الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

بروفيسور سنغافوري يشيد بما حققته الإمارات في مجال التنمية البشرية

بروفيسور سنغافوري يشيد بما حققته الإمارات في مجال التنمية البشرية
16 أغسطس 2011 01:06
أبدى البروفيسور كيشور محبوباني إعجابه بالمكانة التي تبوأتها دولة الإمارات والإنجازات الحضارية التي تحققت منذ تأسيس الدولة، مشيداً بالقيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، من خلال توجيهاته المستمرة في أهمية التنمية البشرية واستثمارها بالطريقة المثلى. وأكد البروفيسور محبوباني خلال محاضرة بعنوان “التكامل بين الخدمة المدنية والتنمية الوطنية في سنغافورة” ألقاها مساء أمس الأول في مجلس محمد بن زايد الرمضاني بقصر البطين أن مستقبل الأمم والشعوب يحمل بين طياته العديد من التغيرات غير المتوقعة، مشيراً إلى أنه وبحسب وجهة نظر المحللين، فإن آسيا بدأت في الظهور أو البروز مجدداً على الخريطة العالمية، مستبشراً بأنه سيكون لها شأن خلال الفترة المقبلة، وذلك بالنسبة للقوة الاقتصادية. وحضر المحاضرة سمو الشيخ راشد بن سعود بن راشد المعلا ولي عهد أم القيوين، وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، وسمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين. ويرى محبوباني أنه بالنسبة للباحثين الذين درسوا الظواهر الاقتصادية العالمية المتقلبة، فإن الصين ستتصدر الاقتصاد العالمي خلال عام 2050 وتليها الهند ومن ثم الولايات المتحدة الأميركية. وأضاف: إن ما يحصل في آسيا اليوم تكرار لما حصل في أوروبا خلال الثورة الصناعية، مشيراً إلى أن الفرق الوحيد الكامن بين الثورتين، هو أن الثورة الصناعية في الغرب أثرت بشكل كبير على كل نواحي الحياة، وبالتحديد الحياة الاجتماعية ومستوى رفاهية الأفراد في الحياة بمجملها، ولم يكن التغير بنسبة 50% أو 100% وإنما عشرة آلاف في المائة، أي أنه تغيير شامل لمستوى الحياة الاجتماعية، أما في آسيا فإن التغير ما يزال بطيئاً، ولم يحدث في بعض الشعوب التغيير الملموس بالنسبة للمستوى الاجتماعي. واستعرض المحاضر أهم ملامح كتابه الذي صدر باللغة العربية مؤخراً بعنوان “نصف العالم الآسيوي الجديد” والذي قدم فيه عوامل نجاح الدول الآسيوية، حيث أشار إلى أنه خلال الثلاثين عاماً الماضية تحولت الصين من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق، ما جعلها أسرع الدول نموا في العالم وقد حدث الشيء نفسه مع الهند بعد الإصلاحات التي قامت بها في 1991، وكذلك الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا. وأوضح أنه في العام 2008 أنفقت أوروبا 250 مليار دولار على نشاط البحث والتطوير في العلوم والتكنولوجيا. أما أمريكا فقد أنفقت 384 وشرق آسيا 387 ملياراً، وهو ما يعني تفوقها على أمريكا الشمالية للمرة الأولى في تاريخها مع تفوق عدد خريجي كليات العلوم والهندسة والتكنولوجيا الآسيويين. تجربة التنمية السنغافورية وقال البروفيسور محبوباني إن سنغافورة لها قصة جعلت منها نموذجاً عالمياً يحتذى به في الاستغلال الأمثل بالنسبة للموارد البشرية، والتي أسهمت في إنقاذ سنغافورة من “اللاوجود” إلى جعلها مقصداً سياحياً وصحياً واستثمارياً لجميع دول العالم. وأشار البروفيسور محبوباني إلى أن هناك تحديات