الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإفطار في المطاعم ضرورة عصرية تفرضها الرغبة بتناول أطعمة من موائد العالم

الإفطار في المطاعم ضرورة عصرية تفرضها الرغبة بتناول أطعمة من موائد العالم
16 أغسطس 2011 22:20
مع توالي أيام شهر رمضان الكريم، بدأت كثير من الأسر بالانصراف عن تناول طعام الإفطار في المنزل والذهاب إلى المطاعم المنتشرة في المراكز التجارية والفنادق، متخلية عن واحدة من أجمل سمات الشهر الفضيل، والمتمثلة في اجتماع أفراد الأسرة وتحلقهم حول المائدة في انتظار الأذان وسط طقوس رمضانية جميلة ومميزة، وقد تباينت أسباب هذا الانصراف بين الرغبة في التغيير، والاستجابة لضغوط الأبناء، وحتى انشغالات الزوجة والإرهاق الذي يصيبها نتيجة جمعها بين مسؤوليات البيت والعمل. (أبوظبي) - يستهل أيهم غزلان، (35 سنة) مدير بإحدى الشركات، الأيام الأولى من الشهر الكريم بتناول طعام الإفطار في المنزل احتفاء بقدوم رمضان، ولكن بعد ذلك يشرع بالخروج لتناول الإفطار في المطاعم كنوع من التغيير وتناول أطعمة جديدة وأصناف غير التي اعتادت ربة البيت عملها، سيما في ظل وجود عدد كبير من المطاعم التي تقدم أكلات من جنسيات عديدة وبنكهات مختلفة، فيكون شهر رمضان واجتماع الأسرة في موعد واحد فرصة للجميع للاستمتاع بهذه الأنواع الجديدة سوياً، وفي الوقت نفسه يكون هناك متسع من الوقت لعمل نزهة خفيفة للأطفال قبل صلاة التراويح، من أجل الترفيه عنهم في إجازتهم الصيفية، كون أولياء الأمور لا يمكنهم القيام بذلك في نهار رمضان. روتين يومي كسر الروتين اليومي والشعور بالتجديد، من أقوى الأسباب التي تدفع خالد المهيري (41 سنة) إلى الذهاب إلى المطاعم خاصة في النصف الأخير من الشهر، بعد الانتهاء من الزيارات العائلية وتلبية دعوات الإفطار المتبادلة، حسبما قال، موضحاً إن الذهاب إلى أماكن مختلفة يومياً يزيد من إحساسه بجمال شهر رمضان الكريم، كونه يتيح الفرصة للأسرة الاجتماع في وقت واحد سواء داخل المنزل أو خارجه، ولذلك لا يجد غضاضة في دعوة بعض أخوته وأسرهم أيضاً إلى تناول الإفطار خارج المنزل، مؤكداً أنهم يرحبون بمثل هذه الدعوات التي تزيد من جو الألفة بين الجميع بما فيهم أطفال العائلة، عبر الأجواء المختلفة التي يتناولون فيها وجبتهم، بعيداً عن منزل الأهل أو الجد. ويلفت المهيري إلى أن ذلك لا يقلل من متعة تواجد أفراد الأسرة سوياً والإفطار داخل المنزل في شهر رمضان، ولكن البعد عن النمطية وتوافر كثير من المطاعم الفاخرة، يجعل من الذهاب إليها متعة مضافة لجميع أفراد الأسرة صغاراً وكباراً. أما حنين الأبناء إلى الأطعمة الجاهزة (فاست فوود) فيعتبر من أقوى الأسباب التي تحمل المهندسة معالي الجوهري (38 سنة) إلى اصطحاب أولادها إلى أحد المطاعم وتناول طعام الإفطار بها، مبينة أن الأطفال على مدار العام اعتادوا تناول تلك الأنواع من الطعام، ومن الصعب أن يتخلوا عنها طوال شهر رمضان، حيث أنهم يعتبرون الخروج إلى المطاعم نزهة أيضاً وليس مجرد تناول وجبة لسد الجوع. وتشير الجوهري إلى أن كثيراً من تلك المطاعم يعطي عروضاً خاصة بأسعار شهر رمضان، ما يشجع كثيرا من الأسر إلى تكرار الذهاب إليها أكثر من