الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الإسلامي درع أمتنا ضد الأزمات المالية

الاقتصاد الإسلامي درع أمتنا ضد الأزمات المالية
26 فبراير 2009 23:53
جانب كبير من أسباب الأزمة المالية التي يعيشها العالم اليوم ناتج عن العديد من المفاهيم التي يقوم عليها الاقتصاد الرأسمالي باعتراف رجال الاقتصاد الغربيين، مثل الاحتكار والمعاملات الوهمية، وهنا تبرز القيم والقواعد التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي التي يمكن ان تحمي أمتنا من الأزمات المالية· ويقول الدكتور حسين شحاتة - أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر والخبير المالي المعروف - عن أسباب الأزمة المالية العالمية وآثارها المدمرة من المنظور الإسلامي: ان علماء الاقتصاد العالمي ومنهم الذين حصلوا على جائزة نوبل في الاقتصاد مثل ''موريس آليه'' أكدوا أن النظام الاقتصادي الرأسمالي يقوم على المفاهيم التي هي أساس تدميره إذا لم تعالج وتصوب تصويبا عاجلا· كما تنبأ العديد من رجال الاقتصاد الثقات بأن النظام الاقتصادي العالمي الجديد يقوم على مبادئ تقود إلى إفلاسه بسبب انتشار الفساد الأخلاقي والاقتصادي مثل الاستغلال والكذب والشائعات المغرضة والغش والتدليس والاحتكار والمعاملات الوهمية· ويوضح أن هذه الموبقات تؤدي إلى الظلم، أي ظلم أصحاب الأموال من الأغنياء والدائنين للفقراء والمساكين والمدينين· واضاف أن طغيان المادة أصبح سلاح الطغاة للسيطرة على السياسة واتخاذ القرارات السيادية في العالم بعد ان بات المال معبود الماديين· ومع قيام النظام المصرفي في البنوك التجارية على نظام الفائدة أخذا وعطاء في إطار منظومة تجارة الديون شراء وبيعا ووساطة، وكلما ارتفع معدل الفائدة على الودائع ارتفع معدل الفائدة على القروض الممنوحة للأفراد والشركات والمستفيد البنوك والمصارف والوسطاء الماليون، فيما يقع العبء والظلم على المقترضين الذين يحصلون على القروض سواء لأغراض الاستهلاك أو لأغراض الإنتاج· ويرى بعض الاقتصاديين أنه لا تتحقق التنمية الحقيقية والاستخدام الرشيد لعوامل الإنتاج إلا إذا كان سعر الفائدة صفرا وهذا ما قاله آدم سميث أبو الاقتصاديين، كما يرون أن البديل هو نظام المشاركة في الربح والخسارة لأنه يحقق الاستقرار والأمن، وقالوا إن نظام الفائدة يقود إلى تركز الأموال في يد فئة قليلة سوف تسيطر على الثروة· وأيضا لان النظام المالي والمصرفي التقليدي يقوم على نظام جدولة الديون بسعر فائدة أعلى، أو استبدال قرض واجب السداد بقرض جديد بسعر فائدة مرتفع كما كان المرابون يقولون في الجاهلية ''أتقضى أم تربى'' وهذا يلقي أعباء إضافية على المقترض المدين الذي عجز عن دفع القرض الأول بسبب سعر الفائدة الأعلى· ويشير إلى أن النظام المالي العالمي ونظام الأسواق المالية يقومان على المشتقات المالية والتي تعتمد اعتمادا أساسيا على معاملات وهمية ورقية شكلية تتأسس على الاحتمالات، ولا تترتب عليها أي مبادلات فعلية للسلع والخدمات، فهي عينها المقامرات والمراهنات التي تقوم على الحظ والقدر· ويوضح أن النظام المالي والاقتصادي الإسلامي ومؤسساته المالية يقوم على مجموعة من القواعد التي تحقق له الأمن والأمان والاستقرار وتقليل المخاطر بالمقارنة مع النظم الوضعية التي تقوم على الفائدة والمشتقات المالية، ومن أهم هذه القواعد تأكيد وترسيخ منظومة القيم والمثل والأخلاق مثل الأمانة والمصداقية والشفافية والبينة والتيسير والتعاون والتكامل والتضامن، فلا اقتصاد إسلامياً بلا أخلاق· ويقول: تعتبر هذه المنظومة من الضمانات التي تحقق الأمن والأمان والاستقرار لكافة المتعاملين، وفي نفس الوقت تحرم الشريعة الإسلامية المعاملات المالية والاقتصادية التي تقوم على الكذب والمقامرة والتدليس والغرر والجهالة والاحتكار والاستغلال والجشع والظلم وأكل أموال الناس بالباطل· كما تقوم المعاملات الإسلامية على قاعدة المشاركة في الربح والخسارة وعلى التداول الفعلي للأموال