الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سارة»فقدت الابتسامة.. لكنها أحبت الحياة

«سارة»فقدت الابتسامة.. لكنها أحبت الحياة
13 أغسطس 2015 20:35
خورشيد حرفوش (القاهرة) تروي «أم سارة» بعضاً من معاناتها وطفلتها في هذه الرسالة: «سارة» البالغة من العمر ثلاث سنوات، لاحظت أنها لا تندمج ولا تميل إلى اللعب مع الأطفال، ولا تتكلم تقريباً، وكنت أعتبر حالتها تأخراً لغوياً، ومن ثم اصطحبتها لطبيب متخصص في النطق والتخاطب، وفي البداية شخصت حالتها على أنها فرط حركة وقلة انتباه وسمات توحد، لأنها تفضل اللعب بمفردها، وتحب أن تشاهد نفسها في المرآة كثيراً، وتصدر عنها حركات وتغيراً في تعبيرات وجهها، وتحب أيضاً النظر للأضواء، وتتجاهل أي أحد يناديها، وأحياناً تضحك من دون سبب أو مناسبة، كما أنني لاحظت أن لديها ضعفاً في التواصل البصري، ورغم أنها فقدت الابتسامة لكنها ظهرت عليها علامات حب الحياة. منذ مدة وجيزة وبعد جهد حوالي سنة ونصف السنة، انتظمت في دخول الحمام، بعد أن تشدني إلى المكان عندما تشعر بالحاجة من دون أن تقول أي كلام، ولا يفوتني أن أذكر أنها في البداية كانت ترفض مراجعة الطبيب، لكن مع تكرار الجلسات بدأت تستجيب وتردد بعض الكلمات، لكن مشكلتها أنها لا تعمل أي شيء إلا بـ «مزاجها»، وترفض التفاعل مع الطبيبة، وتحاول أن تشغل نفسها بأي شيء، ولو أصرت الطبيبة على تنفيذ أمر معين، ونبهتها إلى ذلك، تعالى صراخها وبكائها.. مع العلم بأننا أجرينا عليها اختبار «كارز» لمعرفة نسبة التوحد، وكانت درجاتها 27. فهل تشخيص سمات التوحد ينطبق عليها؟ وما هي الطريقة الصحيحة للتعامل معها في البيت؟. توضيح وتحليل: الدكتور أحمد عبدالخالق، اختصاصي علاج التوحد والنطق في دبي يعقب على رسالة «أم سارة»، ويقول «من الواضح أن (سارة) تعاني اضطراب التوحد، وننصحها بألا تعول كثيراً على اختبار كارز، فهذا الاختبار هو اختبار مسحي وليس دقيقاً. أما ما يجب أن تفعله مع الطفلة، فيكمن في برنامجين: الأول تطبيق برنامج تعديل السلوك، والثاني برنامج تطوير النطق والكلام. فطفل التوحد في المعتاد ذكي، وتكمن المشكلة في أنه يفعل ما يريد وقتما يريد، وبالطريقة التي يريدها، فهو لا يهتم بما نريده نحن أو ما نطلبه منه، فهو يرى نفسه فقط ولا يهتم بمن حوله.. لذا لا بد من تغيير هذا المبدأ في طفل التوحد، ونعلمه أننا موجودون، وأننا لنا طلبات لا بد أن ينفذها حتى نعلمه بأن يكون له ردة فعل، لأن في أغلب الوقت طفل التوحد لا يعطينا أي رد فعل، رغم فهمه ما نريد، فهو فقط لا يهتم، وللأسف أغلب الأهالي يفسرون هذا على أن طفلهم لا يفهم ولا يعرف، وهذا خطأ كبير جداً.. فطفل التوحد يفهم ويعرف كل شيء، بل إنه شديد الذكاء أو يتمتع بقدر جيد منه، ومشكلته تكمن في أنه فقط لا يريد أن يتعاون، ولا يريد أن يعطي أي ردة فعل». ويكمل «أهم نقطة لبدء تدريبات تعديل السلوك هي السيطرة على