الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بدء الخلق

بدء الخلق
26 فبراير 2009 23:40
سبحان الله· والحمد لله.. ان الله وحده ولم يكن شيء قبله، فلم تكن هناك أرض ولا سماء، ولا بشر ولا ملائكة ولا أحياء، ولا جن ولا شياطين·· (وكان عرشه على الماء)، فلم يكن تحت عرشه غير الماء قبل خلق السموات والأرض· (((وعرش الله تعالى هو قدرته المطلقة على كل شيء)))· وشاء الله أن يخلق المخلوقات، فخلق السموات والأرض في ستة أيام· خلق سبحانه الأرض في يومين، (وجعل فيها رواسي من فوقها) فشمخت الجبال فوق الأرض كي لا تميد ولا تضطرب· و(بارك فيها) فجعلها قابلة للخير، بما أودع في باطنها من الكنوز والطاقات والمعادن· (وقدر فيها أقواتها) في يومين آخرين، فجعل فيها مصادر القوت والرزق لكل المخلوقات، في الأرض والسماء، وفي الجو والماء· فأكمل الله خلق الأرض، (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام)· فسبحان الله (الذي أحسن كل شيء خلقهُ)· والآن: تخيل أنك كنت على الأرض، عندما خلقها الله وقد أتم خلقها، وبارك فيها، وقدر فيها أقواتها·· ثم تنظر الى الأعلى فلا ترى شيئاً أبداً، بل فراغ لا يتخيله العقل أبداً· ثم يظهر المشهد السماوي المذهل العجيب، حيث خلق الله السموات في اليومين الأخيرين من أيام الخلق الستة· وها أنت في الكون الذي أبدعه الله (بديع السموات والأرض)· وحينما رميت ببصرك رأيت ملايين النجوم والشموس والأجرام· مسافات هائلة شاسعة، في كون متقن كل الاتقان، لا عيب فيه ولا نقص، ولا اعوجاج ولا اضطراب· مسافات يرتد عنها بصرك متعباً منهكاً، (وهو حسير)· واليوم وبعد ملايين السنين، من خلق الكون، ملايين لا يعلم عددها إلا الله، ولا يزال الكون يسير على وفق أمر الله الذي أمر به، على وفق مشيئته· وحين ترفع رأسك في نهار مشمس، فترى الشمس طالعة، فما عليك إلا أن تتذكر أنها أعظم محطة لتوليد الطاقة عرفها الإنسان، محطة خلقها الله لتعطينا الدفء والضوء، فتنير لنا الأرض، ويمتص الزرع والنبات من طاقة الشمس ضوءها، فيصنع من هذه الطاقة نفسها المادة الغذائية في الأوراق الخضر بعد امتصاص ثاني أوكسيد الكاربون من الجو· وبعد أن أتم الله الخلق، (استوى على العرش)، أي حكم هذه المخلوقات كلها بحكمته وعدله، ورحمته ولطفه· وحين يخطر لك أن تسأل: لِمَ خلق الله سبحانه كل هذا الخلق، فإنك تجد الجواب المطمئن في قوله تعالى: (وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيامٍ وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)· أي ليختبرنا الله نحن عباده البشر، لكي يتميز المحسن من المسيء، والمطيع من العاصي، ومن هو أحسن عملاً بطاعة الله واجتناب محارمه· وهكذا·· هيأ الله سبحانه الأرض والكون، وسخرهما، ليكونا وطناً لعباده الذين سيخلقهم من آدم وذريته (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منهُ)· خلق الله هذا الكون الفسيح، كمعبد واسع لتوحيده وعبادته· فكل ما في هذا الكون يسبح بحمد الله، (وإن من شيء إلا يُسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)، ولا يتبدل هذا النظام الكوني البديع، إلا يوم القيامة، حين (تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار)· وكتب سبحانه فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي· فالله هو رحمان الدنيا ورحيمها، يقبل توبتنا، ويغفر ذنوبنا، ويستر القبيح، ويُظهر الجميل·· ويتقبل العمل الصالح القليل، ويعطي عليه الكثير· فالحمد لله وسبحان الله· خلق الملائكة والجن ثم خلق الله الملائكة· وهم من عباد الله، يسبحون بحمده ويقدسون