الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

القيادة العدوانية… دماء على قارعة الطريق

القيادة العدوانية… دماء على قارعة الطريق
26 يناير 2014 13:21
أحمد مرسي (الشارقة) - لا يخفى على أحد وجود تلك الأعداد في طرقات الدولة من ضحايا الحوادث المرورية، فلا يكاد يخلو يوم إلا وفيه حادث قد أفضى للموت أو على الأقل خلف وراءه إصابات قد تلازم أصحابها مدى الحياة أو تغير من مسيرة حياتهم المستقبلية. «القيادة العدوانية» للمركبة أو القيادة بطيش وتهور على الطرقات، سبب فعلي لمعظم تلك الحوادث المميتة، كما أثبتها واقع الدراسات الميدانية من قبل المتخصصين، سواء كان السبب فيها قائد المركبة، تسبب لنفسه في الوفاة نتيجة سلوكه الخاطئ أو أوقع، وبسبب تصرفه «العدواني»، شخص آخر يقود مركبته بأمان وقادته الأقدار ليفاجأ بردة فعل قوية خلال محاولته تفادي هذا «المستهتر» ليكون أيضاً ضحية. «الاتحاد» تحقق في أكثر الأسباب التي تنتج عنها حوادث مرورية تخلف وراءها وفيات أو إصابات، بكل درجاتها، البسيطة والمتوسطة والبليغة، لمحاولة التقليل من نسبة أو أعداد الضحايا على طرقات الدولة. وكانت هذه الآراء. بداية، قال المواطن محمد عبد الله السري، من سكان الشارقة: في كل يوم من الأيام تطالعنا الصحف بخبر مفجع عن وفيات بسبب الحوادث المرورية، وغالباً ما يكون ضحاياها من فئة الشباب، وفي كل مرة يكون السبب الأولى السرعة وعدم الانتباه. وتابع: أن على جميع قائدي المركبات، ومهما كانت أعمارهم، أن يدركوا الآداب العامة في الطرقات، التي يجب اتباعها والالتزام بها والتحلي بسلوكياتها، موضحاً أن القيادة أحد الآداب العامة التي يجب أن تكون منهج حياة يربى ولي الأمر ابنه عليه، مثل السلوكيات الحياتية الأخرى في البيت والمدرسة والمجتمع بشكل عام. وأشار السري إلى سلوكيات تصدر من بعض قائدي المركبات، ولابد أن يكون قد تعرض لها الجميع في الشارع العام، كأن يقوم قائد مركبة ما بحركات استعراضية في الشارع العام دون أن يبالي أو يهتم بالآخرين أو أن يقود مركبته في الشوارع الداخلية في المدينة بصورة متهورة جداً، دون أن يدرك بأنه سيتسبب وبلا شك في كارثة تلحق به أو بمن بجواره في المركبة أو شخص ثالث لا علاقة له بالواقعة نفسها ممن يسيرون بأمان في الطرقات. بدوره، أشار علي عبد العزيز المنصوري من مواطني الشارقة، إلى أنه كان شاهد عيان على أكثر من حادث في الطرقات وخاصة الخارجية التي تزيد فيها السرعات عن 120 كم/ س، ورأى كيف يقوم البعض بقيادة مركباتهم بسرعات جنونية وفي النهاية تكلفهم حياتهم. وأضاف أن معظم مواطني الدولة وإن لم يكن جميعهم، ألم بهم حزن على فقدان عزيز لديهم من أبنائهم أو رب أسرة أو أم أو فقدوا أطفالهم، بسبب الحوادث المرورية، وأن من بين تلك الحوادث الكثير الناجمة عن القيادة بطيش وتهور وعدم احترام الطريق العام أمام الآخرين، إلا أن الدماء لا تتوقف ولا يكاد يخلو يوم من الأيام إلا ويقع حادث أليم أخر يضاف لأرصدة الحوادث المسبقة. واقترح المنصوري أن تكون هناك إجراءات أكثر حدة وصرامة تجاه مرتكبي تلك الأفعال المرفوضة