الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بصائر» هداية للناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور

«بصائر» هداية للناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور
11 نوفمبر 2010 20:44
“بصائر” جمع بصيرة وتزيد معانيها في اللغة على الثلاثين والبصيرة هي نور القلب، وهي تمييز ما يلتبس على العين والعقل في الماديات والمعنويات وتمييز ما ليس للعين والعقل عمل فيه مثل التشريعات في العبادات، وجاء القرآن الكريم جامعا لهذه الأنواع كلها فسمي بصائر، وأجمع جمهور المفسرين على أن “بصائر” اسم من أسماء القرآن واستدلوا على ذلك من خلال قوله تعالى: “قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ” (سورة الأنعام، الآية 104) وقوله تعالى: “قل إنما اتبع ما يوحى إليَّ من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون” -سورة الأعراف- الآية 203، وقوله سبحانه:”هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون” (سورة الجاثية، الآية 20). بينات وحجج وحول تفسير هذه الآيات يقول ابن كثير: البصائر هي البينات والحجج التي اشتمل عليها القرآن وما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فمن ابصر فلنفسه فقد فصّل الله سبحانه وتعالى الآيات من بيان التوحيد، وانه لا إله إلا الله وأوضح وبين وفسر الآيات في كل موطن لقوم يعلمون الحق فيتبعونه، والباطل فيجتنبونه. وقال القرطبي: هذا أمر من الله جل ثناؤه لنبيه -صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهؤلاء المكذبين، قد جاءكم ما تبصرون به الهدى من الضلال، والإيمان من الكفر. والبصائر جمع بصيرة والبصائر الهدى في القلوب وليست ببصائر الرؤوس وبصائر أي بينة فمن تبين حجج الله وعرفها وأقر بها وأمن بما دلته عليه من توحيد الله وتصديق رسوله وما جاء به، فإنما أصاب حظ نفسه ولنفسه عمل واياها بغى الخير، ومن لم يستدل بها ولم يصدق بما دلته عليه من الايمان بالله ورسوله وتنزيله، ولكنه عمي عن دلالاتها، فنفسه ضر، واليها أساء لا إلى غيرها. وقال مفسرون آخرون قل - أيها النبي - قد جاءكم من خالقكم ومالك أمركم حجج وبينات في القرآن تنير لكم طريق الحق، فمن انتفع بها فانتفاعه لنفسه، ومن اعرض عنها فقد جنى على نفسه وأنا رسول أبلغكم ما أرسلت به إليكم، فنحن نعرض آيات في القرآن منوعة مفصلة لنقيم الحجة بها على الجاحدين، فلا يجدوا إلا اختلاق الكذب، فاعبدوا الله وحده المتصف بصفات الكمال هو ربكم لا إله غيره خالق كل شيء مما كان ولما سيكون، واذا لم تأت الكفار بأية مما يطلبون عنادا وكفرا، قالوا هلا طلبنها؟ قل لهم ما اتبع إلا القرآن الذي يوحى إلي من ربي، هذا القرآن حجج من ربكم تبصركم وجوه الحق وهو ذو هداية ورحمة للمؤمنين لانهم العاملون به. ويا أيها المؤمنون إذا تلي عليكم فاصغوا إليه لتتدبروا مواعظه واحسنوا الاستماع لتفوزوا بالرحمة، وهذا القرآن المنزل عليكم دلائل للناس تبصرهم بالدين والحق وهدي يرشدهم إلى مسالك الخير، ونعمة لقوم يستيقنون بثواب الله وعقابه. إسعاد للبشرية والقرآن الكريم انزله الله تعالى على خاتم رسله ليكون آخر الكتب المنزلة إلى الناس كافة، مشتملا على ما فيه إسعاد للبشرية وإصلاح حالها في عاجلها وأجلها ودنياها وآخرتها وتنزل حسب الوقائع والحوادث مشتملا أصول العقائد من الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر، والعبادات