره شهر السمو الروحي وشهر صفاء النفس ومجاهدتها ومقاومة الهوى والإغراءات والشهوات. وعندما نتدارس القرآن الكريم نلاحظ الاقتران بين الإيمان والعمل الصالح، والعمل الصالح في مفهومه العام والشامل لا يقتصر على العبادة وحدها إنما يتعداه لكل جهد يبذل فيه تحقيق المنفعة للبلاد والعباد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©