الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات من التراث

حكايات من التراث
18 أكتوبر 2006 23:48
قصتان تـواضع العادل روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في ليلة من الليالي يتفقد أحوال المسلمين فرأى بيتاً من الشعر مضروباً لم يكن قد رآه بالأمس، فدنا منه فسمع فيه أنين امرأة، ورأى رجلاً قاعداً فدنا منه وقال له: من الرجل؟ فقال له: رجل من البادية قدمت الى أمير المؤمنين لأصيب من فضله· قال: فما هذا الأنين؟ قال: امرأة تتمخض قد أخذها الطلق، قال: فهل عندها أحد؟ قال: لا، فانطلق عمر والرجل لا يعرفه فجاء الى منزله فقال لامرأته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بنت فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنهم: هل لك في أجر قد ساقه الله تعالى لك؟ قالت: وما هو؟ قال: امرأة تتمخض ليس عندها أحد، قالت: إن شئت، قال: فخذي معك ما يصلح للمرأة من الخرق والدهن وائتني بقدر وشحم وحبوب، فجاءت به فحمل القدر ومشت خلفه حتى أتى البيت، فقال: ادخلي الى المرأة، ثم قال: للرجل أوقد لي ناراً، ففعل، فجعل عمر ينفخ النار ويضرمها والدخان يخرج من خلال لحيته حتى أنضجها، وولدت المرأة، فقالت أم كلثوم رضي الله تعالى عنها: بشر صاحبك يا أمير المؤمنين بغلام، فلما سمعها الرجل تقول يا أمير المؤمنين ارتاع وخجل وقال: واخجلتاه منك يا أمير المؤمنين أهكذا تفعل بنفسك، قال: يا أخا العرب من ولي شيئاً من أمور المسلمين ينبغي له أن يتطلع على صغير أمورهم وكبيره فإنه عنها مسؤول، ومتى غفل عنها خسر الدنيا والآخرة، ثم قام عمر رضي الله تعالى عنه وأخذ القدر من فوق النار، وحملها الى باب البيت، وأخذتها أم كلثوم وأطعمت المرأة، فلما استقرت وسكنت طلعت أم كلثوم، فقال عمر رضي الله تعالى عنه للرجل قم الى بيتك وكل ما بقي في البرمة وفي غد ائت إلينا· فلما أصبح جاءه فجهزه بما أغناه به وانصرف· ثلاثة إثلاث وحكي عن هارون الرشيد انه أرق ذات ليلة أرقاً شديداً فقال لوزيره أعفر بن يحيى البرمكي: إني أرقت في هذه الليلة، وضاق صدري، ولم أعرف ما أصنع؟ وكان خادمه مسرور واقفاً أمامه فضحك، فقال له: يضحكك استهزاء بي·أم استخفافاً؟ فقال: وقرابتك من سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ما فعلت ذلك عمداً، ولكن خرجت بالأمس أتمشى بظاهر القصر إلى جانب الدجلة فوجدت الناس مجتمعين، فوقفت فرأيت رجلاً واقفاً يضحك الناس يقال له ابن المغازلي فتفكرت الآن في شيء من حديثه وكلامه فضحكت والعفو يا أمير المؤمنين· فقال له الرشيد: ائتني الساعة به، فخرج مسرور مسرعاً إلى أن جاء إلى ابن المغازلي فقال له: أحب أمير المؤمنين فقال: سمعاً وطاعة· فقال له: بشرط أنه إذا أنعم عليك بشيء يكون لك منه الربع والبقية لي فقال له: بل إجعل لي النصف، ولك النصف فأبى، فقال: الثلث، ولك الثلثان، فأجابه إلى ذلك بعد جهد عظيم، فلما دخل على الرشيد سلم فأبلغ، وترجم فأحسن، ووقف بين يديه فقال له أمير المؤمنين: إن أنت أضحكتني أعطيتك خمسمائة دينار، وإن لم تضحكني أضربك بهذا الجراب ثلاث ضربات· فقال ابن المغازلي في نفسه: وما عسى أن تكون ثلاث ضربات بهذا الجراب وظن في نفسه أن الجراب فارغ، فوقف يتكلم ويتمسخر وفعل أفعالاً عجيبة تضحك الجلمود، فلم يضحك الرشيد ولم يبتسم فتعجب ابن المغازلي وضجر وخاف، فقال له الرشيد: الآن استحققت الضرب، ثم إنه أخذ الجراب ولفه وكان فيه أربع زلطات كل واحدة وزنها رطلان فضربه فلما وقعت الضربة في رقبته صرخ صرخة عظيمة، وافتكر الشرط الذي شرطه عليه مسرور، فقال: العفو يا أمير المؤمنين اسمع مني كلمتين، قال: قل ما بدا لك· قال: إن مسروراً شرط عليّ شرطاً، واتفقت أنا وإياه على مصلحة، وهو أن ما حصل لي من الصدقات يكون له فيه الثلثان، ولي فيه الثلث وما أجابني إلى ذلك إلا بعد جهد عظيم، وقد شرط عليّ أمير المؤمنين ثلاث ضربات فنصيبي منها واحدة، ونصيبه اثنتان وقد أخذت نصيبي، وبقي نصيبه قال: فضحك الرشيد ودعا مسروراً فضربه فصاح وقال: يا أمير المؤمنين قد وهبت له ما بقي، فضحك الرشيد وأمر لهما بألف دينار فأخذ كل واحد منهما خمسمائة، ورجع ابن المغازلي شاكراً، والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©