الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دراسات وتشخيصات غير مسبوقة للسرطان وأورام الصدر

دراسات وتشخيصات غير مسبوقة للسرطان وأورام الصدر
19 أكتوبر 2006 23:54
''الاتحاد''- خاص: له تاريخ حافل في مجال الطب حيث قام بتجارب عظيمة، ودوَّن وملاحظات دقيقة وقدم إضافات قيمة لمن سبقه من العلماء، وهو أشهر أبناء أسرته· إنه أبو مروان عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن مروان المولود سنة 464 للهجرة في مدينة اشبيلية في الأندلس· أنجبت أسرته العديد من الأطباء الأكفاء من بينهم امرأتان نبغتا في طب النساء هما أم عمرو ابنة عبد الملك وابنتها· ودرس عبد الملك ابن زهر علوم الدين واللغة والحديث في اشبيلية بينما أخذ الطب عن أبيه فمارسه بخبرة ومهارة قل نظيرهما· ولقد تميز، بشكل خاص، في حسن المعالجة والتشخيص والدقة في تحديد الأدوية المفردة والمركبة وفوائد كل واحد منها· وهو أعطى دروساً لابن رشد حينما كان حديث السن، ونشأت بين الاثنين علاقة وطيدة· كان الفتى ابن زهر شديد الطموح، متعطشا للتعلم والنهل من بحور المعرفة، ولم يكتف أبدا بما أخذه من علم أبيه وشيوخه الآخرين في الأندلس، بل قرر الرحيل بحثا عن المزيد· وهكذا شد الرحال إلى بلاد الشرق، فساقه الموج إلى القيروان بتونس ثم إلى الديار المصرية وربما العراق، وفي هذه المرحلة تعلم ومارس الطب مدة من الزمن· تشخيصات السرطان بعد ذلك عاد ابن زهر إلى الأندلس فنزل في مدينة ''دانية'' التي قربه سلطانها وأكرمه، ومكث فيها يعلم الطب ويعالج المرضى، ونال شهرة واسعة في هذا المجال، وانتشرت أخباره في الأقطار والأمصار· لكنه، وقد بقي دهراً، ما البث أن بدأ يشعر بالحنين إلى مطلع رأسه في اشبيلية ويعود إليها ليستقر بها حتى وفاته· ابن زهر عاصر دولتي المرابطين والموحدين في الأندلس، فكان مقربا، شأنه شأن أبيه من قبله، من المرابطين وألف كتاب ''الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد والأجساد''، المعروف أيضاً بـ''الزينة''، نزولاً عند رغبة أحد أمرائهم· واحتفظ بالمكانة نفسها عند الموحدين· أبدع ابن زهر وأجاد في صناعة الطب، خاصة باعتماده الملاحظة السريرية والتجربة والاختبار· وقد أنجز الرجل عدة دراسات وتشخيصات سريريه غير مسبوقة لمرض السرطان والأورام الخبيثة، وهو أول من قدم وصفا دقيقا للورم الذي يصيب الصدر والغشاء الذي يفصل بين نصفي الصدر بالطول، والذي أطلق عليه العلم الحديث ''المنصف''· وله آراؤه السريرية حول السل والشلل البلعومى· كما أوصى ابن زهر بتغذية العاجز عن البلع عن طريق إدخال الطعام بالحقن الشرجية بواسطة المستقيم أو في شق المري أو ما يعرف بالطريقة القسرية أو الاصطناعية بالتغذية، أو عن طريق المسام في الجسد· إلا أنه فضل أن تكون التغذية عن طريق الشرج· ولقد عالج مرض ''الخثر''، وهو جرب العين عند العرب أو الرمد الحبيبي عند الطب الحديث المعروف قديماً لدى اليونان باسم ''التراخوما''، وذلك عن طريق عملية جراحية تقضي بشق شريان الخثر· وأجرى ابن زهر تشخيصا للأذن وعالج التهاباتها، وقدم وصفا للأورام الحيزومية وخرّاج التامور· ومن ابتكارات هذا العالم الأندلسي معالجته لقمل الجرب الذي وصفه لأول مرة فقال إنه حيوان صغير جدا يكاد يفوت الحس· ودعا في مقدمة كتابه: ''التيسير في المداواة والتدبير'' إلى تفضيل الطب الوقائي، وأسدى أكثر من عشرين نصيحة حول حفظ الصحة، مبينا أنها تهدف إلى ''إدامة أسباب الصحة ودفع أسباب الأسقام''· أضف إلى ذلك كون ابن زهر هو أول من وصف التهاب غشاء