الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دروس ميشيل فوكو كاملة.. باللغة العربية

دروس ميشيل فوكو كاملة.. باللغة العربية
21 يناير 2015 21:46
كانت الدروس الفوكوية المذكورة متوزعة على الموضوعات الآتية، وبتواريخها المتداخلة الاختلاف: دروس حول المعرفة، وصدرت في عام 2011. دروس حول النظريات والمؤسسات الجزائية، وصدرت في عام 2012، المجتمع العقابي وصدر في عام 2003، سلطان الطب النفساني وصدر في عام 2003، الشواذ وصدر في عام 1999، لا بد من الدفاع عن المجتمع وصدر في عام 1997، الأمن والإقليم والأهالي «السكان» وصدر في عام 2004، ولادة سياسة الحياة وصدر في عام 2004، حول حكم الأحياء وصدر في عام 2012، الذاتية والحقيقة وصدر في عام 2014، تأويل الذات وصدر في عام 2001، حكومة أنفسنا وحكومة الآخرين «جزء1» وصدر في عام 2008، شجاعة الحقيقة: حكومة أنفسنا وحكومة الآخرين «جزء 2». ليس للأساتذة تلاميذ لعل خير تقديم للفيلسوف الراحل ومحاضراته في «الكوليج دو فرانس»، سنجدها في تلك المقدمة التي سيقع عليها القارئ مطلع كل مصنّف من المصنّفات الثلاث عشرة، التي تضمّ جملة الدروس التي ألقاها فوكو، لتقديم دروس كل سنة من السنوات، أي بالتالي كل موضوع من الموضوعات، من دون تغيير يذكر «مـا يتغير أحياناً هو أسماء محققي الدروس، أو المصادر التي مكّنت من الحصول عليها»، باعتبار أنها كانت مزيجاً من نص مكتوب، وآخر شفهي مـرتجل، أو شبه مرتجل. كان الطلاب والمستمعون، بل وإدارة «الكوليج دو فرانس»، تقوم بتسجيله على أشرطة من أشرطة تلك الأيام. وفي ما يلي كذلك ترجمة التقديم الذي كتبه «فرنسوا إيفالد» و«أليساندرو فونتانا» لسائر دروس ميشيل فوكو في «الكوليج دو فرانس»: تولّى ميشيل فوكو التعليم في «الكوليج دو فرانس» ابتداءً من ديسـمبر 1970 إلى حين وفاته في يونيو 1984، باستثناء عام 1977، الذي أفاد منه كسنة إجازة راحة «سبعية»، كما هي العادة في تقليد التعليم العالي، وكان اسـم كرســيِّه: «تاريخ المنظومات الفكرية». كانت الجمعية العامة لأسـاتذة «الكوليج دو فرانس» قد أُنشـأت هذا الكرسيُّ في عام 1969 بناء على اقتراح من جول فيلمـان، ليحل محل كرسي «تاريخ الفكر الفلسفي» الذي شغله جان هيبوليت إلى حين وفاته. وانتخبت الجمعية ذاتها ميشيل فوكو، في 12 أبريل 1970 ليشغل الكرسي الجديد، وكان عمره حينذاك ثلاثاً وأربعين سنة. وقد ألقى ميشيل فوكو الدرس الافتتاحي في الثاني من ديسمبر 1970 وسط حشد طلابي وثقافوي غير مسبوق أكاديمياً. يخضع التعليم في «الكوليج دو فرانس» لقواعد خاصة، إذ يقع على الأسـاتذة واجب إلقـاء دروس بمدة سـتة وعشرين سـاعة في السنة (يمكن شغل نصفها كحـدٍ أعلى على شكل حلقاتٍ دراسية (seminaire). وينبغي لهم تقديم بحث فريـدٍ كل سنة، الأمـر الذي كان يقسرهم على تجديد محتوى تعليمهم في كل مرة. حضور المحاضرات والندوات، هو حضور حـر بالكامل، ولا يتطلب من المستمع، لا تسجيلاً ولا دبلوماً. كمـا أن الأسـتاذ لا يمنح بدوره أي دبلوم. والتعبير