اسمه· ولا يعصونه - سبحانه - ويفعلون ما يُؤمرون· والملائكة مجموعات كثيرة· لكل مجموعة وظيفة خاصة في هذا الكون، وفي الدنيا وفي الآخرة· فبعض الملائكة رسل الله الى عباده الأنبياء، كجبريل (عليه السلام)، وبعض الملائكة يتوفون الأنفس: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم) وبعض الملائكة قاتلوا مع النبي وأصحابه: (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة مُنزلين)· وخلق الله سبحانه ملائكة (حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم) وهناك ملائكة على النار، وهم (ملائكة غلاظ شداد)· وكل الملائكة يصلون مع الله على النبي: (إن الله وملائكته يصلون على النبي)، فنردد نحن كما أمرنا سبحانه: ''اللهم صل وسلم على محمد وآله وصحبه''·· والملائكة يصلون بعد الله على المؤمنين: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) ومن الملائكة من يعمل شهيداً يشهد على النفس البشرية بعملها: (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد)· ومعي الآن، وأنا أكتب لك، ومعك الآن وأنت تقرأ هذه الكلمات، وفي كل الأوقات، ملكان كريمان هما: ''المتلقيان'' اللذان يكتبان في صحيفة عمل كل منا، حسناتنا وسيئاتنا، أحدهما (عن اليمين) يكتب الحسنات، والآخر (عن الشمال قعيد) يكتب سيئاتنا· وهناك ملك ''رقيب'' يكتب على الإنسان كل ''ما يلفظ من قول''، ملك حاضر عندنا لا يفارقنا· وهناك ملك حافظ يسدد خطانا ويوجه حركاتنا نحو الخير (يحفظونه من أمر الله) ونعوذ بالله الرحمن الرحيم من الملائكة وخزنة جهنم''· وملائكة الجنة الذين يدخلون على المؤمنين الصابرين (من كل باب) يسلمون عليهم ويهنئونهم بالجنة، أجمل سلام وأطيب تهنئة: (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدار)· وملائكة وملائكة، كثيرون كثيرون لا يعلمهم إلا الله سبحانه· والجن أو الجان، هم خلق آخر غير الملائكة· وقد خلقهم الله (من نار السمُوم) وهي نار لا دخان لها تنفذ من المسام· ولهم قوانين خاصة بهم، أودعها الله فيهم، منها: أنهم يتشكلون بهيئات عديدة، ويتحركون بحركات خفيفة في تنقلاتهم· والجن أمم مثل البشر· منهم الصالحون، ومنهم الكافرون· وإبليس اللعين (كان من الجن ففسق عن أمر ربه)· ومن الجن من عملوا لدى بعض الأنبياء وقاموا بأعمال متنوعة خارقة، كالجن الذين عملوا عند سيدنا سليمان· وللجن قدرات هائلة لا يملك مثلها البشر، كعفريت الجن الذي قال لسليمان عندما سأل طالباً إحضار عرش بلقيس: - (أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك)· والجن يأتيهم رسل منهم، كما قال الله تعالى (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي)· والجن يرون الناس، والناس لا يرونهم· وقد بُعث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) الى الجن كما بُعث الى الإنس· فدعاهم الى التوحيد وأنذرهم وبلغهم القرآن· وقد استمع نفر من الجن الى النبي وهو يقرأ القرآن ويصلي بأصحابه في صلاة الفجر، في بطن (نخلة) وهي في طريق الطائف على مسيرة ليلة من مكة، - (فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً)· فعادوا الى قومهم فأخبروهم بما سمعوا، آمنوا بالله وبعد أن أتم الله خلق السموات والأرض، والملائكة والجن·· بدأت مسيرة الحياة بالنمو والتطور كما أرادها الله·· ومع مرور السنين حدث شيء من الخلل والفساد في هذه المسيرة، مسيرة الحياة على الأرض· فشاء الله أن يخلق مخلوقاً، يقود الحياة على وفق ما يريد الله لها أن تكون· من كتاب احسن القصص للدكتور أحمد القبيسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©