الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاقتصاد العالمي يعاني ارتفاع تكلفة الكوارث الطبيعية

الاقتصاد العالمي يعاني ارتفاع تكلفة الكوارث الطبيعية
23 يناير 2012
شهدت السنة الماضية أعلى تكلفة نتجت عن الكوارث الطبيعية حتى الآن حيث الزلازل التي ضربت اليابان ونيوزيلندا والفيضانات التي اجتاحت تايلاند وأستراليا والأعاصير التي عصفت بأجزاء من أميركا. وهذه الظواهر ليست نتاج التغير المناخي كما هو متعارف عليه. ولا يوجد دليل كبير يشير إلى ارتفاع معدل الأعاصير في الوقت الحالي مقارنة بنحو قرن من الزمان. لكن أصبحت تكلفة الكوارث باهظة جداً مقارنة بتلك الفترة نظراً لتركيز الكثافة السكانية حول المدن القريبة من صدوع الزلازل أو دلتا الأنهار وعلى طول السواحل ذات المناخات الاستوائية. ومن المنتظر ارتفاع هذه التكاليف في وقت تتقارب فيه ثروات شنغهاي وكلكتا مع لندن ونيويورك. وفي غضون ذلك، تضمن سلاسل التوريد المرتبطة ببعضها البعض انتشار الأضرار حول العالم عندما يضرب زلزال أو فيضان منطقة ما. وربما يبدو ذلك مثيراً للتشاؤم، إلا أن الحقيقة فيها الكثير من التحفيز. وعندما يهجر الفقراء الريف ليقطنوا المرتفعات الجبلية أو أطراف الأنهار، يكونون أكثر عرضة للزلازل والفيضانات، لكن يصبح في مقدورهم أيضاً الحصول على عيش أفضل. وربما تفقد الدول الغنية الكثير من ممتلكاتها عند تعرضها للكوارث الطبيعية، إلا أن لها مقدرة أكبر على حماية أفراد شعوبها. وعلى الرغم من ارتفاع الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث، إلا أن معدل الموت ليس كذلك بغض النظر عن زيادة الكثافة السكانية. ولا ينحصر دور الحكومات في مقاومة الكوارث الطبيعية، بل في ما ينجم عنها. ويعني ذلك أولاً وضع الأولويات في مكانها الصحيح، حيث يتم في الوقت الراهن تخصيص الجزء الأكبر من ميزانيات الكوارث في عمليات الإنقاذ وإصلاح ما يترتب عن هذه الكوارث، وليس في عمل الترتيبات التي تحول دون وقوعها. كما ينبغي على الحكومات التصدي بقوة لمصالح القطاع الخاص عند تعريضها المجتمع ككل للمخاطر. ويتم إنفاق 20% من المساعدات الإنسانية الآن في الاستجابة للكوارث، بينما مبلغ ضئيل لا يتجاوز سوى 0,7%، على التدابير الاحترازية التي تحول دون وقوع الكوارث، وذلك حسب البيانات الواردة من “البنك الدولي”. ويطرح الخبراء سؤال ما إذا كان العالم معرض لتكاليف كوارث سنوية تصل إلى تريليون دولار أو أكثر بنهاية العقد الحالي. وليس من الواضح ارتفاع الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث بوتيرة أسرع من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، خاصة وأن الدول الغنية تملك المزيد من الثروات المعرضة للمخاطر. ويرجح تقرير صادر عن “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية”، أن 7 من أصل 10 من الأصول الاقتصادية في أكبر مناطق الكثافة السكانية في المدن، مثل البنية التحتية والعقارات وغيرها المعرضة للفيضانات الساحلية، تتركز في الدول المتقدمة بحلول 2070. وعند ذلك الوقت، ترتفع هذه الأصول المعرضة