المستخدم بلغة «الكوليج دو فرانس»، هو أنـه ليس للأسـاتذة تلاميذ، وإنمـا مسـتمعون. دروس ميشيل فوكو كانت تلقى كل أربعاء من بداية يناير حتى نهاية مارس. أمـا الحضور الكبير التعداد، الذي كان يتألف من تلاميذ ومعلمين ومفكرين وباحثين وفضوليين وكثير من الأجانب، فكان يشغل صالتين من صالات «الكوليج دو فرانس». وكثيراً ما اشتكى ميشيل فوكو من المسافة التي تفصل بينه وبين «جمهوره»، ومن قلة المبادلات والتداولات التي كان يسع صيغة الدروس أن تتيحها. كان يحلم بحلقة دراسية تكون حـيِّز عمل جماعي مهما اتسعت مساحته وتعاظمت الحشود فيه. وقد قام بمحاولات مختلفة في هذا الاتجـاه. وكرَّس في السنوات الأخـيرة، أو كان يكرس، لحظات طويلة إثر انتهاء إلقائه للدرس للإجابة عن أسـئلة المسـتمعين على اختلاف مستوياتهم المعرفية والثقافية. توصيف جيرار بيتيجانمن جانب آخر، كان الكاتب في أسبوعية «النوفيل أوبسرفاتور» جيرار بيتيجان قد سجل في عام 1975 توصيفاً للجو الذي كان يسود خلال تلك الدروس الفوكوية: «عندما يدخل فوكو إلى الحلبة مسرعاً مقداماً، كان تماماً كمن يلقي بنفسه في الماء، متخطياً كل ما يصادفه ليصل إلى كرسيه، مبعداً أجهزة التسجيل من أمامه ليضع أوراقه، ثم يبدأ بنزع جاكيتته وينطلق بعدها بسرد ما لديه بسرعة مئة كيلومتر في الساعة. صوت جهوري، نافذ، فعّال، تبثّه مكبّرات صوت، تمثل التنازل الوحيد أمام الحداثة في قاعة تكاد إنارتها بضوء يرتفع من فسقية من الملاط والمرمر. في القاعة ثلاثمئة مقعد وخمسمئة شخص متلاصقين، بما لا يدع أية ثغرة شاغرة [...] لا لجوء عنده إلى المفاعيل الخطابية. كلام رائقٌ قُراح، ورهيب الفعالية. لا مجـال، ولا أثر، لأي ارتجالٍ كان. ميشيل فوكو يمتلك اثنتا عشر ساعة سنوياً، إذ يضغط ما ينبغي له أن يقوله إلى الحد الأقصى، ويملأ الحواشي، شـأنه في ذلك شأن المراسلين الصحافيين ممن يكون لا يزال لديهم الكثير مما سيقولونه حين يكونوا قد وصلوا إلى نهاية رسالتهم أو مقالتهم الصحافية، ليقول في درسٍ يلقيه أمام العموم معنى ومغزى البحث الذي قام به خلال السنة المنصرمة». ويستطرد جيرار بيتيجان قائلاً: «في الساعة 19 والدقيقة 15 يتوقف ميشيل فوكو عن الكلام الشارح، فيسارع التلاميذ إلى مكتبه؛ لا ليكلموه، وإنمـا ليوقفوا آلات التسجيل. ليس هناك من أسـئلة». وفوكو في وسط هذا الحشد وحيد، لكنه يدلي بتعليق: «ينبغي أن يكون بالوسع مناقشة كل ما تقدّمت به». ويردف: «أحياناً قليلة، حين لا يكون الدرس استثنائي المستوى، فإن الأمـر لا يحتاج للكثير؛ يكفي أن يطرح سـؤال ليوضع كل شيء في مكانه. غير أن هذا السـؤال لا يُطـرَحُ أبـداً. فثمـة في فرنسا فعالية لفريق أو لجماعة، تجعل كل مناقشة أمـراً مسـتحيلاً. وبما أنه ليس ثمة قناة رجوع، فإن الدرس يتمسرح.. يقول فوكو: «علاقتي بالناس هنا هي علاقة ممثلٍ أو بهلوان. حين انتهي من الكلام، يغمرني شعور بالتوحد التام ...». «كان فوكو يتناول دروسه تناول الباحث: تقصّيات من أجل كتاب سيحين زمن كتابته، وتمهيد