القلب الرطب والجاف، مفرقاً بينه وبين أمراض الرئة· وضع ابن زهر عددا كبيرا من المؤلفات إلى جانب كتاب ''التيسير في المداواة والتدبير''، وهذا مرتب في بابين: الباب الأول يبحث في الأمراض المختصة بكل عضو في الجسم بالإضافة إلى حفظ الصحة، في حين يتناول الباب الثاني ما يحدث في جسم الإنسان عموما من العلل والأمراض، وقد قدم الرجل في هذا الباب وصفا دقيقا لما يلائم تلك العلل من الدواء من الأشربة أو الأدهان أو المعالجين· ووضع ابن زهر مع هذا الباب ملحقا صغيرا سماه ''الجامع''· ويعتبر هذا الكتاب من أروع ما صنفه الأطباء العرب في علم الطب، وبالذات في أمراض العين· وقد بحث ابن زهر في هذا الكتاب أيضا أنواع الأغذية ومراتبها حسب فصول السنة· وتمت ترجمة كتاب ''التيسير في المداواة والتدبير'' إلى اللاتينية والعبرية أكثر من مرة وكتب عنه أطباء كثيرون خلا صات نوعية حول مواضيع محددة من قبيل علاج الحصي ومثل الاستحمام· واعتمد في التدريس بمعاهد الطب مدة طويلة كاعتماد كتاب ''القانون'' لابن سينا، وكان له الأثر العميق في الطب الأوروبي خلال قرون عديدة· وتقول بعض الروايات إن ابن زهر ألفه عندما كان ابن رشد حديث السن وإن هذا الأخير ألف بعده كتابه الطبي الشهير ''الكليات''· افلاطون والنفس المثلثة وألف ابن زهر كتاب ''الأغذية'' الذي كتبه لمحمد عبد المؤمن بن علي، أمير الموحدين، وكتاب ''الزينة'' الذي يعتقد الكثير من المصادر أنه هو كتاب ''الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد''· ولم تتسنَّ بعد طباعة هذا الكتاب الذي لا يزال مخطوطاً، حيث ترقد نسخة منه في المكتبة الوطنية بباريس· ويقول بعض من اطلع على النسخة أو غيرها إن ابن زهر استهلها بما يلي: ''قال عبد الملك بن زهر بن عبد الملك، إنه أطال الله بقاء الأمير الأجلّ الأعز أبي اسحق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين في الشرق الباهر والمجد الناضر وخلّد ملّته وبسط ملكه''· ويرى النقاد أن ابن زهر تأثر كثيراً، في تأليفه لهذا الكتاب، بنظرية أفلاطون في النفس المثلثة، كما هو الحال لدى الفلاسفة المسلمين، شأنهم شأن الأساطير البابلية والهندية القديمة، ''فهو يرى في النفس الواحدة ثلاث نفوس، أي ثلاث قوى: الناطقة أي المدركة العاقلة، ومسكنها الدماغ، والحيوانية، ومسكنها القلب، والطبيعية، ومسكنها الكبد· وهذه الناطقة بها تكون الفكرة في السموات والأرض وفي العلوم والصنائع، وبالحيوانية يكون الغضب والحَرَد والأنفة، والطبيعية بها تكون شهوة الغذاء والجماع، وهاتان النفسان خادمتان للناطقة ومعينتان لها''· أصباغ الشعر ويستدل البعض بهذا المقطع للإشارة إلى العناية الخاصة التي أولاها صاحبنا لمكانة الكبد في الأجهزة العضوية، حيث جعل تلك الغدة ذات الوظائف المتعددة مسكن القوّة الطبيعية· كما يستشف من كتاب الاقتصاد تحكم ابن زهر في أدوات البحث المتبعة عنده وثقته بقدرته وعلمه وتجربته، حيث يأتي على ذكر الأدوية والمواد القريبة منها بمنطق العالم الكيماوي الذي يركبها ويدرك خصائص عناصرها كافة، إذ يقول وهو يتحدث عن أصباغ الشعر: ''وأما الصباغات فقلما يسلم أحد من ضرّها، وقد أثنى جالينوس على القطران وذكر أنه صبغ عجيب للشعر، لكنْ·· هو من كراهة الرائحة على ما هو عليه، وأما أنا فإني أستعمل من الصباغات مالا يضر كثيراً بالبصر وأقتنع بذلك في دهن البان أحلّ فيه لاذناً وأجعل معه دقاق عفص وأخلط إلى الكل من الماء والخلّ ما يصلح به التمازج''· ''أورينت برس''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©