مرة أسبوعياً خلال الشهر، وهو الأمر الذي قد لا تسمح به الميزانية في أيام أخرى من العام، ولذلك عندما يطلب أبناؤها الذهاب خارج المنزل وتناول الإفطار في أي من المطاعم، لا تعارض كثيراً تلك الفكرة، خاصة وأن الأولاد يعيشون بعيداً عن أقربائهم كونهم في غير وطنهم الأصلي، ومن ثم فلا توجد زيارات عائلية متبادلة، وهنا يصبح الخروج إلى المطاعم ورؤية عدد من الأسر تتناول الإفطار في ذات الوقت والمكان يحمل ملمحاً رمضانياً خاصة، يعطي الأبناء شعوراً بخصوصية هذا الشهر ومكانته في قلوب الجميع. يقول طبيب الأسنان عاصم كرم (41 سنة) إن تخفيف الأعباء عن ربة المنزل وعمل مفاجأة لها، تدفعه إلى دعوة أفراد الأسرة إلى تناول طعام الإفطار خارج المنزل، سيما وأنها تكون مرهقة من الصيام والعمل في ذات الوقت، فلا يكون لديها متسع من الوقت والطاقة البدنية لإعداد الإفطار للأسرة، إلا إذا كان ذلك على حساب صحتها. ويشير كرم إلى نقطة بالغة الأهمية، وتتمثل في أن ساعات التعبد في شهر رمضان تعتبر ساعات ذهبية ويجب اقتناصها والاستفادة بها من أجل التقرب إلى الله عز وجل، خاصة في النصف الثاني من الشهر الكريم مصداقاً لقول الرسول الكريم «أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار»، ولذلك ينبغي إتاحة الفرصة للزوجة أن تؤدي ما عليها من عبادات، بالتخفيف عليها من الأعباء المنزلية بقدر الإمكان سيما إذا كان عملها يأخذ قسما كبيرا من وقتها، فلا يصح أن يأخذ المطبخ القسم الآخر من الوقت، وبالتالي تضيع عليها فرصة الاستفادة من فضائل هذا الشهر الكريم. من جانبه، يقول حمود الكتبي (47 سنة) إنه لا يفضل تناول طعام الإفطار خارج المنزل، لأن شهر رمضان يرتبط لديه بالتجمعات العائلية والزيارات المتبادلة التي قد لا يتيسر القيام بها طوال العام بسبب ظروف العمل ومشاغل الحياة، ولكنه يشير إلى أن «رغبة الأبناء في كسر الروتين اليومي وتناول أنواع معينة من الأطعمة تجعله ينزل على رغباتهم، ويتوجه بهم إلى أي من المطاعم التي يحددونها». ويضيف أنهم يحاولون في هذا الشهر تناول أطعمة من بلدان مختلفة، حيث يفضل بعضهم الأكل الشامي، ومنهم من يجرب الطعام المكسيكي، وغيرها من الأطعمة التي لم نكن نميل إلى تناولها في الماضي. ويوضح الكتبي أن اندفاع الأبناء لتناول هذه الأكلات، يكون بدافع التغيير فقط، وحب كل ما هو جديد، ولا يؤثر مطلقاً على حبهم لأكلاتهم الإماراتية التي تعودوا عليها ويعتبرونها جزءا أساسيا من هويتهم الشخصية، خاصة وأن هذه الأكلات من هريس ولقيمات وغيرها من أطايب الأكل الإماراتي تكون مرتبطة بالأجواء المنزلية، وصور الاهتمام التي تقدمه الأم أو الجدة للأبناء. الحياة العصرية تقول نادية خلفان (29 سنة)، الموظفة بإحدى الشركات، إن نمط الحياة العصرية وخروج المرأة للعمل أثّر بشكل أو بآخر على التقاليد المعروفة في رمضان، خاصة إذا كانت ساعات عمل المرأة خارج بيتها طويلة، فلا يكون هناك متسع من عمل ولائم كبيرة كما كانت تفعل الأمهات في الماضي، ولذلك تخرج خلفان مع زوجها وطفلهما الوحيد كثيراً إلى المطاعم لتناول الإفطار بها. وتوضح أن تلك المطاعم تقدم خدمات راقية وبأسعار معقولة خلال الشهر الكريم في إطار تنافسها على