واجهت سنغافورة حينما استقلت في 9 أغسطس 1965، مشيراً إلى أنه عادة ما تحتفل الدول والشعوب باستقلالها، بينما استقبلت سنغافورة ذلك اليوم بالحزن والأسى، حتى أن “لي كان يو” رئيس مجلس الوزراء آنذاك شوهد يبكي على شاشات التلفاز، والسبب أن سنغافورة لم تكن تمتلك أياً من مقومات الدولة، كما أنها لا يوجد بها ما يعينها على الوقوف والبقاء، فكأن المصير بالنسبة لها كان محتوماً، فكانت عبارة عن مدينة صغيرة حصلت على استقلالها وهي لا تمتلك أية موارد طبيعية أو مصادر دخل تذكر، كما كانت ميزانيتها تساوي صفراً. وكثيرون حكموا على سنغافورة يوم استقلالها بأنها دولة فاشلة، لا تمتلك أية موارد طبيعية ولا تمتلك يابسة، وعدد سكانها يصل إلى مليوني نسمة مقسمين بين هنود وصينيين وملاويين وطوائف وفئات مختلفة، إضافة إلى أنه كانت هناك حالات شغب وعدم ثقة من الكثيرين بقدرة السنغافوريين على الاستمرار في البقاء وتأسيس دولة مستقلة لها كيانها واعتبارها. ورأى البروفيسور محبوباني أنه بعد مرور 46 عاماً من عمر سنغافورة، فإنه يمكن القول بأن سنغافورة عملت ما لم تعمله دولة أخرى بتنمية اقتصادها بشكل كامل وسريع وتجاوزت جميع الظروف، كما رأى البروفيسور محبوباني أنها قصة تستحق أن تدرس في الجامعات وإطلاع جميع دول العالم عليها، حتى يعرف العالم كيف استطاعت سنغافورة تأسيس ما هو موجود حالياً من لا شيء. مبادئ النجاح وركز البروفيسور كيشور محبوباني على أن هناك 3 مبادئ رئيسية ركزت عليها سنغافورة قابلة للتطبيق في جميع المجتمعات الراغبة في التطوير وتحقيق التنمية في مختلف المجالات والصعد، وهي مبدأ الجدارة، وثانياً مبدأ البراغماتية، وثالثاً الأمانة أو كما يقال الصدقية. وأعطى محبوباني عدة أمثلة على المبادئ الأساسية الثلاثة، فأما المبدأ الأول والمتمثل في الجدارة فإنه ينبغي للدول حين تود البحث عن مواهب لأي وظيفة كانت، البحث في جميع الطبقات الموجودة في المجتمع من الطبقات العليا والطبقات الدنيا والمتوسطة دون التمييز، ضارباً مثلاً بالبرازيل المتفوقة بكرة القدم حيث يجري البحث عن اللاعبين في جميع طبقات المجتمع المكون من 200 مليون نسمة دون تمييز بين الغني والفقير، لكن البرازيل تأخرت اقتصادياً كونها كانت تقصر البحث عن المواهب الاقتصادية على الطبقات الاجتماعية الرفيعة في المجتمع. وأشار البروفيسور محبوباني إلى أن سنغافورة ركزت على التعليم بشكل كبير، معتقداً أنه التعليم الأفضل مقارنة بالمستوى العالمي، لافتاً إلى أن الطلاب السنغافوريين في عمر 13 و14 عاماً يفوزون دائماً في جميع المسابقات العلمية على المستوى العالمي، وأشار إلى أن عملية البحث عن المواهب البشرية تبدأ من المدرسة وتستمر حتى بعد التخرج. وأضاف أن نظام الخدمة المدنية المتبع في سنغافورة نظام جيد، حيث لجأ السنغافوريون إلى تقليد أنظمة الخدمة الموجودة في القطاع الخاص العالمي، وتفضيل مصلحة العمل على مصلحة الأفراد من خلال التركيز على المواهب، مبيناً أنه من الطبيعي أن ترى في سنغافورة شباباً مبدعين وموهوبين تلقدوا مناصب رفيعة في الحكومة، ويترأسون موظفين أقدم منهم، فالمعيار في تعيين المناصب هو الموهبة وليست الأقدمية. وتحدث محبوباني عن المبدأ الثاني للنجاح المتمثل بالبراغماتية، ضارباً مثلاً بأنه “لا يهم إذا كانت القطة بيضاء أو