الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجراد وباء خطير يتشابه و «العشرة الجبابرة»

الجراد وباء خطير يتشابه و «العشرة الجبابرة»
16 أغسطس 2011 22:25
أحمد محمد (القاهرة) - الجراد من عائلة الجنادب، حشرة اجتماعية طائرة، عادة ما تكون أسراباً كبيرة يصل عددها إلى الملايين، يعيش في جماعات كبيرة ويصدر أصواتاً موسيقية من خلال الأرجل والأجنحة مع الجسم، وهناك 28 عائلة، تضم ما يزيد على 20 ألف نوع من الجراد في العالم، معظمها يتوزع في شمال القارة الإفريقية بالإضافة إلى مناطق في الشرق الأوسط، ويفضل المناطق الجافة والبيئة الصحراوية فهي تساعده على التكاثر والتناسل بسرعة كبيرة. ?والصحراوي هو أشهر الأنواع وأخطرها وأكبرها، قادر على الهجرة وعبور القارات والمحيطات في شكل أسراب وبالنسبة لحياته الاجتماعية فهو عادة يشكل أسرابا بأعداد كبيرة ويتواصل فيما بينه بفضل قرون الاستشعار. ?والجراد البني أكثر الأنواع، متوسط الحجم يتواجد في إفريقيا وهذا النوع أقل خطورة ولا يهاجر لمسافات كبيرة، بل يعتمد على التكاثر والتناسل بسرعة كبيرة، فأنثاه تضع من 100 إلى 150 بيضة وتفقس بعد 10 أيام فقط ويعتمد على القفز كوسيلة تنقل ويستطيع الزحف. الجبابرة والجراد ينقاد إلى رئيس يجتمع إليه كالعسكر، إن طار أوله تتابع كله طائعاً، وإذا نزل أوله نزل جميعه، فيه شبه من عشرة جبابرة، فله وجه فرس، وعينا فيل، وعنق ثور، وصدر أسد ، وبطن عقرب، وجناحا نسر، وفخذا جمل، ورجلا نعامة، وذنب حية. هذه الحشرة آكلة للنبات، مثل آلة قطع الورق فهي تملك جهازاً هضمياً متطوراً يضم فما يحتوي على أسنان محدبة وسوائل حمضية مذيبة للمواد الكربونية ولها جسم طويل انسيابي يساعدها على التنقل والهجرة بسهولة. يعتبر الجراد حشرة مهاجرة خطيرة فهي تصنف كوباء وآفة طبيعية، وكثيراً ما شوهدت أسراب تعبر البحر الأحمر من أفريقيا إلى شبه الجزيرة العربية وقد يصل بعضها الهند وباكستان وتركيا وتسافر أسراب الجراد لمسافات كبيرة جداً، حتى أنها شوهدت على بعد 1,930 كم من اليابسة. فبالرغم من صغرها تعتبر أخطر أنواع الحشرات لما تسببه من خسائر كبيرة في محاصيل الزراعة وبإمكانها القضاء على أكثر من 80 ألف طن في اليوم الواحد فالجرادة الواحدة تتغذى على أكثر من 5 جرامات من النبات في اليوم والسرب يحتوى على أكثر من 40 مليون حشرة. آفة ووباء الجراد يلتهم في الكيلومتر الواحد من السرب حوالي 100 ألف طن من النباتات الخضراء في اليوم، وهو ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة، والكيلومتر المربع منه يحتوي على 50 مليون جرادة على الأقل، وتتغذى الحشرات على الأوراق والأزهار والثمار والبذور وقشور النبات والبراعم وبصفة عامة يصعب تقدير الأضرار التي يسببها الجراد بسبب طبيعة الهجوم، حيث تعتمد الأضرار على المدة التي سيبقى بها بالمنطقة الواحدة وحجمه. الجراد سريع التناسل فالحشرة تضع على الأقل ثلاث مرات في حياتها وفي كل مرة تضع أكثر من 120 بيضة، ولا يمكن تصور عدد الحشرات الناتجة من كل أنثى من هذه الحشرة، تضع أنثى الجراد