الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

المسلمون الأوائل·· و فن التنازل عن الفرعيات حفاظاً على الأصول

18 أكتوبر 2006 02:33
القاهرة -الاتحاد (خاص) الأمة الاسلامية أمة واحدة مأمورة بالاعتصام بحبل الله، وانصب أول خلاف في جسدها تقريباً حول الإمامة، أي من يتولى إمامة المسلمين بعد رسول الله، ثم كانت الفتنة والنزاع بين معاوية وعلي بن أبي طالب وصحابتهما، وتفرق المسلمون إلى ثلاث فرق، الأولى: الخوارج، خرجت عن الجماعة وقررت قتل الصحابة الثلاثة، ونجحوا في قتل علي رضي الله عنه، وفشلوا مع الآخرين لحكمة يعلمها الله، والثانية، ساندت علياً وسموا بالشيعة، وتفرقوا إلى فرق كثيرة، أبرزها الشيعة الإمامية الاثني عشر والجعفرية، والفئة الثالثة، ساندت معاوية في البداية إلى أن جاء عام 40 هجرية، فتنازل الحسن لمعاوية عن الخلافة، وسمي بعام الجماعة، وسميت هذه الفرقة بأهل السنة والجماعة· يؤكد كثير من فقهاء ومؤرخى الشيعة أن بذور فرقتهم وجدت في عهد النبي ممثلة في جماعة من الصحابة مالوا إلى الإمام علي بن أبي طالب أشهرهم، عمار بن ياسر وأبوذر الغفاري وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود وحذيفة بن اليمان، لكن الظهور الجلي لهذه الفرقة كان وقت تمرد معاوية على خلافة علي، الأمرالذي يسوّغ القول إنها فرقة ذات دوافع سياسية لا دينية، وبعد ذلك اتسع إطارها مع ازدياد شدة الاضطهاد الذي لاقاه أتباع سيدنا علي من بعده، وثارت أشهر الخلافات والخصومات بين فرقتى الشيعة وأهل السنة ضمن معارك كان وقودها اختلافات عقدية وفقهية فضلاً عن العرقية، وتشعب الشيعة إلى طوائف متكاثرة، أبرزها السبئية والكيسانية والإسماعيلية والزيدية والإمامية· وفي تعريف الشيعة، آل بيت النبي هم فئة محدودة من نسل الرسول صلى الله عليه وآله خصتهم الروايات الواردة على لسانه وقصدهم أحد النصوص القرآنية وهم علي وفاطمة والحسن والحسين ثم تسعة آخرون من نسل الحسين، وهذه الفئة هي المقصودة بالعصمة لارتباطها بدورها ورسالتها بعد الرسول وليس كل من ينتسب لآل البيت يعتبر معصوماً كما قد يتصور· مساحة أوسع للاجتهاد أوضح السيد ''هانى فحص'' المفكر الاسلامى - اللبنانى في دراسته (الاختلاف المذهبي بين منهجية الاستدلال الفقهيي واغراء الفتنة) أن هناك من علماء الشيعة والسنة من يدعون إلى توسيع مساحة الاجتهاد، أي نقله من مساحة المذهب إلى الفضاء المنهجي والعملي المشترك بين جميع المذاهب، مما يلزم الفقهاء منهجياً بالتدقيق في حقيقة الاختلاف بين المباني التي تتحرك عليها عملية الاستنباط، وتتكون منها المنظومة الخلافية، بحيث تدل بعض التجارب البحثية الجادة في أصول الفقه المقارن والمتخففة من القبليات والأنماط الجاهزة فيما يعود إلى الذات والآخر، والمتراكمة على مر تاريخ الخلاف انقطاعاً أو سجالاً أو حواراً، تدل على أن الخلاف في المباني يمكن أن يؤول أغلبه على موجب البحث المعمق إلى خلاف شكلي، وما يتبقى منه يبقى في حدود الطبيعي ويمكن استيعابه وتجاوزه، دون حاجة إلى إلغائه تقديراً لضرورة وجوده نسبياً كمصدر حيوية، إلى ذلك فإن إلغاءه يتضمن تعسفاً لا مكان له ولا مسوغ في حركة المعرفة الجادة· وينتمى إلى أهل السنة والجماعة أو المذهب السني، عدد كبير من المسلمين، يتبعون القرآن وسنة الرسول نصاً قولاً وفعلاً ويقرون بالخلافة الراشدة لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ويعتبر كثير من أهل السنة مذهبهم هو الإسلام الصافي، ومن خصائصه عقيدة وحدة المصدر، فلا مصدر يعتمدون عليه، سوى الكتاب والسنة وإجماع السلف، ولا يعارضون ما ثبت من ذلك بقياس أو رأي أو هوى، وموافقتها للأدلة الصحيحة فطرة وعقلاً ونقلاً، فلا شيء أريح للنفس وأضمن للقلب من عقائد السلف، فهي تتفق تمام الاتفاق مع الفطرة السليمة والعقول المستقيمة، ولن تجد بحمد لله معارضة أي منها لمقررات العقول أو صحيح المنقول، فلا يمكن أن يتعارض عقل صريح مع نقل صحيح صريح، والوضوح والسهولة، فلا تعقيد في فهمها ولا صعوبة في شرحها، بل يستوعبها الخاص والعام من الناس على اختلاف مستوياتهم، وتفاوت درجاتهم دون