والمنبوذة، مثل عدم التهاون من قبل الجهات الأمنية المختصة في سحب رخص قيادة المستهترين لسنوات ومعاقبتهم على فعلتهم بصورة صارمة لعدم تكرارها مرة أخرى، وفق آلية قانونية ممنهجة ومعروفة للجميع. إعادة تأهيل من جهتها، ذكرت أماني عبد الرحيم محمد، ربة منزل من سكان مدينة الشارقة، أن هناك الكثير من السلوكيات المرفوضة التي ترتكب من قبل بعض قائدي المركبات في الشارع العام وتنم عن أن مرتكبيها في حاجة إلى تأهيل وتدريب مرة أخرى، ومن أهمها القيادة بطيش وتهور يصل فعلاً إلى حد « العدوانية » وقد يتسبب في كوارث له وللآخرين في الشارع العام. وقالت: إنني بصورة يومية أتعرض لمضايقات من قبل بعض قائدي المركبات أثناء نقل أبنائي للمدارس سواء في الفترة الصباحية أو عند العودة خلال ساعات الظهيرة وأن هناك سلوكيات ترتكب من قبل بعض قائدي المركبات قد تدفع الآخرين لردة فعل سريعة تتسبب في حوادث مرورية تتزايد حدتها مع تزايد السرعات التي تسير عليها المركبة. واقترحت أن تكون هناك برامج تأهيلية إلزامية للمتقدمين للحصول على رخص القيادة تعلمهم آداب الطريق والسلوكيات القوية واحترام الطريق العام وفي حال الإخلال بها يتم عقابهم بسحب رخص القيادة منهم لكي لا يكونوا سبباً في إيذاء الآخرين. في المستشفيات بدوره، أكد الدكتور عارف النورياني المدير التنفيذي لمستشفى القاسمي بالشارقة، أن مشكلة مصابي الحوادث تمثل العبء الأكبر على أقسام الطوارئ في جميع المستشفيات، كونها تكون مفاجئة وتحتاج لتدخل فوري وسريع لإنقاذ الحالة حيث يمثل عنصر الوقت فيها الكثير في إنقاذ المرضى. وقال إن من يدرك حجم الإصابات التي ترد للمستشفى جراء الحوادث المرورية يعي تماماً خطورة القيادة بطيش وتهور ويلتزم بصورة كبيرة بقواعد السير والمرور في الطرقات وخاصة أن هناك حالات منومة منذ سنوات لا تستطيع الحركة جراء إصابات تعرضت لها في حوادث مرورية، وهي بلا شك غيرت من مجرى حياتهم بصورة كبيرة. وأضاف النورياني أن الإصابات البليغة جراء الحوادث المرورية تحتاج لفحوصات كثيرة وأشعة متنوعة وعمليات في أجزاء متفرقة من الجسم وفي تخصصات عديدة ويكون الأمر فيه إنقاذ لحياة المصاب إلا أن ما تخلفه تلك الحوادث يكون حاضراً أمام الجميع، شاب قعيد أو منوم في المستشفى دون وعي لسنوات أو غيرها من العقبات التي تواجهه مستقبلاً وتؤثر سلباً على حياته. وتابع أن الحوادث تكلف الدولة ومرتكبيها الكثير من الجهد والوقت والمال جراء ما يتم تجاه المصابين فيها من العلاج الطبي وكذلك المركز المختص بتأهيل المصابين منها والذين سيتم علاجهم في المستشفى مستقبلاً، ليقدم لهم العلاج الطبيعي وكذلك النفسي وغيرها من العلاجات الأخرى التي يحتاج إليها المريض لمتابعة شفاءه. ونوه إلى أنه لا يوجد في الدولة حتى الآن مركز متخصص لإعادة تأهيل المصابين في الحوادث والذين يتعرضون لجلطات دماغية ويتم في الغالب إرسالهم لاستكمل العلاج وإعادة التأهيل في الخارج وهو ما يرهق الحالات وأهاليها وكذلك يكلف الدولة الكثير، كون أن تلك النوعية من العلاجات تعتبر عالية التكلفة، إلا أن هذا الأمر سيتم إقراره في المستشفى