الأرضية أيضاً، أو تمهيد حقول إشـكاليات يصوغها كدعوةٍ موجهة لباحثين محتملين». وهكذا فإن دروس «الكوليج دو فرانس» ليست تكراراً لكتب منشورة. فهذه ليست بدايات ولا تجسيدات أوليّة لها، حتى ولو تشابهت الموضوعات، أو كانت مشتركة في ما بين الكتب وبين الدروس. للدروس وضعها statut. فهي تنتمي إلى نظام خطابي نوعي من ضمن جملة «الأعمـال والأفعال الفلسفية» التي قام بها ميشيل فوكو. فهو هنا يبسط عمله «خاصة برنامج أرومة للعلاقات بين المعرفة والسلطة» تبعاً لهـا، ابتداء من سنوات 1970، وذلك بالتضاد مع عمله على «أركيولوجيا المعرفة»، التي تحكّم بها حتى ذاك الوقت. كان للدروس وظيفتها أيضاً فيما عنى الأحداث التي كانت تجري. فالمستمع الذي كان يأتي ليتابع هذه الدروس، لم يكن مأخوذاً بالسرد والرواية اللذين كانا يتكونان أسبوعاً بعد أسبوع وحسب، ولا كان مسحوراً بدقة العرض فقط؛ بل كان يجد إنارة تضيء وتنير الأحداث الجارية. كان قوام فن ميشيل فوكو هو اختراق الأحداث الجارية بالتاريخ. فقد يسعه أن يتحدث عن أرسـطو أو عن نيتشه، أو عن الخبرة الطبية النفسانية في القرن التاسع عشر أو عن الرعوية المسيحية، إلا أن المستمع كان يستخلص من ذلك كله بصيص نور ينير الحاضر، ويضيء الأحداث التي كان معاصراً لها. فمـرد قدرة ميشيل فوكو في دروسه هو هذا التقاطع بين علم علاّمة وبين التزام شخصي وعمل دؤوب على الحدث. حفظت من الضياع شهدت سنوات السـبعين تنامياً وتحسيناً وإتقاناً في آلات التسجيل، فكانت هذه الآلات تحتل مكتب ميشيل فوكو فور وصوله. وكانت نتيجة ذلك أن هذه الدروس «وبعض الحلقات الدراسية» حفظت من الضياع. تعتمد هذه الطبعة من الدروس على الكلام الذي أدلى به ميشيل فوكو علناً، وذلك بالقدر الذي حُفِظ فيه هذا الكلام. وهي تقدم تسجيلاً بأقصى قدرٍ ممكنٍ من الحرفية لهذا التعليم. كان من الأفضل تقديم الكلام كما هو تماماً، لكن الانتقال من الشفوي إلى المكتوب يفرض تدخل المحرر، على الأقل من أجل التنقيط وتقطيع الفقرات، لكن المبدأ الذي تابعناه كان ملازمة الكلام المنطوق على قدر الإمكان. أمـا الكلام المكرر والحديث المُعاد، فإنـه جرى حذفه كلمـا بدا ذلك كأمـرٍ لا غنى عنه. وأمـا الجمل المقطوعة فاستعيد لهـا تمامها، وأمـا البناءات غير السليمة فقد جرى تصحيحها. وأمـا نقاط التعجب، فتعني أن التسجيل لم يكن مسموعاً. أمـا حين تكون الجملة غامضة، فإنه جرى وضعها بين قوسين؛ كمـا استخدمت الأقواس للإضافات. أما النجمات في أسفل الصفحات، فتشير إلى نوعية الملاحظات ذات الدلالة التي استخدمها ميشيل فوكو للتعقيب على الكلام المقال. وقد جرى التحقق من الاسـتشهادات، والإشـارةُ إلى مراجع النصوص المسـتخدمة. أمـا التعليقات والحواشي الخاصة بالتحرير، فقد اقتصرت على توضيح بعض الإلماحات وشرح بعض النقاط النقدية. وتسهيلاً للقراءة، جرى تقديم ضرب من الفهرس الموجز لكل درس للنقاط الرئيسة الواردة فيه. لم تتوفر تسجيلات لدروس ميشيل فوكو عن السنة 1970 - 1971. وعلى هذا تمّ الاعتماد