الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«حلم الإخوان المستحيل» .. التجربة المصرية لن تتكرر في اليمن

«حلم الإخوان المستحيل» .. التجربة المصرية لن تتكرر في اليمن
13 أغسطس 2015 00:02
بعد تحرير عدن والغالبية العظمى من أراضي المحافظات الجنوبية، والتقدم الذي تحققه القوات الموالية لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي في المحافظات الشمالية وبدء معركة تحرير تعز، بما لها من أهمية استراتيجية، ومع بدء ا?ستعداد لمعركة تحرير صنعاء من قوات الحوثيين وعلي عبدالله صالح، أصبحت مسألة إعادة بناء سلطة الدولة ومؤسساتها مسألة متزايدة ا?لحاح. والواقع أن شكل، بل وجغرافية الدولة اليمنية نفسها تبدو مسألة مفتوحة على سيناريوهات مختلفة ? يستطيع «المحلل» أن يغامر بترجيح قوي ?حدها في ظل حالة السيولة الراهنة، وقبل أن تتضح معالم الصورة على ا?رض بدرجة كافية. ومن بين هذه السيناريوهات مثلاً احتمال انفصال الجنوب، الذي تدعو إليه قوى نافذة في القتال الدائر وفي تشكيل اللجان الشعبية التي تضطلع بدور أساسي في المعارك ضد الحوثيين، وقوات صالح، نعني قوى الحراك الجنوبي، وهي دعوة تجد صدى قوياً منذ سنوات قبل الحرب، وصدى أقوى بعد ويلات الحرب. ومن بين السيناريوهات التي لقيت رواجاً واسعاً منذ بداية، عاصفة الحزم، ذلك السيناريو الخاص باحتمال وصول «ا?خوان المسلمين» بالتحالف مع غيرهم من قوى الإسلام السياسي، بما في ذلك القاعدة، للاستيلاء على السلطة في اليمن بعد هزيمة تحالف الحوثيين- صالح. ويستند ذلك السيناريو إلى أن ا?خوان يمثلون القوة ا?ساسية ا?كثر نفوذاً وتنظيماً وخبرة سياسية في تشكيل التجمع اليمني للإصلاح حتى إن وسائل الإعلام تتحدث عن التسميتين كمترادفين، مع أنهما ليستا كذلك في الواقع. ولما كان «التجمع» لديه فصائل مسلحة جيدة التنظيم وتمويل ممتاز، وعلاقات تقليدية قوية ببعض دول التحالف، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، فقد استند محللون كثيرون إلى ذلك في ترجيح احتما?ت أن تسفر الحرب عن وصول ا?خوان إلى السلطة، أو على ا?قل ?ن يكون لهم الدور الحاسم فيها، مع دور شكلي أو هامشي لعبد ربه منصور هادي أو من يمكن أن يخلفه. ويناقش هؤ?ء المحللون احتما?ت تكرار التجربة المصرية في اليمن.. وتقديرنا أن هذا السيناريو يصطدم بعقبات ضخمة تجعل احتمال حدوثه ضعيفا إلى حد كبير، كما تجعل سقوطه مؤكداً إذا حاول ا?خوان تنفيذه بصورة انقلابية، استناداً إلى ظروف قد تبدو لهم مواتية في مجرى الصراع العسكري والسياسي الجاري في اليمن. ويرجع ذلك في رأينا للأسباب التالية: أولاً: استند هذا السيناريو إلى تصورات ثبت عدم صحتها حول دور عسكري كبير أو حتى حاسم للإسلاميين في مواجهة الحوثيين، يمكن أن يتسع فيه المجال لمشاركة القاعدة المتمركزة في منطقة المكلا بمحافظة حضرموت الجنوبية، على أساس فرز طائفي للمجتمع اليمني بين سنة وشيعة زيديين.. غير أن ما حدث فعلا هو أن قوى الحراك الجنوبي ورجال القبائل الجنوبيين، وغيرها من القوى المكونة للجان الشعبية، با?