بيضها في حفر تحت الأرض، وتغطيه بسائل لتحميه من البرد، يمكن أن يظهر الجراد على شكلين، مهاجر ومقيم، ولكل جراد أماكن محددة ينتشر فيها، ما عدا الصحراوي ويمتاز بأن تكوينه يساعد على تحمل الظروف الطبيعية القاسية، وهو من الحشرات النشطة السريعة الحركة حتى إذا لم تستكمل الحشرة نموها. عدو الإنسان وللجراد أعداء في الطبيعة تتمثل بالطيور والفئران والثعابين والخنافس والعناكب، وهو قديم العداوة للإنسان فطالما هدد اقتصادياته ونزع القوت من فمه وأتى على كل ما أنفق من كد في الزرع والحرث وانتشرت بسببه المجاعات في أرجاء كثيرة من الأرض تمتد من الصين إلى أفريقيا وأوروبا، وعرفت غزواته وغاراته الكبيرة منذ آلاف السنين. وأمام خطره ظهرت المقاومة وأصبحت دولية، وقد تجردت جميع الدول المهددة بغارات الجراد من ألوانها ومذاهبها وعملت متعاونة للقضاء عليه، وعقدت أولى الاتفاقيات لهذا الغرض في روما في العام 1920 وهذه الاتفاقية مستمرة حتى يومنا هذا بما يعقد من اجتماعات ومؤتمرات وخاصة بعد أن أخذت هيئة لها شأنها في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة دورها في هذا المضمار.?استشهد به القرآن نموذجاً معبراً للانتشار الواسع العريض الذي ينبع من الأرض فيغمرها بما لا تحده سعة ولا يدخل في حدود، حيث يقول تعالى في سورة القمر: (خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر)، وقد ورد ذكره باعتباره نقمة وعقاباً للمستكبرين كحشرة مضرة تقضي على المحاصيل وتدمر الزروع. جنود الله يقول الله تعالى عن آل فرعون في موقف من مواقف عنادهم وكفرهم وإنكارهم قدرة الله تعالى: (وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين، فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين)، “سورة الأعراف الآيتان 132 و133”. وفي السنة عن عبد اللَه بنِ عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أُحِلت لَنا ميتتان ودمانِ: الجراد والحيتان والكبد والطحال. وعن سلمان قال سئِل النبِي - صلى الله عليه وسلم - عنِ الجراد فَقَال “أَكثَر جنود الله لا آكله ولا أُحرمه”. ويقول عنه ابن سينا إن الجراد نافع لتقطير البول ويبخر به من البواسير، والذي لا أجنحة له يشوى ويؤكل للدغ العقرب، وقد تفنن العرب في إعداده مستطاباً لمأكلهم مشيدين بأفضلية إناثه. وبالرغم من أن هذه الحشرة خطيرة، وتعتبر آفة على المستوى الدولي فإن لها فوائد جمة فجسمها يحتوي على عدة بروتينات تساعد في القضاء على عدة أمراض أشهرها السرطان، كما أنها حشرة لذيذة وتؤكل في عدة بلدان. أكلة مفضلة حشرة الجراد معروفة منذ القدم إذ اكتشفت في رسوم منقوشة على آثار العراق والمكسيك وعلى آثار قدماء المصريين، والفينيقيين. ويعتبر الجراد أكلة مفضلة عند كثير من الشعوب في آسيا وبعض الدول العربية، فحشرة الجراد غنية بالبروتين الذي يمثل 62 في المئة، ودهون 17 في المئة وعناصر غير عضوية تمثل الباقي مثل الماغنسيوم والكالسيوم والبوتاسيوم والمنجنيز والصوديوم والحديد والفوسفور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©