الجديد الذي من المزمع إنشاءه خلال الفترات المقبلة ضمن مكارم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» والمتخصص للطوارئ والحوادث في منطقة الفلاح بالشارقة. ونوه إلى أن المستشفى الجديد سيخدم العديد من المستشفيات الأخرى الموجودة حالياً في كافة أرجاء الدولة باستقباله لكافة الحالات الطارئة، ما يقلل العبء على أقسام الطوارئ في تلك المستشفيات، فعلى سبيل المثال يستقبل قسم الطوارئ في مستشفى القاسمي نحو 200 إلى 250 حالة بصورة يومية وتصل في بعض الأوقات إلى 300 حالة منها العديد من مصابي الحوادث. مخالفات مرورية وأكدت دراسة حديثة، أعدها الرائد راشد أحمد ناصر الفردان مدير فرع الإحصاء المروري بإدارة المرور والدوريات بشرطة الشارقة، أن من بين الأسباب التي تدفع قائدي المركبات لارتكاب المخالفات المروريّة التي يقع بسببها حوادث وتخلّف ضحايا، «القيادة العدوانيّة»، والمتمثلة في إقدام قائدي المركبات على القيادة بصورة عدوانية. وأشار إلى إن مجموع المخالفات المروريّة المسجّلة في الدّولة في فترة المقارنة الزمنيّة بين عامي 2007 - 2012 بلغ (38615147) مخالفة، وهو رقم كبير، خاصّة إذا ما اقترن ذلك مع ملاحظة تزايد عدد هذه المخالفات في الفترة المذكورة، فباستثناء الفترة بين عامي (2007 - 2008)، ارتفع معدّل المخالفات المروريّة في الدّولة بشكل تصاعديّ. وأرجع الفردان أسباب معظم الحوادث إلى القيادة العدوانية وهي مجموعة من السّلوكيات التي يقوم بها قائد المركبة وينتج عن عدد من الدّوافع والمؤثّرات التي تدفع سلوكيّات الفرد نحو التصرف بعدوانيّة أثناء قيادة المركبة، وبعض هذه المؤثّرات ذاتيّ مثل السّمات النّفسيّة والشّخصيّة، وبعضها الآخر ناتج عن البيئة المحيطة بقائد المركبة، والتي تؤدّي إلى إيقاع الأذى به أو بغيره من مستخدمي الطّريق. وأفاد الباحث أن من أهم أنماط القيادة العدوانية، عدم التقدير لمستخدمي الطّريق وعدم الالتزام بخطّ السّير الإلزامي وعدم ترك مسافة كافية ودخول طريق رئيسي من دون التأكّد من خلوّه والقيادة بطيش وتهوّر وتجاوز السّرعة الزّائدة وتجاوز الإشارة الضوئيّة الحمراء، وهي المخالفات التي تبين من خلال التحليل الإحصائي أنها تسببت بما نسبته (68.8 في المائة) من إجمالي الحوادث المروريّة في إمارة الشّارقة بين عامي 2007 م و2012م. أما على مستوى إمارة الشارقة، فقد بلغ مجموع حوادث المرور الواقعة في إمارة الشارقة نحو (5583) حادثاً مرورياً في الفترة الواقعة بين 2007 إلى 2012. انخفاض أظهرت إحصاءات الإدارة العامة للتنسيق المروري في وزارة الداخلية انخفاض وفيات حوادث المرور في الدولة، خلال العام الماضي بنسبة 12.8 في المائة، مقارنة بـ 2010، إذ وقعت 720 وفاة في العام الماضي، مقابل 826 وفاة في 2010، فيما انخفض معدل الوفيات من 10 إلى 8.49 لكل 100 ألف نسمة. وانخفض عدد الوفيات بين المواطنين في العام الماضي نتيجة حوادث المرور بنسبة 28.8 في المائة، والإصابات بـ15 في المائة، إذ بلغ عددها 7808 إصابات، مقابل 9187 في عام 2010.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©