ضافة لبعض وحدات الجيش الباقية على و?ئها لشرعية هادي هي التي خاضت المعارك على ا?رض في الجنوب، وتخوضها حتى ا?ن مع رجال القبائل ومختلف القوى السياسية في تعز وغيرها من المحافظات الشمالية. كما نأت القاعدة بنفسها عن المعارك، وباختصار فإن ا?خوان وحلفاءهم ليس لديهم أساس للادعاء بدور حاسم في المعارك يبرر لهم المطالبة بدور حاسم في السلطة، فضلاً عن السيطرة المنفردة عليها. ثانياً: ويجب ا?خذ في ا?عتبار أن ا?خوان ليس لهم نفوذ في الجنوب، وإذا حاولوا فرض أي وضع بقوة السلاح فإنهم سيعطون قوة دفع هائلة لدعاوى ا?نفصال.. مع ملاحظة أن جميع القوى السياسية، وليست القبلية وحدها، مسلحة ا?ن ومستعدة للقتال، وستعني أية محاولة لفرض سلطة ا?خوان عليها نشوب القتال فورا، وانفصال الجنوب. ثالثاً: أما إذا حاول ا?خوان فرض سلطتهم على الشمال وحده، تاركين الجنوب لمصيره، فإنهم سيصطدمون بالقوى السياسية والقبلية الرافضة لهم، سواء من الجمهور السني العادي أو من الجمهور الزيدي الذي ستكون النزعات الطائفية الموجودة لديه فعلاً محل استفزاز إضافي بتأثير النزعات الطائفية المستفحلة لدى ا?خوان، وبالتالي سيكون من الطبيعي توقع استمرار القتال الذي سيتسم بطابع طائفي فج، ولن ترى فيه بقية اليمنيين مصلحة لها، وسيكون استمرار مناخ عدم ا?ستقرار المترتب على استمرار الحرب ا?هلية مدعاة لقلق وتوتر إقليمي يصعب أن يواجهه ا?خوان حتى ولو بدعم بعض ا?طراف ا?قليمية. رابعاً: ومن الضروري ملاحظة أن من بين دول التحالف العربي من ينظر بقلق عميق لدور ا?خوان السياسي وطموحاتهم المنفلتة، آخذاً با?عتبار النتائج الكارثية للتجربة المصرية. وبالتالي، فإن دعم بعض أطراف التحالف لهم-إذا حدث- يمكن أن يؤثر سلباً على متانته، إن لم يؤثر على استمراره، وهو ما يمثل عنصرا ضاغطا على الحدود التي يمكن الذهاب إليها في دعم ا?طراف ا?خرى ?خوان اليمن، و? يمكن في هذا الصدد تجاهل أو تناسي ا?ثار المدمرة والدروس القاسية للتجربة المصرية. والواقع أن حجم الدمار الهائل الناتج عن الحرب، وما سوف ينتج حتى نهايتها، والمعاناة ا?نسانية القاسية، فضلا عن الخسائر ا?قتصادية الضخمة للسنين العجاف، التي مرت على اليمن كلها معطيات تفرض على كل ا?طراف المسؤولة المتصلة با?زمة اليمنية ضرورة توحيد الصفوف وتوجيه كل الجهود، فضلا عن استقطاب كل دعم إقليمي ودولي ممكن ?عادة بناء وإعمار اليمن وإنهاض اقتصاده، وهو ما يعني أنه ? مجال لمغامرات غير مسؤولة يدفع إليها التعطش إلى السلطة والهيمنة على مقدرات البلاد من جانب أي طرف. ولهذا كله نعتقد أن الفشل هو المصير، الذي ينتظر إخوان اليمن إذا ما فكروا في تكرار التجربة المصرية.. وستكون عواقب مثل هذه المحاولة وخيمة عليهم. د. محمد فراج أبو النور* * كاتب مصري متخصص في العلوم السياسية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©