أدنى صعوبة، وهي ليست بحاجة في فهمها سوى إلى سماع آياتها وأحاديثها والثبات والاستمرار· وتبدو المسافة بين المذهب الفقهي الإثنا عشري والمذهب السني أقصر مسافة نوعية بين مذهبين غير محكومين بمصدر واحد وغاية واحدة، لتتماثل هذه المسافة مع مسافة الاختلاف القائم والمتحرك بين أي مذهب سني وأي مذهب سني آخر، أو داخل المذهب السني الواحد، على أساس تعدد المدارس والاجتهادات وحتى المباني داخل المذهب الواحد، فضلاً عن المسافة المعروفة والمتأسسة على فتح باب الاجتهاد لدى الشيعة والسنة ولا تتلاءم مع حيوية التراث الفقهي للمذاهب الأربعة بعد الربع الأول من القرن الخامس الهجري، أي تاريخ فرض الخليفة العباسي القادر لرؤيته التقليدية على فقهاء المذاهب، مما أدى في البداية إلى حالة من جمود الفقه السني من دون أن يكون الفقه الشيعي قد استطاع أن يتحرك على مقتضى فتح باب الاجتهاد، خاصة بعد استيلاء طغرلبك السلجوقي على بغداد ووفاة الشيخ ''الطوسي'' - شيخ الشيعة ومجتهدها الأكبر في عصره- مما جعل الفقه الشيعي يتوقف، ويصبح تكراراً لفقه ''الطوسي'' كمظلة وحيدة لحالة البطالة التي أصابت العقل الإسلامي تحت ظل السلاجقة؛ وهو ما امتد أثره السلبي لدى الشيعة إلى القرن الثامن الهجري· مصادر متقاربة يتفق أئمة السنة والشيعة على أن مصدر جميع الأحكام الشرعية هو اللّه سبحانه وتعالى، وفي مجال التفصيل ترجع جميع مصادر الشريعة إلى اللّه تعالى، فالسنة النبوية وحي من عند اللّه، وإجماع الأمة يعتمد على الأصل القرآني، والنبوي، والقياس إلحاق بما فيه نص أو أصل شرعي، وبقية المصادر التشريعية الأخرى ترجع في الحقيقة إلى الأصل القرآني، مثل الاستحسان والاستصلاح والعرف ومذهب الصحابى وشرع من قبلنا وسد الذرائع والاستصحاب وغيرها· وأكد الدكتور محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الذي يجمع السنة بالشيعة عدة أركان، أولها الإيمان بالله رباً وبمحمد نبياً ورسولاً، وكل ما جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام، وكذلك الإيمان بالقرآن كتاباً منزلاً من عند الله، وبالرغم من أن هناك مقولات تزعم أن الشيعة يؤمنون بتحريف القرآن، إلا أنه يجب أن نعلم أن هذه المقولة حادثة، كما أنها منكرة، فقضية الإيمان بالقرآن الكريم لا اختلاف عليها بين المسلم السني والمسلم الشيعي، والدليل على ذلك أن جميع المصاحف المطبوعة في إيران تم طبعها على تلاوة حفص عن عاصم· وعندما سئل محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر أن بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكي تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة وليس من بينها مذهب الشيعة الإمامية ولا الشيعة الزيدية أكد أن الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتباع مذهب معين بل نقول إن لكل مسلم الحق في ان يقلد بادئ ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلاً صحيحاً والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة ولمن قلد مذهباً من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره ولا حرج عليه في شيء من ذلك، وأن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنة، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة، فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز لمن ليس أهلاً للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات· وأشار الشيخ محمد الغزالي الى أن فتوى الدكتور شلتوت، قطعت شوطاً واسعاً في سبيل التقريب بين المذاهب، واستئنافاً لجهد المخلصين من أهل السلطة وأهل العلم جميعاً، وتكذيباً لما يتوقعه المستشرقون، من أن الأحقاد سوف تأكل الأمة، قبل أن تلتقي صفوفها تحت راية واحدة وهذه الفتوى في نظره، بداية الطريق وأول العمل· والواقع أن المسلمين الأوائل كانوا قد أحسنوا فن التنازل الدائم عن الفرعيات حفاظاً على الأصول وصيانة لمقاصد الشريعة، وأجادوا التسوية وظلوا يتعاطونها حفاظًا على الوجود· تنشر بترتيب خاص مع وكالة الأهرام للصحافة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©