الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ادبيات الحوار بين الاسلام والغرب

ادبيات الحوار بين الاسلام والغرب
17 أكتوبر 2006 23:47
توحيد الخطاب حول حوار الأديان الاتحاد - خاص: ''إن تحقيق السلام في العالم يتوقف على تحقيق السلام بين الأديان ولن يتحقق ذلك إلا بإجراء حوار بين هذه الأديان''·· هذه العبارة قالها هانز كونج وهو أحد علماء الأديان المعاصرين المستنيرين فى ألمانيا· ومن شروط نجاح أي حوار أن يكون كل من طرفي الحوار نداً للآخر· الأمر الذي يفرض ضرورة تحقيق المساواة التامة بينهما، في كل ما يتعلق بالحوار المطلوب إجراؤه بين الطرفين· ويقتضي الحوار الناجح أن تكون هناك قضية محددة يتحاور الجانبان بشأنها· وفي هذه الحالة من الواجب أن يتم تحديد عناصرها والاتفاق حول خطاب أساسي يدور النقاش حوله حتى لا يدور الحوار في حلقة مفرغة أوداخل مربع واحد يصعب التحرك منه قيد أنملة· وقام الباحث المصري حسام تمام في دراسته ''حوار الأديان ·· خطابات متعددة '' (على موقع اسلام أون لاين) برصد سبعة أنواع مختلفة من الخطابات التي تتردد في مجال حوار الأديان· وبصرف النظر عن القبول أو الرفض، فإن التوقف عندها يكشف إلى أي درجة هناك غبار كثيف حول مسألة الحوار ،مما يخرجه دائما عن السياق أو الغرض النبيل المطلوب تحقيقه· الأول، الخطاب الأخلاقي· ويركز على القاعدة الأخلاقية للأديان، ويسعى لتأكيد وجود قيم أخلاقية مشتركة بين الأديان يمكن من خلالها إرساء قاعدة يلتف حولها أصحاب الأديان المختلفة· وشهد هذا الخطاب رواجا بين علماء الأديان في الفترة الأخيرة، خاصة مع تزايد موجة الانحلال الخلقي التي شملت أنحاء العالم· لكن يتسم هذا الخطاب بعيوب فادحة تجعله خطابا تلفيقيا توفيقيا لا يبحث عن المعرفة واكتشاف الآخر، إنما يقوم على صياغة توليفة مشتركة بين الأديان يمكن أن ينتج عنها ما يطلق عليه بـ ''الأخلاق العالمية'' من خلال منهجية متعارضة الأبعاد، فمن جانب، فإن المدخل الأساسي للإيمان بالدين هو العقيدة وليس الأخلاق، ومن جانب آخر فالأخلاق نفسها نسبية من دين إلى آخر، ولا يمكن الحديث عن توحيد أو عولمة الأخلاق· والثاني، يوصف بالخطاب التوافقي، وهو يبحث عن نقاط الاتفاق والتلاقي بين الأديان· ويمتد إلى البحث عن المشترك بين العقائد والشرائع والعبادات أيضا،معتمدا بدرجة أساسية على علم مقارنة الأديان· ويعاني هذا الخطاب من نفس الخلل المنهجي الذي يقع فيه الخطاب الأخلاقي· وتزداد خطورته عندما يرتبط بأهداف سياسية كمشروعات السلام التي يروج لها في كثير من مناطق الصراع الديني، فهذا الخطاب ينتهي بأصحابه إلى أن الكل شيء واحد وأن التمايز بين الأديان شكلي أو ربما مفتعل، اعتمادا على أن المشترك أكبر من نقاط الخلاف· والثالث، الخطاب البراجماتي (العلمي)· وهو لا يتحدث في الأديان كأديان، لكن في موضوعات علمية وقضايا متفجرة يحاول بحث موقف أهل الأديان منها بما يمكن أن يؤدي لإيجاد حلول لها مثل: الحروب والاضطهاد الديني، التفرقة العنصرية وغيرها· وتعتمد على هذا الخطاب عدد من منظمات الحوار في العالم· ولا يحمل هذا الخطاب ضررا كبيرا في