الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ابن البيطار ·· المؤسس الأول لعلم الصيدلة في الغرب

ابن البيطار ·· المؤسس الأول لعلم الصيدلة في الغرب
18 أكتوبر 2006 23:40
''الاتحاد''- خاص: بذل العلماء العرب القدامى جهودا كبيرة في تصنيف الأعشاب الطبية وإعداد المستحضرات المخصصة للتداوي، تمهيداً لما سيُعرف لاحقاً بفن الصيدلة الذين يدين لهؤلاء العلماء، وإلى حد بعيد، بظهوره إن لم يكن كله من اختراعهم· وكان هؤلاء العلماء يجمعون بين تعلم الكيمياء وفن الطب، وهما علمان وثيقا الصلة في ما بينهما ومع النباتات والأعشاب· ومن هؤلاء العلماء أبومحمد ضياء الدين عبد الله بن أحمد بن البيطار، المالقي، نسبة إلى مدينة مالقة بالأندلس التي ولد بها سنة 595 للهجرة· درس ابن البيطار في مدينة اشبيلية الأندلسية على بعض المشايخ أمثال أبوالعباس وعبد الله بن صالح· وبعد ذلك بدأ مسلسل رحلات علمية طويلة قادته في أول شبابه، إلى مراكش في المغرب ومنها إلى الجزائر فتونس، حيث قارع الباحثين ودرس علم النبات والمشتغلين فيه بهذه الربوع· ثم انطلق إلى المشرق فتوقف في أنطاكية قبل أن يواصل المسير إلى سورية فمصر ثم بلاد الحجاز وفلسطين التي زار منها مدينتي غزة والقدس الشريف· وواصل إبن البيطار رحلته فتوقف في بيروت وانطلق منها إلى بلاد الإغريق حيث بلغ أقصى بلاد الروم، متفحصاً النباتات المحلية بهدف التوصل إلى مزاياها الطبية، حتى أن بعض من الباحثين في زمننا هذا يصفونه بالعالِم المجنح· وأثناء إقامته في مصر، اتصل بالملك الكامل الأيوبي الذي أولاه عناية كبيرة واعتمد عليه في شؤون الأدوية والنبات، ثم عينه رئيساً على سائر العشابين، وهو نقيب الصيادلة بالمفهوم الحديث· لكن الملك الكامل لم تمهله المنية طويلا، فتحول ابن البيطار إلى خدمة ابنه الملك الصالح في دمشق، فنال عنده الحظوة نفسها التي كان يتمتع بها عند أبيه· واستقر الرجل في دمشق التي ذاع صيته بها بل وتجاوزها إلى البلاد الأخرى ومكث بها بقية حياته· اعتبر ابن البيطار أهم عالم نباتات على الإطلاق في القرون الوسطى ومن أكثرهم إنتاجاً· وقد ألّف كتاباً بعنوان ''الجامع لمفردات الأدوية والأغذية'' أو ''مفردات ابن البيطار'' الذي يعد من أنفس المؤلفات في مجال النباتات وأشهرها·· وتبنى المنهج العلمي في أبحاثه إلى جانب التجربة والمشاهدة كأساس لدراسة النباتات والأعشاب والأدوية· شروح لـ 1400 دواء كما اشتمل هذا الكتاب على شروح مفصَّلة لما يناهز 1400 دواء ما بين نباتي وحيواني ومعدني، ابتكر هو نفسه منها 300 دواء استنادا إلى معلومات استقاها مما يزيد على 150 كتاباً بينها عشرون لعلماء يونان· وتناول ابن البيطار بالشرح المفصل الفوائد الطبية لكافة هذه العقاقير وطرق استعمالاتها كأدوية أو كأغذية، مع ترتيبها وفقا لحروف المعجم من أجل تسهيل الإطلاع عليها بالنسبة للأطباء والطلبة دون كبير مشقة أو عناء· كما دوّن ابن البيطار في هذه الموسوعة جميع الشروح والملاحظات بشأن تأثير حفظ النباتات على المواد الفعَّالة والمكونات الغذائية الموجودة فيها· العبقري··· ويصفه ماكس مايرهوف بأنه ''أعظم كاتب عربي خلّد في علم النبات''· أما المستشرق روسكا، فيقول: ''إن كتاب الجامع كان له أثره البالغ في أوروبا، وكان من أهم العوامل في تقدم علم النبات عند الغربيين''· من جانبها، اعتبرت الباحثة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها ''شمس العرب تسطع على الغرب'' أن ''ابن البيطار من أعظم عباقرة العرب في علم النبات، فقد حوى كتابه الجامع كل علوم عصره وكان تحفة رائعة تنم عن عقل علمي حي، إذ لم يكتفِ بتمحيص ودرس وتدقيق 150 مرجعا بل انطلق يجوب العالم بحثاً عن النباتات الطبية فيراها بنفسه ويجري تجاربه عليها إلى أن وصل به الأمر ليبتكر 300 دواء جديد من أصل 1400 دواء التي تضمنها كتابه مع ذكر أسمائها وطرق استعمالها وما قد ينوب عنها، كل هذه عبارة عن شواهد تعرّفنا تماماً كيف كان يعمل رأس هذا الرجل العبقري''، لتضيف انه لولاه لما تأسس علم الصيدلة في الغرب· وقد تمت ترجمة كتاب ''الجامع لمفردات الأدوية والأغذية'' إلى لغات عديدة وظل يدرس في معظم الجامعات الأوروبية حتى وقت قريب وطبع أكثر من مرة وبعدة لغات· وكانت طباعته في أربعة أجزاء بالعربية سنة 1874 للميلاد في مصر قبل أن يتم نشره في بيروت عام 1980 في مجلدين· ''أورينت برس''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©