الطفل، ولا بد أن تكون الأم مسيطرة ومتحكمة في طفلها تماماً، ولا بد أن يشعر طفل التوحد بأن أمه قوية، وأيضاً الوالد قوي، وأنه لا يجرؤ على عدم تنفيذ ما يطلب منه، وأنه سينفذ لا محالة مهما فعل، لكن تلك المسألة تحتاج إلى كثير من الصبر والمثابرة بلا حدود، وفي البداية على وجه خاص. إن أهم مبدأ للتعامل مع هؤلاء الأطفال هو الالتزام والحزم والصرامة والصبر في التعامل مهما فعل حتى يستسلم في النهاية لتنفيذ ما تطلبه الأم، وذلك من خلال تنفيذ التدريب الأول الخاص بطاعة الأوامر ولمدة 30 يوماً تقريباً». مثال: (افتح الباب - اعطني القلم - اجلس على الكرسي .... إلخ)، وهكذا الأم هنا تعطي الأمر أو الطلب بشكل طبيعي، ثم تكرر الطلب نفسه للمرة الثانية بصوت ونبرة حازمين وقويين وصارمين، فسوف ينظر إليه الطفل، لكن لن ينفذ الأمر، في هذه الحالة تذهب الأم إليه وتمسك بيده وتجبره بحزم وحنان وصرامة على تنفيذ الأمر. في البداية، سوف يبكي الطفل، ويرفض لأنه يكره تنفيذ الأوامر، لكن مع إصرار الأم، ومع عدم إعطائه فرصة للهرب سوف تقل مقاومته تدريجياً، وفي خلال شهر واحد فقط سوف تقل تدريجياً حتى تختفي، ويصبح تنفيذ ما يطلب أمراً اعتياديا». تدريب الجلوس ويؤكد «التدريب الثاني هو (تدريب الجلوس)، والمطلوب في هذا التدريب هو جلوس الطفل من دون حراك على الكرسي دون أن يفعل شيئاً. فقط مجرد أن يجلس، ومهما حاول أن يترك الكرسي على الأم أن تجبره على الجلوس، ولا يترك الكرسي حتى تكمل المدة المطلوبة، لمدة خمس دقائق في البداية بعد أربعة أيام، وتزيد إلى عشر دقائق ثم 15 ثم 20 ثم 30 دقيقة وساعة كاملة دون حراك، والهدف أن تسيطر الأم على سلوك الطفل وتذعنه أن يسمع الكلام دون مقاومة، والهدف الآخر هو أن طفل التوحد عندما يتحرك كثيراً فهو بهذه الحركات ينفصل تماماً عن عالمه المحيط، فلا يسمعنا ولا يتفاعل معنا، لكن مع تدريب الجلوس، فهو يتعلم أن يهدأ وينصت ويتابع ويلاحظ، وبالتالي يتعلم ويتفاعل معنا بشكل طبيعي. التشجيع والإثابة يؤكد الدكتور أحمد عبدالخالق، اختصاصي علاج التوحد والنطق في دبي أهمية عنصر التشجيع خلال تعديل سلوك الطفل التوحدي، فبعد كل مرة تنفذ الطفلة التوجيهات على الأم أن تستخدم الحوافز التي تحبها الابنة من حلوى أو شكولاتة أو ما شابه ذلك، بشرط أن تعي أن المصدر الوحيد للشكولاتة هو تنفيذ الأوامر حتى تربط بين الشيء الذي تحبه، وبالطبع مع التشجيع القوي لأنها تنفذ المطلوب. فطاعة الأوامر مهمة جداً؛ لأنها المدخل الرئيسي للطفلة كي تتعلم أي شيء سواء كان تعلم سلوك جديد أو حتى تعلم الكلام، وعلى الأم أن تتفق تماماً مع الأب على اتباع البرنامج نفسه حتى تتيقن الطفلة أنه لا مفر من تنفيذ ما يطلب منها، ومن ثم ستلاحظ الأسرة أن سلوكها سيتغير ما بين شهر أو شهرين. ويصبح أمر اندماجها واستجابتها وردود أفعالها أفضل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©