الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

السوق العقارية المصرية تعاني نقص الإسكان المتوسط

السوق العقارية المصرية تعاني نقص الإسكان المتوسط
11 نوفمبر 2010 22:53
على مشارف القاهرة وأمام تجمعات سكنية مغلقة يمارس سكانها رياضة الجولف في ملعب من 18 حفرة توجد شقق فخمة شاغرة ليس هناك ثمة من يشتريها. وبينما تتراكم الرمال من الصحراء المحيطة على تشطيبات هذه الشقق الفاخرة يقول مواطنون إنهم لا يقدرون على تحمل شراء منزل في القاهرة التي يبلغ عدد سكانها 20 مليوناً والتي تكتظ بالمباني المتلاصقة. وقالت رباب عبد المنعم (30 عاماً) وهي أم لثلاثة أبناء ويعمل زوجها في شركة عالمية في مصر إن أسرتها عاجزة عن تحمل أسعار العقارات في المدن الجديدة. وأضافت “عدد الشقق المعروضة هائل .. خاصة في المدن الجديدة”. وتابعت “لكن الأسعار مرتفعة جداً كما أن طرق السداد ليست مناسبة دائما”. ويقول محللون إن الطفرة العقارية التي شهدتها مصر في الفترة من 2004 حتى 2008 والتي وفرت منازل للطبقة الغنية ساعدت على صمود البلاد في وجه الركود العالمي. لكن تخمة المساكن الفاخرة التي يجري تسليمها حتى عام 2011 تعني أنه ينبغي لشركات التطوير العقاري التحول إلى الإسكان المتوسط لمواصلة تحقيق الإيرادات. وتقر الشركات العقارية بحاجتها إلى تغيير أسلوبها لكنها تشكو من ضآلة حجم سوق الإقراض العقاري وهو ما يجعل الاقتراض صعباً على غير الأغنياء فضلا عن خلاف قانوني بشأن بيع أراضي الدولة جعل الشركات قلقة من المشروعات الجديدة. وقال ماهر مقصود الرئيس التنفيذي لشركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) لرويترز “أي شركة عقارية (يجب) أن تدرك أنها إذا لم تشارك في غضون خمس سنوات من الآن بشكل أساسي في إسكان متوسط مدعوم بسوق إقراض عقاري قوية فستفوتها الكعكة”. وبدأت بعض الشركات بناء وحدات صغيرة لكن السعر يتراوح غالبا بين 500 ألف جنيه و1.5 مليون جنيه (87 ألف دولار و260 ألف دولار). ويقدر بنك الاستثمار “نعيم” الطلب السنوي من الفئة التي يصنفها بمتوسطة الدخل بنحو 200 ألف منزل. وتشمل هذه الفئة من يتراوح دخلهم السنوي بين 27 ألفاً و203 آلاف جنيه. وقال باتريك جافني المحلل العقاري لدى اتش.اس.بي.سي “لم تتمكن شركات التطوير من التوصل إلى النموذج الصحيح لبناء إسكان ميسور التكلفة”. وأردف يقول “لكن لا بد أن يخدموا متوسطي الدخل لأنه إذا كانت هناك دائما مبيعات في الطبقة الغنية فإن حجمها لن يكون كبيرا بنفس القدر.” وأحد سبل إطلاق سوق الإسكان المتوسط يمكن في زيادة الاقراض العقاري. ويشكل الاقراض العقاري أقل من نصف في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في مصر مقارنة مع 14 بالمئة في المغرب وأكثر من 80 بالمئة في بريطانيا في عام 2008. ويبلغ إجمالي القروض العقارية في مصر 4.5 مليار جنيه ولا يتعدى عدد العملاء 75 ألفا. وقال ياسين منصور رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بالم هيلز للتعمير “هذا (رقم) لا يذكر. إنه يعادل مبيعات شركة واحدة في عام ... يجب أن ينمو الاقراض العقاري”. وقد تبدأ القوانين الجديدة التي تعدها الحكومة في معالجة بعض المشكلات التي يشكو منها المقرضون. وستسمح للمؤسسات مثلا بطرد من يتخلف عن سداد القروض في غضون ستة أو سبعة أشهر مقارنة مع سبع سنوات