ذاته، لكنه يتجاهل استحالة التغاضي عن الخلفيات الدينية عند المشاركة في حل الخلافات والنزاعات المتفجرة· والرابع، الخطاب المؤسساتي، الذي تتبناه المؤسسات الدينية الرسمية أو شبه الرسمية ·وتكمن مشكلة هذا الخطاب في أنه يرتبط مباشرة بالحالة السياسية ويتأثر بها، خاصة وأن المؤسسات الدينية في العالم لم تعد بعيدة عن السياسة· مثل، تأثر خطاب بعض العلماء الرسميين في بعض البلدان العربية تجاه اليهود، فخطاب بعضهم شهد تغيرا ملحوظا مع بدء ما يسمى ''بمسيرة السلام''في المنطقة· والخامس ،الخطاب التاريخي،الذي يتعامل مع الدين بوصفه تاريخا أو مجموعة من التراكمات التاريخية تختلط بأصل الدين نفسه حتى تصبح جزءا منه فتتحول فيه الأحداث بل وأحيانا الممارسات التاريخية إلى دين· وهذا الخطاب يبدو أكثر وضوحا عند اليهود بشكل خاص فالسبي البابلي والروماني وهدم المعبد وبناء الهكيل، وغيرها من الأحداث التاريخية اختلطت بالعقيدة والدين اليهودي نفسه وسيطرت على الخطاب الديني في الحوار مع الآخر· والسادس، الخطاب التآمري، الذى يرى أن فكرة الحوار نفسها مؤامرة تهدف إلى تشكيك المتحاور في عقيدته وإثبات صحة عقيدة الآخر· وهو يعتبر شكلاً سلبياً من أشكال الحوار الديني، وهو يتسم بالسهولة والابتسار، ولكنه يؤدي إلى التقوقع حول الذات وعدم إدراك الآخر ويقود إلى الاختزالية والتبسيطية التي تصور حركة العالم كله في شكل مؤامرة تحاك وتدبر· والسابع، الخطاب التبشيري، ويقوم على محاولة إقناع الآخر بصحة عقيدة الذات وأفكارها وإدخاله في إطارها، وهو أقرب إلى مساجلة الأديان، وإن كان البعض يستعمله في حوار الأديان· وإشكاليته في أنه لا يرى مستقبلاً للعلاقة مع الآخر إلا باستقطابه· واذا كانت الخطابات المتعددة تعد جزءا من الممارسة الواقعية للحوار، فإنها في تقدير حسام تمام تختلف مع جوهر فكرة ''حوار الأديان'' القائمة على إدراك الآخر وإدراك الذات معا، دونما اختزال أو تبسيط لأي منهما لصالح الطرف الثاني·ومع ذلك هناك نوعان من الخطاب يقتربان من حوار الأديان بهذا المفهوم ويعدان أقرب هذه الخطابات إليه وهما: الخطاب الأصولي والخطاب الاختلافي· والأول خطاب معرفي يلتزم بالنصوص المقدسة للدين، وينطلق من أصوله الثابتة ويبني عليها بالتفسير أو إعادة قراءتها وإنتاجها مرة أخرى في ضوء واقع جديد ومتغير، وهو لا يسعى للبحث عن نقاط اتفاق أو اختلاف مع الآخر، ولا يسعى إلى إدراكه ورؤيته عبر النص الثابت المطلق المقدس عنده وفي ضوء منطلقات وضوابط النص الديني المقدس دون التأثر بالملابسات السياسية أو التاريخية أو الخلفيات الفكرية والثقافية، وهو أقرب الخطابات لفكرة حوار الأديان· أما الخطاب الثاني (الاختلافي) فيقترب من الخطاب الأصولي مع بعض الفروق· فهو خطاب يبحث عن نقاط الاختلاف مع الآخر لتأكيد التميز واكتشاف الذات على حقيقتها، ورغم اقترابه من فكرة الحوار إلا أنه مغرق في إثبات التميز بما قد يؤدي إلى الإغراق في الذاتية والبعد عن الموضوعية، وقد ينتهي أحيانا إلى إنكار كل تقارب أو تماثل مع الآخر· وكالة الأهرام للصحافة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©