في تحرير الكتاب على المخطوط التحضيري. ويوضح دانيل ديفير في النبذة المتوجة بعنوان «الوضع» قواعد تحرير النص. يتبع نص الدروس موجز نشره «الدليل السنوي للكوليج دو فرانس». كان فوكو يحرر هذا الموجز على وجه العموم في شهر يونيو، أي بُعيد نهاية الدروس بقليل. كان ذلك بمثابة مناسبة لاسـتخلاص مقاصد وأهداف هذه الدروس بعد الفراغ منها؛ فهي تمثل خير تقديم ممكنٍ لهـا. ينتهي كل جزءٍ من هذه الدروس بنبذة تحمل عنوان: «الوضع»، يتحمل المحرر مسؤوليتها، والمقصود بهـا هو إعطاء القارئ عناصر للسياق الذي وردت فيه الدروس، أي العناصر الإيديولوجية والسياسية وتلك المتعلقة بسيرة الرجل، وتحديد منزلة دروس سنةٍ ما، بمـا هي جزءٌ بالنسبة إلى الكل، وذلك لتسهيل الفهم وتلافي الالتباسات التي قد تنتج عن تناسي الظروف التي أحاطت بكتابة الدروس وإلقائها. وهذه الدروس حول إرادة المعرفة التي ألقيت في 1970-1971، وما يليها من معارف أوديب، قد حررها دانيل ديفير. بهذه الطبعة من دروس «الكوليج دو فرانس»، يكون قد نشـر جانب جديد من «أعمـال» ميشيل فوكو. وهذا النص ليس نصاً لم يسبق نشره بالمعنى الدقيق للكلمة، باعتبار أن هذه الطبعة من الدروس التي ستصدر بالعربية قريباً، لا تفعل سوى نسخ كلامٍ قاله ميشيل فوكو علانية. ثم أن المخطوط الذي كان يستخدمه يمكن أن يكون ذا صياغة محكمة متقدمة، كمـا يشهد على ذلك المصنف نفسه. وقد حصلت هذه الطبعة من دروس «الكوليج دو فرانس» على ترخيص من ورثة ميشيل فوكو الذين شـاؤوا تلبية الطلب الشديد عليها في فرنسا وفي الخارج. هذا مع التقيّد الشديد بالشروط التي تمليها الرصانة. وقد حاول المحررون أن يكونوا على مستوى الثقة التي وُضِعَت فيهم. فوكو وإدوارد سعيديذكر أن من بين المفكرين والباحثين والأكاديميين العرب الذين حضروا بعضاً من دروس ميشال فوكو في «الكوليج دو فرانس»، ولو على سبيل الفضول: د. إدوارد سعيد ود. جريس اللاذقاني، ود. نايف العكاوي.. د. ماجدة الفضل، د. حسن الوهراني وغيرهم.. وغيرهم. وفي هذا الإطار يسجل إدوارد سعيد توصيفاً حياً لمشهد فوكو محاضراً يقول فيه: «لقد رأيته يحاضر ذات مرة في «الكوليج دو فرانس» مطلع ربيع 1978، حين كان يخاطب حشداً كبيراً متباين الأشكال والطبقات، فهو يضمّ عليّة القوم، مروراً بالصفوف الأكاديمية، نزولاً إلى الصعاليك الباحثين عن مأوى. كان يرتدي قميصاً أبيض مزرّراً حتى العنق دونما ربطة عنق، وبدلة سوداء، ورأسه الأصلع تماماً «أو الحليق.. لا فرق» يلمع تحت الأضواء غير القوية السطوع، وقد خطا سريعاً فجلس وأخذ يقرأ من أوراقه المعدّة بعناية لافتة. كان أداؤه آنذاك رياضة في التنسّك الواضح المكثّف، وكانت جدّية معرفته ومثابرته تجعل كل كلمة راسخة في موضعها. كان الموضوع يدور حول مبدأ الحكومة «والمحاضرة كانت عن السلطة» في سياق منهاج يمتد طوال السنة ويتناول «الأمن، الأرض، الناس. وعلى الرغم أن المناسبة تلك كانت قبيل اعتناقه الصريح للمثلية والتجريب على الذات في سنواته الأخيرة (الأمر الذي حقّق