من 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلى 9%. كما تشير دراسة أعدها “البنك الدولي” إلى ارتفاع سكان المدن المعرضين للكوارث الطبيعية من أعاصير وزلازل في الفترة بين 2000 إلى 2050، من 11% إلى 16% من المجموع الكلي لسكان العالم. وكبدت فيضانات تايلاند خسائر باهظة لشركة “هوندا” ولعدد من شركات السيارات والتكنولوجيا الأخرى التي تتخذ من بانكوك مقراً لانطلاقها حول العالم. ولجأت شركة “ويستيرن ديجتال” المتخصصة في صناعة أقراص الكمبيوتر الصلبة والتي يجئ 60% من إنتاجها من تايلاند، إلى إغلاق أثنين من مصانعها هناك مما أدى لارتفاع أسعار الأقراص حول العالم. وبلغ إجمالي خسائر البلاد الناجمة عن هذه الكارثة الطبيعية 40 مليار دولار. ويرى بنك “جي بي مورجان” أن الكارثة تسببت في تراجع الإنتاج الصناعي العالمي بنحو 2,5%. أصبحت مثل هذه الكوارث التي تكلف مليارات الدولارات ظاهرة كثيرة الحدوث. وتقدر مؤسسة “ميونيخ ري” لإعادة التأمين الخسائر الاقتصادية في خمس دول أميركا واليابان وشيلي والصين وتايلاند في السنة الماضية بنحو 378 مليار دولار، متجاوزة الرقم القياسي المسجل في 2005 بنحو 262 مليار دولار. وبجانب كوارث اليابان وتايلاند، عانت أستراليا والصين من الفيضانات كما واجهت أميركا مخاطر الأعاصير والحرائق والفيضانات مجتمعة. وعلى الرغم من أن الخسائر المادية تفوق خسائر الأرواح في مثل هذه الأحداث، إلا أن زلزال هايتي في 2010 راح ضحيته أكثر من 200,000، بينما نتج عن أعاصير بنغلاديش نحو 300,000 ضحية في 1970. كما دمرت الحرائق ألاف المنازل في تكساس في 2010 وفي أستراليا في 2009. وكانت حرائق أستراليا التي خلفت 173 قتيلاً ودمرت نحو 2,298 منزلاً، الأسوأ في تاريخ البلاد. وتمثل السواحل الأميركية عالماً مصغراً للاتجاه الذي يسلكه العالم اليوم. وارتفع عدد سكان فلوريدا من 2,8 مليون في 1950، إلى 19 مليون الآن. ويقدر الخبراء تكلفة الأصول المُؤمنة والمعرضة للأعاصير على طول الساحل بين مين في فلوريدا و تكساس، بنحو 10 تريليون دولار. وتعيد هولندا التي يقع 60% منها تحت مستوى سطح البحر، التفكير في الطرق التي تتصدى بها للكوارث الطبيعية خاصة الفيضانات. وطرحت البلاد في 2007 برنامجاً قوامه 2,3 مليار يورو لإفساح مساحات كافية أمام سواحل أنهارها لاستيعاب الفيضانات المحتملة. وفي ما يتعلق بحماية الثروات، فإن جعل المدن أكثر مرونة يتطلب بدائل أكثر صرامة في الدول المتقدمة، حيث تقود عمليات التوسعة إلى تجريد المدن من دفاعاتها الطبيعية ضد الكوارث ومن ثم تعريض الناس لمخاطر هذه الكوارث. كما أن الكثافة السكانية في المدن تجعل الناس أكثر إنتاجية وبذلك تتوفر لديهم مقدرة حماية أنفسهم. لذا، فإن تدابير تخفيف مخاطر الكوارث لا ينبغي أن تثني الناس عن التزاحم في المدن المعرضة، بل تحث هذه المدن وسكانها على توفير حماية أفضل. وليس أمام الدول الفقيرة إذن خيار سوى النمو الذي يمكِّنها من التصدي لمخاطر الكوارث الطبيعية. نقلاً عن: ذي إيكونوميست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©