السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شباب اليوم ·· جانٍ أم مجني عليه ؟!

شباب اليوم ·· جانٍ أم مجني عليه ؟!
26 فبراير 2009 23:44
عندما يسألنا أحد عن قدوتنا ومثلنا الأعلى نحتار ونقف مذهولين من أنفسنا، وقد نعبر عن عجزنا في الوصول إلى إجابة ربما لأننا لم نفهم مغزى السؤال، أو لأننا نخجل من أن نقول لا يوجد في حياتنا قدوة أصلاً؟؟! فكثيرون من صاروا في زماننا يدّعون دور البطولة والمثالية ليقنعوا الآخرين بأنهم يستحقون لقب سفراء النوايا الحسنة، وأنهم جديرون بأن يقتدى بلمعانهم المزيف وبريقهم الخادع، وفعلاً استطاعوا أن يسلبوا عقول الكثيرين من الشباب ويدفعوهم نحو تقليدهم بلباسهم وبقصات شعورهم، خاصة أهل الفن والرياضة الذين أصبحوا مثلاً عُليا لبعض شباب اليوم· وعند نقاش هؤلاء يدافعون عن أنفسهم، بأن ذلك حرية شخصية أو بالأحرى ضرب من التحضر والمدنية· نحن لا نريد أن نطالب هؤلاء الشباب بالمثالية ونجلدهم بسياط التأنيب لكنْ أيعقل أن نقف مكتوفي الأيدي تجاه شباب يعلقون صور الفنانين والفنانات أو حتى اللاعبين على جدران غرفهم وكخلفية لهواتفهم النقالة أو شاشات أجهزتهم الكمبيوتر وكل همهم أن يكونوا مثلهم وأن يصلوا إلى النجاح والشهرة والمال الذي وصلوا إليه ؟! حديثنا اليوم سيلقي الضوء على قضية في صلب الحياة الشبابية وهي قضية ''غياب القدوة والمثل الأعلى''· دنيا التقت مجموعة من الشباب والفتيات وسألتهم عن قدوتهم في الحياة ولماذا اتخذوا هؤلاء قدوة من دون غيرهم: عبر عدي فارس 20 سنة عن عشقه المجنون للفنان محمد عبده وأنه يستمع لأغنياته يومياً بعد مجيئه من جامعته لفترة تقارب 4 ساعات يومياً وأنه يحفظ كل أغانيه، ويتمنى لو يملك حنجرة سحرية كحنجرته فهو مثال للفنان الذي يتقن اختيار الكلمة الصادقة واللحن الأصيل·· ويتابع عدي: ''كثيراً ما أحاول تقليد صوته حيث أشعر أن صوته يسير في دمي، وكذلك بدأت أكتب الشعر منذ عام بعد أن تأثرت كثيراً بالشاعر حامد زيد وكلما مشيت في الأسواق اشتريت ''سي دي'' له وحفظته من دون أن أقصد ذلك· وأشار محمود توفيق ''21 سنة'' إلى أنه من عشاق الفنانة أليسا ويتمنى أن يتزوج فتاة جميلة مثلها ولديها الأحاسيس المرهفة كالتي تغني بها أليسا·· ويضيف: ''باستمرار أبحث عن حفلاتها وصورها عبر الإنترنت وأحتفظ بالكثير منها داخل هاتفي النقال وقد راسلتها مرة عبر الإيميل وطلبت منها صورة لها موقعة منها ولكنها لم ترد علي'' ؟! أما شيخة اليحيائي ''15 سنة'' فهي من عشاق ستار أكاديمي وتقول :''لا أترك منه حلقة من دون أن أشاهدها كما أن المفضلة لدي بينهم هي مروة التونسي لأن حركاتها جميلة، وأتمنى أن أكون مثلها فهي مرهفة وشفافة وخفيفة الظل ومحبوبة''· وتؤكد ماريا العامري'' 18 سنة''، أنها لا تجد أحداً يستحق أن يكون قدوة لها فكلنا أخطاء وعيوب في نظرها كما أنها تسعى دائماً لتكون شخصية مستقلة، لها أفكارها ومبادئها الخاصة بها من دون أن تتأثر بأحد· وتعتبر خلود الحوسني وعلياء محمد ''19سنة'' أن والدتيهما تشكلان قدوتهما في الحياة لأنهما تحسنان تنظيم وترتيب حياتهما كما أنهما معجبتان بحسن تعامل والدتيهما مع الناس من ضيوف وغيرهم وبطيبة قلبيهما وتتمنى علياء وخلود أن تكونا مثل والدتيهما في كل شيء· وتجد عائشة الشامسي ''20 سنة'' في أخيها، الذي هو شرطي في التحريات، قدوة ومثلاً أعلى تتمنى أن تكون مثله لأنه ناجح في حياته ومتدين· وتتأثر جواهر الأحبابي''19 سنة'' بوالدها كثيراً فهو مثلها وقدوتها، وهي معجبة بشخصيته القيادية وطموحه وحنكته ودبلوماسيته وحضوره البارز في أي مجلس يكون فيه· وتحدثنا خديجة البدراني ''19 سنة'' عن أختها التي تصغرها بعام بأنها تعشق الفنانين والممثلين الكوريين حيث إنها أعدت ملفاً احتفظت به يضم