وفقا للنظام الحالي. لكن ثمة عقبات أخرى لم تذلل بعد. وقالت إيمان إسماعيل العضو المنتدب للشركة المصرية لإعادة التمويل العقاري إن العقارات المسجلة في مصر أقل من 30 بالمئة وهذه مشكلة للمقرضين الذين يريدون الاحتفاظ بصكوك ملكية المنزل كضمان للقرض. ويقول محللون إنه لا بد أيضا أن يتغير نهج البنوك المتحفظة التي تضع فائدة تصل إلى 13 أو 14 بالمئة وهي مرتفعة جدا حتى للعملاء أصحاب الأجور المرتفعة مثل عمرو أمين وهو خريج إحدى الجامعات الكبرى ويعمل بوظيفة دائمة. وقال أمين الذي لجأ إلى أسرته لمساعدته في شراء شقة “البنوك تفرض فوائد مرتفعة كان يمكن أن ترهقني جدا”. وباتت شركة أوراسكوم القابضة للتنمية رائدة في مجال الإسكان منخفض التكلفة من خلال مشروع هرم سيتي الواقع قرب أهرام الجيزة. ويستهدف المشروع إسكان 25 ألف شخص في 11 ألف وحدة. وقال عمر الهيتمي العضو المنتدب لأوراسكوم للإسكان التعاوني التابعة لاوراسكوم القابضة للتنمية “ نموذج أعمالنا يحتاج إلى نمو سوق الاقراض العقاري لكي يستنسخه آخرون”. ومن المستحيل تقريبا أن ينعم المرء بالهدوء في القاهرة وسط أبواق السيارات والأصوات المرتفعة وصخب الملايين الذين يسكنون واحدة من أكبر مدن العالم. ويريد السكان الذين يضطرون أحيانا إلى الدوران حول المبنى الذي يقيمون فيه أكثر من مرة للعثور على مكان لإيقاف السيارة أسفله أن يخرجوا من العاصمة المكتظة والخانقة والتي تحتجب فيها الشمس بطبقة رمادية من الملوثات. وتعرض الشركات العقارية التي تسعى للاستفادة من خطة حكومية لبناء تسع مدن صغيرة في الصحراء إعلانات تصور أطفالا يركضون في جو مثالي آمن ونظيف وهي صورة مناقضة تماما لشوارع القاهرة. لكن الشركات أصبحت أكثر حذرا إزاء إقامة أي مشروعات جديدة بسبب موجة دعاوى قضائية تطعن في بيع أراض مملوكة للدولة. وثارت هذه الموجة بعدما قضت محكمة في يونيو ببطلان عقد بيع أرض مشروع “مدينتي” التابع لمجموعة طلعت مصطفى لعدم طرحها في مزاد. وقالت الحكومة إنها ستحترم الحكم وتلغي العقد الأصلي لكنها ستعيد تخصيص الأرض لمجموعة طلعت مصطفى استنادا إلى حقها في التصرف وفقا للصالح العام. ورحب المستثمرون بهذا التدخل العاجل لكن هذا لم يحل دون رفع قضايا مماثلة. وقال منصور رئيس بالم هيلز “حكم المحكمة يفتح حقا أبواب الجحيم”. وأقيمت دعاوى قضايا ضد شركات من بينها بالم هيلز والمصرية للمنتجعات السياحية. وتعهدت الحكومة بصياغة تشريع جديد يهدف إلى إنهاء الفوضى الناجمة عن وجود قانونين متعارضين يسمح أحدهما للدولة ببيع الأرض مباشرة للمطورين بينما يقول الآخر إنه يتعين بيعها في مزاد. لكن التشريع سينتظر البرلمان الجديد بعد الانتخابات المقررة في 28 نوفمبر الجاري. وقال جافني من اتش.اس.بي.سي “أعتقد أن الحكومة ستصلح الأمر لكن أظن أنها ستكون أبطأ مما يتوقع الجميع. الأمر معقد للغاية وينطوي على حساسية سياسية شديدة.. ثمة أمور قليلة جدا ذات طبيعة سياسية مثل الأراضي”. وقال ديفيد نبيل (25 عاما) الذي يعمل منسقا للأغاني في الحفلات ويكسب 900 جنيه شهرياً وهو ما يجعله من فئة محدودي الدخل “أريد أن أتزوج وأريد الحصول على شقة. أطالع الإعلانات المبوبة وأرى الكثير من الفيلات”. ويبحث نبيل عن شقة منذ ثلاث سنوات لكن المتاح خارج متناوله.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©