الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصص الأنبياء والرسل عبرة ونذر لأولي الألباب

قصص الأنبياء والرسل عبرة ونذر لأولي الألباب
16 أغسطس 2011 22:21
أبوظبي (الاتحاد) ـ إن مهمة الأنبياء في نفع البشرية لم تنته بانتقالهم إلى الرفيق الأعلى، بل استمر تأثيرهم ودورهم في الناس من خلال قصصهم وسيرتهم المليئة بالدروس والعبر، قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ”. فأصحاب العقول والإفهام على مر العصور يتلمسون العبر من قصص الأنبياء فهي نبراس يهتدى بهفي خضم هذه الحياة. فقصصهم تربوية وتوجيهية وتعليمية، ومن سماتها استمرارية الموعظة وديمومية العبرة. وأول عبرة في سيرتهم أن الله أرسلهم رحمة لخلقه، ليصلحوا منهم ما فسد، ويعيدوا منهم من ضل وابتعد، فكل نبي بشر، حذر وحاور وأعذر، وجاءهم بالحجة والدليل، وعامل المنكر معاملة الطبيب للعليل، يقول الله تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ). فعلى المسلم أن يستلهم من سيرة الأنبياء الشخصية الإنسانية المتزنة التي تعمل على البناء وتحب العطاء وتبذل الوقت والجهد لخدمة الناس ونفعهم. اهتم القرآن الكريم بسيرة الأنبياء عليهم السلام، وقص علينا قصصهم من أجل تحقيق فوائد جمة وغايات مهمة، قال الله تعالى عن واحدة من أهم العبر والدروس: “وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ”، فهي دعوة لتثبيت قلب كل صاحب رسالة، وكل حامل مسؤولية أن يثبت أمام الصعاب وان لا يتراجع أمام العقبات، وأن لا يتخلى عن مهمته ومسؤوليته في سبيل تحقيق النفع العام وخدمة وطنه ومجتمعه. الأنبياء إخوة من الدروس الواضحة الجلية أن الأنبياء إخوة، دينهم واحد، ومنهجهم واحد، وكلهم دعوا إلى توحيد الله تعالى وعبادته، وجميعهم أمروا بمكارم الأخلاق، ونهوا عن فاحشها وسيئها، وأن تصديق واحد منهم هو تصديق للجميع، وتكذيب واحد منهم هو تكذيب للجميع، ولا يقبل إيمان مسلم إلا بالإيمان بهم جميعاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الأنبياء أخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد”. وفي تكذيبهم عناد وتكبر، والعناد والتكبر صفات توصل صاحبها إلى رفض الحقيقة وإنكار الحق، رغم أنهم اشتهروا بين أقوامهم بالصدق والإخلاص، وتميزوا بالفضائل وحسن الخصال، وفعلوا البر والخير وصالح الأعمال. ولما لم يجد أقوامهم ما يشين منهجهم أو يسيء لشخصيتهم، اتهموهم بالجنون والسحر، وصبوا عليهم أقوامهم أنواع البلاء، لنعلم أن مقام النبوة لا يرد القضاء ولا يمنع البلاء، وأنهم قدوة لكل مبتلى أو مصاب، فلما صبروا جاءهم الفرج من الله تعالى، قال الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: “فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ”. ومع هذا فلم يعاملوا المعاندين والمعارضين المنكرين إلا بالأسلوب اللين، قال الله تعالى لنبيه موسى وهارون عندما أمرهما بدعوة فرعون: (فقولا لَهُ قولا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى). إخوة يوسف ومن الدروس والعبر التي نتعلمها مثلا من قصة نبي الله يوسف عليه السلام خطورة وضرر الكيد والحسد، وأنه سيعود بالنهاية بالحسرة والندامة على فاعله، وهذا ما حدث مع إخوة يوسف، ونتعلم أيضا أن الشكوى التي تريح القلب وترضي الرب هي الشكوى إلى الله تعالى قال يعقوب عليه السلام: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)، ونتعلم كذلك حفظ أمانة البيت الذي يرعاك والرجل الذي رباك والمكان الذي آواك، وعدم الخيانة تحت أي ظرف من الظروف، قال نبي الله يوسف عليه السلام لزوجة الرجل الذي رباه في بيته وقد دعته لما دعته: “مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ”، وتعلمنا أيضاً أن تعفف عن فعل الحرام والصبر على المنكرات يورث الرفعة والعزة والاحترام، وتعلمنا أيضاً الطموح للمناصب المهمة خدمة للناس والأوطان، قال سيدنا يوسف: “اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ”. ولا شك في أن قصة كل نبي من الأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكريم بأسمائهم وهم خمسة وعشرون نبياً ورسولاً، تحمل عبراً كثيرة، ودروساً جليلة، فعلينا أن نقف عندها، لنستلهم منها ما ينفعنا في حياتنا وفي بيوتنا وفي أعمالنا وفي دنيانا وأخرانا، فمنهم نتعلم كيف نربي أولادنا وبناتنا على القيم السامية والأخلاق الراقية. كما في قصة امرأة عمران وابنتها مريم، وقصة مريم وابنها عيسى المسيح عليهما السلام، وقصة نبي الله زكريا وابنه يحيى عليهما السلام، ومنها ما يعلمنا كيف نتعامل مع زوجاتنا بتكريم ومودة، كما في قصة الخليل إبراهيم وزوجه سارة عليهما السلام، وكما في سيرة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام مع زوجاته، ونتعلم كيف نبر آباءنا وأمهاتنا، ونسعى لنيل رضاهما، كما في قصة نبي الله إسماعيل مع والده إبراهيم عليهما السلام، ويوسف مع أبيه يعقوب عليهما السلام، ونتعلم كيف يجب أن نجتهد لنتعلم ونتأدب مع من يعلمنا، كما فعل موسى مع الخضر عليهما السلام. قصص الأنبياء فقصص الأنبياء عليهم السلام واقعية حقيقية، لا خيال فيها ولا وهم، ولا تغيير فيها ولا تحريف، لذلك سماها الله أحسن القصص، لما تقدمه للبشرية من نماذج إنسانية راقية لأنبياء عاشوا بشريتهم، ومارسوا إنسانيتهم، فجرى عليهم ما يجري على الإنسان العادي من ظواهر وعوارض طبيعية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ” لتتحقق بذلك القدوة وتجب الأسوة، ولا يوجد أي عذر ولا حجة لمن يريد أن يبتعد عن سيرتهم أو أن لا يسير على منهجهم، يقول الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ)، فالأنبياء عليهم السلام حققوا في انفسهم النماذج البشرية التي من المفترض أن يكون عليها كل إنسان وأن يتمثل بها لما فيه خيره وسعادته وخير وسعادة الإنسانية. هشام يحيى خليفة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©