جذب الزبائن، الذي يحرص أغلبهم على الإفطار المنزلي، وهو ما يعتبر عامل تشجيع ولا يمثل عبئاً على ميزانية الأسرة. وتضيف خلفان ميزة أخرى، وتتمثل في أنها تعتبر الخروج إلى المطاعم مع زوجها، فرصة للتنزه وتناول مجموعة من الأطباق العالمية من جنسيات مختلفة التي تقدمها تلك المطاعم، والتي تحمل مذاقات مختلفة وممتعة. في هذا السياق، تقول الاختصاصية الاجتماعية وداد الشاعر، من واقع خبرتها الممتدة في المجتمع الإماراتي لعشرات السنين، كونها إحدى بناته ومن الرعيل الأول الذي درس فيه واهتم بكل تطورات الحياة بداخله، في معرض تحليلها لظاهرة إقبال الأسر على تناول الإفطار خارج المنزل بعد انقضاء الأيام الأولى من شهر رمضان، إن بداية الشهر تكون ممتزجة بحدة الخشوع والورع والاشتياق للضيف الغائب منذ عام، ولكن بعد انقضاء الأسبوع الأول تقريباً تنتهي الزيارات العائلية بين الأسر، ويبدأ أفراد العائلة خصوصاً الشباب منهم في البحث عن أماكن التجمعات الخارجة للخروج من المنزل سواء لتناول طعام الإفطار، أو حتى للجلوس على المقاهي بعد الانتهاء من صلاة التراويح. أهمية الترابط تؤكد الشاعر أن عملية الخروج تلك لتناول الطعام خارج المنزل لم تكن معروفة في الماضي، ولكن فرضتها طبيعة التغيرات التي طرأت على المجتمع، لافتة إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون كل تغير في المجتمع تغيرا سلبيا، بل قد يحمل في طياته إيجابيات عديدة، منها مواكبة الحياة العصرية بكل مظاهرها، دون التعدي على عاداتنا وتقاليدنا، وكذلك التعرف على ثقافات الشعوب الأخرى عبر الأطباق المختلفة وألوان الأطعمة التي تقدمها المطاعم المختلفة باعتبار أن المأكولات تعتبر أحد أشكال المكونات الثقافية للشعوب. ومع ذلك تشدد الشاعر على أهمية الترابط الأسري وتأكيد العلاقات مع الأقارب والأهل خلال هذا الشعر الكريم، عبر الزيارات المتبادلة، وضرورة اجتماع أفراد الأسرة حول ما تقدمه ربة البيت، كون هذه الوجبة تحمل معاني أخرى مثل الدفء الأسري، وتعظيم قيمة البيت والأسرة في نفوس النشء، حتى يكون انتماؤهم الأول إلى الأسرة باعتبارها النواة الأولى في المجتمع والقادرة على بث كل مشاعر الحب والحنان لأفرادها عبر صور مختلفة ومنها موائد الطعام، وهو الشيء المستحيل توافره في المطاعم الخارجية، مؤكدة أن تمسك الأسرة بالإفطار المنزلي يعد أحد أشكال حفظ الهوية العربية والإسلامية لنا، وهو ما ينبغي لأولياء الأمور أن يضعوه في حسبانهم قبل اتخاذهم أي قرار بتناول الإفطار في المطاعم خارج المنزل. عروض تشجيعية أكد الشيف بأحد المطاعم هشام عبدالسلام أن كثيرا من الأسر تتجه إلى المطاعم وخاصة في النصف الأخير من شهر رمضان، بحثاً عن التغيير والتجديد، وتناول طعام الإفطار بعيداً عن المنزل، الذي يزدحم في غالبية الأيام الأولى من رمضان بالأقرباء والأهل. ويلفت عبد السلام إلى أن إدارات المطاعم المختلفة تضع هذا الأمر في حسبانها وتعمل على تشجيع أفراد العائلات والأسر على المجيء إليها، من خلال تقديم أطباق مختلفة وجديدة، وكذلك تقديم عروض وتخفيضات على الأسعار، تختلف عن الأسعار السائدة طوال العام
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©