سوداء، المهم أيهما قادرة على صيد الفئران”. وتابع أن المهم هو الإنتاج، دون التمييز بين من سيقومون بالإصلاح، متحدثاً عن التجربة اليابانية في التقدم الاقتصادي، حيث عملت على تحديث نفسها، واعتمدت على الإصلاح في كل المجالات. وقال إن الأمانة هي المرتكز الثالث للنجاح، حيث إن واحداً من أهم أسباب نجاح سنغافورة هو نزاهة قادتها، قائلاً إن أحد الوزراء السنغافوريين فكر بقضاء عطلته، فلم يجد مالاً يكفيه للقيام بذلك، وحصل على دعوة من قبل أحد أصدقائه رجال الأعمال لقضاء إجازته، وبعد عودته من إجازته تم إلقاء القبض عليه في المطار وترحيله إلى السجن بتهمة الرشوة، رغم أن كثيرين لا يرون فيما عمل جريمة، إلا أن هذا الإجراء أسهم بالقضاء على الفساد بشكل كبير وأعطى رسالة واضحة وصريحة للمجتمع السنغافوري بأن القضاء سيلاحق الفساد أياً كانت مكانة فاعله. آثار التجربة السنغافورية من تداعيات وآثار التجربة السنغافورية، قال البروفيسور كيشور إن أحسن القصص المشهود لها بالنجاح تأتي من القطاع العام، حيث استطاع القطاع العام السنغافوري تشييد واحد من أهم المطارات في العالم، كما استطاع القطاع العام جذب الاستثمارات العالمية الموجودة في مختلف بقاع العالم. وأعطى البروفيسور محبوباني 3 نماذج مقارنات بين سنغافورة ودول العالم المتقدمة، حيث أشار إلى أن احصائيات الازدحام المروري الأميركية تشير إلى أن الركاب يتأخرون 4,5 مليار ساعة، ما يؤثر على صحتهم واقتصادهم. وللقضاء على الازدحام، كانت سنغافورة من أولى الدول التي يتم تطبيق نظام التعرفة فيها على الطرق لحل مشكلة الازدحام المروري، وهو ما أخذت به دول العالم المتقدم فيما بعد. وأضاف المحاضر أن المعجزة الحقيقية في سنغافورة تكمن في النظام الصحي، حيث أكدت تقارير البنك الدولي أن سنغافورة من أفضل الدول التي تقدم خدمات صحية في العالم على الرغم من أنها تنفق نحو 4 في المائة فقط من إجمالي إنتاجها على القطاع الصحي، بينما تنفق أمريكا 16 في المائة من إنتاجها على القطاع الصحي، مشيراً إلى أن النظام الصحي في سنغافورة أفضل من أمريكا. وقال البروفيسور محبوباني إن الحضارة العربية يمكنها أن تبرز دورها ومكانتها التي كانت عليها، حيث استطاعت الحضارة العربية في البدايات أن تحقق العديد من التقدم على المستوى البشري، ويمكن الآن أن تستعيد دورها وتعمل على تصدر العالم من جديد، كما أكد أن الأمم والشعوب استقت من الحضارة العربية العديد من المعارف والعلوم التي توصلت إليها، وأكملت مسيرة العرب التي بدأوها في التنمية الشاملة في مختلف معارف الحياة. البروفيسور كيشور محبوباني عميد وأستاذ تطبيق السياسات العامة في كلية “لي كوان يو” للسياسات العامة في جامعة سنغافورة الوطنية، وعضو في مجلس إدارة معهد سنغافورة للدراسات. حاصل على البكالوريس في تخصص الفلسفة من جامعة سنغافورة وماجستير من جامعة دالهاوسي في كندا، وقد منح دكتوراه فخرية في الفلسفة. عمل في وزارة الخارجية السنغافورية لأكثر من 30 عاماً وشغل منصب الأمين العام الدائم بين عامي 1993 و1998، وسفير سنغافورة لدى الأمم المتحدة وعمل رئيساً لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال 2001 و2002. وله عدة إصدارات أهمها نصف العالم الآسيوي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©