فيه بتفوق جيمس ميللر في كتابه «معاناة ميشيل فوكو)»، فإن المرء كان يستشعر في محاضرته طاقة متماسكة وهو يستعرض عنصر الرعوي والأمني في الحكومة الحديثة، بحيث أنه كان - كما أشعر اليوم – يسلّط الضوء لكي يهدم في ما بعد. وإدوارد سعيد الذي يعترف بتأثره المنهجي العميق بالفيلسوفين الفرنسيين الكبيرين: ميشيل فوكو وجاك دريدا. الأول لجهة انخراطه في جهد الخطاب بدل جهد النص أو البنية، والثاني وضعه على درب تفكيك الخطاب الغربي المركزي المسيطر، إلا أن إدوارد يأخذ على فوكو لا جدّيته، بل إهماله المتعمّد للقضية الفلسطينية وانحيازه الشامل للمغتصب الإسرائيلي. حدّثني صيف عام 2000 في بيروت، أنه عندما تلقّى دعوة من جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار في عام 1979 للمشاركة في ندوة عن «السلام في الشرق الأوسط» تُقام في باريس، ولبّاها الرجل على الفور، كانت الاجتماعات والمناقشات كلها تُعقد في منزل ميشيل فوكو في العاصمة الفرنسية. وكان فوكو الذي لم يحضر إلا جزءاً يسيراً من جلسة يتيمة، من بين ست جلسات هي قوام كل الندوة على مدار ثلاثة أيام، كان يترك المنزل للمنتدين متذرعاً بأسباب شخصية شتى، الأمر الذي استفزّ إدوارد، فما كان منه إلا أن «كمن» لفوكو في أثناء عودته مساء، واستوقفه متسائلاً بأدب جم: لماذا لا تشاركنا الجلسات يا سيد فوكو، نريد أن نستمع إلى رأيك في الصراع العربي – الإسرائيلي، وما هو موقفك عموماً من المسألة الفلسطينية؟ أجابه فوكو بالحرف الواحد: «المسألة لا تعنيني.. لا من قريب ولا من بعيد». وأردف إدوارد سعيد يقول لي: «اكتشفت أنه جيء بي من نيويورك إلى باريس لأكون «ديكوراً» أو شاهداً دعائياً لمفكرين كبار لا يؤمنون إلاّ بحق إسرائيل في الوجود، وبأنهم، على العكس، يريدون منّي انتزاع موقف ضد حق شعبي في أرضه ووطنه، والاعتراف بسلام زائف ومجاني تصنعه إسرائيل من خلال تطويعها اتفاقية كمب دايفيد على حساب التاريخ والجغرافيا الفلسطينية. لكنني في المحصّلة لم أكن عند حسن ظنهم جميعاً. كنت عنيداً بآرائي المضادّة لهم، لكن من دون فظاظة وانفعال.. إذ أن سارتر (وهو أصلاً محور الجلسة وقطبها الكبير)، كان أيضاً قد برّز مواقف داعمة بإطلاق للدولة العبرية، ومثله فعلت سيمون دي بوفوار». هكذا إذاً، فإن العقل النقدي «الفوكوي»، الذي خلخل العديد من الثوابت الفكرية والأخلاقية الراسخة في حداثة أوروبا والغرب بأكمله، وقف عاجزاً أمام مجرد إبداء رأي - ولو كان عابراً - في قضية هي أسطع من أن تكون عادلة، محقّة وإنسانية؟ ترى لماذا قضية العرب الكبرى: فلسطين هي قيمة يتعذّر حتى القياس بها أوعليها بالنسبة إلى فوكو؟ عجز العقل النقدي «الفوكوي» الذي خلخل العديد من الثوابت الفكرية والأخلاقية الراسخة في حداثة أوروبا والغرب بأكمله وقف عاجزاً أمام مجرد إبداء رأي في قضية فلسطين.. ترى لماذا قضية العرب الكبرى هي قيمة يتعذّر حتى القياس بها أو عليها بالنسبة إلى فوكو؟!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©