والموجودات، وتحكم ذلك ضوابط الحلال الطيب والأولويات الإسلامية وتحقيق المنافع المشروعة والغنم بالغرم، والتفاعل الحقيقي بين أصحاب الأموال وأصحاب الأعمال والخبرة والعمل وفق ضابطي العدل والحق· وعن أساليب حماية مجتمعاتنا من أخطار الأزمة المالية العالمية يقول الدكتور محمد عبدالحليم عمر - مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر: إن العالم شهد خلال العقود الثلاثة المنصرمة نحو 113 أزمة مالية طاحنة في 17 دولة، لافتا الى أن الأسباب التى تقف وراءها هي الفساد والجشع والابتعاد عن القيم الأخلاقية، فقد أصبح العالم الآن يعيش ما بين كثرة فقيرة تعاني الحرمان والبؤس وقلة قليلة تستولي على الموارد والخيرات وترفل في رفاهية طاغية· ويوضح أن الشريعة الإسلامية حرمت كل النظم المادية المجحفة التي تتعارض مع مقاصدها الشرعية وعلى رأسها نظام الفائدة الربوية وأحلت نظم التمويل والاستثمار القائم على المشاركة وتفاعل رأس المال والعمل في إطار قاعدة ''الغنم بالغرم''· كما حرمت الشريعة الإسلامية كافة صور الغرر والجهالة والتدليس والمقامرة والغش والاستغلال وأكدت على الالتزام بالصدق والأمانة والتبيان والشفافية· فقراء العالم الإسلامي وأضاف أن الأزمة المالية العالمية الراهنة سوف تؤثر بشدة على فقراء العالم الإسلامي والذين يمثلون 40 في المئة من فقراء العالم لأنهم يعتمدون على المعونات الخارجية التي تقدمها الدول المانحة الغنية وهي لن تستطيع الوفاء بتعهداتها بسبب الأزمة الخانقة التي تمر بها وهذا يلقي بمسؤولية كبيرة على عاتق الدول الإسلامية التي لديها فوائض مالية لتحقيق نوع من التعاون والتضامن والمشاركة لتخفيف حدة الأزمات المالية التى تمر بها المجتمعات الإسلامية الفقيرة· ويؤكد الدكتور عبدالحميد الغزالي - أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة- أن الالتزام بالقواعد والضوابط الإسلامية يحمى المجتمعات من الوقوع في الأزمات والكوارث التي تهدد المستقبل لأنها قواعد أخلاقية وقيمية في المقام الأول لا تستهدف الربح والإثراء فحسب ولكن تراعي التوازن الدقيق الذي أوجده الخالق ويؤدي لتحقيق إعمار الكون وسعادة البشرية· وقال: ان الأزمة المالية العالمية أثبتت صلاحية النظام الاقتصادي الإسلامي للتطبيق وقدرته على تسيير المؤسسات المالية بنجاح وهذا بشهادة المؤسسات والمنظمات الغربية حيث يوجد نحو 56 مؤسسة نقدية إسلامية في أميركا وأوروبا كانت هي الأقل تأثراً بالأزمة المالية إلى حد أن الأزمة لم تمسها بالأساس ولهذا أوصت لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ الفرنسي بضرورة الأخذ بنظام التمويل الإسلامي لتصويب الأخطاء الاقتصادية التي حدثت· سبل الخروج ويرى الدكتور الغزالي أن الخروج من الوضع المتأزم وحماية اقتصاداتنا ومجتمعاتنا يقتضي ضرورة التدخل الحكومي في كافة الجوانب الاقتصادية، والعمل على محاربة زيادة الاستهلاك والتبذير، وتحصين الاقتصادات العربية والإسلامية ضد الأزمات الخارجية بتقوية هياكلها واستكمال دائرة الإصلاح الاقتصادي، وإلغاء الشراء بالهامش، وإلغاء البيع على المكشوف في البورصات، وتنشيط الرقابة، وتقوية سوق المال كجهة رقابية· ويضيف ان الخروج من الوضع المتأزم يتطلب ايضا إلغاء المعاملات غير السليمة، واستكمال هياكل السوق، وتشجيع البنوك وشركات التأمين على الشراء وخاصة الأوراق الجيدة التي انخفض ثمنها، وعدم السماح بخروج المستثمرين الأجانب من سوق الأوراق المالية إلا بعد مرور فترة، أو على الأقل فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية متصاعدة مع تناقص المدة التي تبقى فيها هذه الأموال في البورصات· وتطبيق الرقابة الرشيدة على استثمار أموال البنوك في الخارج، وتشجيع البنوك على تنفيذ استثمارات كبيرة في الصناعة والزراعة، ووجود الرقابة الفعالة على الرهن العقاري، ومنع الإعلانات التي قد تورط الأفراد في زيادة الاستدانة·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©