والفروع والأحكام الشرعية وفيه نبأ من قبلنا وخبر من بعدنا وحكم ما بيننا، ففيه قصص الأنبياء والمرسلين والأمم والجماعات والأشخاص والكائنات والمسيرة التاريخية للجماعة البشرية وفيه عبرة لمن اعتبر وذكرى لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد، وينطق بسنة الله تعالى التي لا تتخلف في إهلاك الضالين الظالمين، ونجاة المهتدين الراشدين، وان دنيا الناس على طول العصور والدهور لا تصلح بغير دين الله، وان الإنسانية أيا كانت لا تتحقق سعادتها المنشودة إلا إذا استضاءت بهدي الله ورسالاته وفيه خبر ما بعدنا وأحوال اليوم الاخر وحياة الدار الأخرة يوم يقوم الناس لرب العالمين، وفيه حكم ما بيننا من المشاكل والمسائل التي نحتاج فيها إلى بيان وإرشاد من المسائل الاعتقادية والفكرية، والمسائل الأخلاقية والسلوكية والمعاملات المالية وفروع العبادات والأحكام الشرعية، فما من حكم شرعي ديني أو قضية أو مشكلة تلامس دنيا الناس وحياتهم إلا وله في كل ذلك عرق ينبض أو معين لا ينضب وله هدى وبيان وإرشاد إما بالنص أو الاستنباط “يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم” -المائدة- 15و16 . مشعل هداية لقد كان هذا القرآن العظيم مشعل هداية على طريق الإنسانية أضاء لها وأخذ بأيديها إلى الحق والى صراط مستقيم، وكان نقطة تحول في تاريخها الطويل، وانتقل بها من حياة الإثم والفساد والضلال إلى حياة الخير والحق والرشاد، بالقيم والمفاهيم والمعايير مما صعد بالإنسانية من دركها الأسفل الى أبهج صورها وأسمى كمالاتها. فالهدايات والمعاني التي تضمنها القرآن، لا يمكن معرفتها إلا بتفسير نصوصه وآياته، ومقاصد القرآن هي بيان التوحيد وبيان الوعد والبشرى للمؤمن المحسن، وبيان الوعيد والإنذار للكافر والمسيئ، وبيان العبادة وطريق السعادة في الدنيا والأخرة، وقصص الذين اطاعوا الله ففازوا، والذين عصوه فخابوا، دعوته صادقة حق لا ريب فيها، كتاب كامل احتوى أصول الدين الثلاثة، الايمان بالله، والايمان بالبعث والعمل الصالح لا يرتاب عاقل منصف في انه من عند الله ولا في صدق ما اشتمل عليه من حقائق وأحكام وفيه الهداية الكاملة للذين يستعدون لطلب الحق، ويتوقون الضرر وأسباب العقاب. دستور خالد يقول الدكتور محمد فتحي فرج في كتابه “إعجاز القرآن في الفكر المعاصر”: القرآن هو كلام الله النهائي للبشر أنزله وحيا على رسوله صلى الله عليه وسلم فهو كتاب المسلمين ودستورهم الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيه الأحكام والشرائع والاداب والمعاملات وتفصيل الحلال والحرام وبيان المغيبات من الأخبار والقصص وبه المواعظ وضرب الامثال ما فيه مزدجر كما أن فيه إخبارا بالبعث وتذكيرا بالحساب ووصفه وبيانا لليوم الآخر ومناقشة الناس فيه ما لم يذكر في أي كتاب اخر أو أخبرت به شريعة أخرى ولذلك فإن ربنا جل وعلا يذكرنا بهذه النعمة الكبرى فيقول “واذكروا نعمة الله عليكم وما انزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به” -سورة البقرة - الآية 231. وقد يخطئ العقل في إدراكه كما تخطيء الحواس، ومن ثم احتاج الإنسان إلى هداية ترشده في ظلمات أهوائه إذا غلبت على عقله، وتبين له حدود أعماله ليقف عندها ويكف يديه عما وراءها، لذلك فهو في أشد الحاجة إلى الدين الذي جاء مفصلا في القرآن الكريم ليكون “بصائر” للناس.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©