صورهم، وترى في رجالهم النموذج للزوج الذي تتمنى أن ترتبط به في المستقبل، وذلك لأنها تتابع الدراما الكورية وتعتقد بأنهم يضربون المثل في صدقية العلاقات الأسرية والزوجية وعدم الخيانة الزوجية! وترى مريم الكعبي ''29 سنة'' في زوجها الذي يحضر للدكتوراه بعد عناء ومشقة وتعب كبير، القدوة التي تتمنى أن تكون مثلها وتحاول جاهدة تقليده من خلال إكمال دراستها التي بدأت تتابعها في تعليم الكبار بعد انقطاع· ويؤكد محمد الدرمكي 17سنة حبه الكبير للاعبي ''فريق العين'' وأنه يتابع مبارياتهم بشغف كبير ويحاول تقليد حركات لاعبيهم أثناء ممارسته رياضة كرة القدم مع زملائه· ومن جانبها أوضحت الاختصاصية النفسية أحلام الشاطري ما يعنيه مفهوم القدوة والمثل الأعلى قائلة:'' القدوة عبارة عن شخصية تتميز بخصائص وصفات حسنة قل أن تجتمع في إنسان واحد·· كما وتختلف قدوة الأطفال عن قدوة الشباب وذلك حسب اهتمامات كل مرحلة عمرية، حيث تتميز مرحلة الطفولة بخيال واسع وطريقة التفكير تكون مختلفة تماماً ونظرة الفرد تكون مختلفة للأشياء· ففيها يتخذ الأطفال شخصيات وهمية وغير واقعية وخيالية قدوة لهم، وقد تكون هذه الشخصيات من نسج خيالهم وربما متعلقة بشخصيات كرتونية تتميز بقدرات خيالية وصفات خارقة لا توجد عند البشر·· مثلاً رجل يطير يسمونه باتمان وسوبرمان، أو شخص لديه قوة هائلة يستطيع أن يحمل بها الأثقال، أو شخصية كرتونية عنيفة فيتأثر هؤلاء الأطفال بتلك الشخصيات ويتعلقون بها لدرجة كبيرة ويتمنون أن يكونوا مثلهم فنلاحظهم يتمثلونهم في حركاتهم وطريقة كلامهم ولباسهم وهكذا· وتضيف الشاطري أن الحال لا يختلف كثيراً عند الشباب الذين تعتبر اهتماماتهم في مرحلة المراهقة مختلفة عنها في مرحلة الطفولة، حيث تتميز هذه المرحلة بأن المراهق يبالغ في الاهتمام بمظهره الخارجي، وقد يكون لديه نقص في بعض الصفات، فيتخذ من الفنانين والمغنيين وغيرهم من الشخصيات التي لا تمت للقدوة الحسنة بصلة، فنلاحظ أن المراهق متعلق بهذه الشخصية ويتأثر بها بشكل كبير ولكن يقل هذا التعلق كلما اقترب من مرحلة الرشد''· وتشير الشاطري إلى أن القدوة الحسنة في هذا الزمن موجودة ولكن علينا البحث عنها والتمسك بها ولا يشترط أن تكون شخصية تحمل جميع الصفات الإيجابية لأن الكمال لله سبحانه وتعالى، وعلى الفرد البحث عنها بطريقة عقلانية وسيجدها· وتعتقد الشاطري أن غياب القدوة في حياة الفرد له مردود سلبي·· وعلى الوالدين، خلال مرحلة التنشئة، ترشيد أبنائهم على شخصيات تحمل مثلاً وأخلاقيات عليا، وعلى الأب أن يبدأ بنفسه ويكون قدوة لأبنائه، والأم كذلك تكون قدوة حسنة لأبنائها·· وهكذا، حتى يتعلم الطفل التربية الصحيحة والأخلاقيات العليا، مع ضرورة الإشراف على الأبناء في مرحلة المراهقة ومساعدتهم على انتقاء القدوة الحسنة وتوجيههم حتى يتسنى لهم معرفة معنى ومفهوم القدوة والمثل الأعلى في حياتهم· وتقترح الشاطري كذلك، للحد من هذه المشكلة، أن يتم وضع البرامج والخطط الملائمة من قبل المسؤولين والقائمين على تربية الأطفال والمشرفين على الشباب بطريقة تتناسب مع اهتماماتهم، وأن نعمل كمسؤولين على توجيه أبنائنا من خلال المؤسسات التربوية ومراكز الشباب، كما علينا تثقيف هؤلاء الفئة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والفكري لنساعدهم على انتقاء القدوة الحسنة في حياتهم· وتعتبر الشاطري أن للقراءة دوراً كبيراً في توجيه العقل البشري، لذا علينا كآباء ومربين انتقاء الكتب التي تتحدث عن شخصيات مضيئة في حياتنا الإسلامية والفكرية، حتى يستطيع القارئ ''الطفل أو الشاب'' التأثر والتأثير الإيجابي على نفسه وعلى الآخرين ويكون عضواً فعالاً ومنتجاً، نافعاً لوطنه ومجتمعه·
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©