الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معركة البرازيل ضد الإيدز

17 ديسمبر 2017 23:25
من الفساد إلى القتل، لا تفتقر البرازيل إلى المشكلات المُنتجة محلياً. لكن يُضاف إلى هذا زيادة جديدة في مرض نقص المناعة المكتسبة (إيدز)، ليزيد في آلام البرازيل. فقد أشارت بيانات صادرة عن وزارة الصحة البرازيلية نُشرت في وقت مبكر من الشهر الجاري إلى أن المرض الذي كانت البرازيل في سبيلها لإلحاق الهزيمة به، أصبح يتزايد الآن وسط فئة عمرية معينة وهي الشباب من الذكور وفي مناطق معينة وهي الشمال والشمال الشرقي من البلاد. صحيح أن الوفيات التي سببها المرض مازالت تتراجع وانتشار المرض وسط النساء الصغار والكبار سنا لم يرتفع إلا قليلا. لكن هناك تزايدا في حالات الإصابة بالمرض وسط الشباب من الذكور. فقد تزايدت حالات الإصابة التي تم الإبلاغ عنها ثلاثة أمثال بين عامي 2006 و2016 وسط الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاما وتضاعفت هذه الحالات وسط الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاما. ورصد بحث مستقل أُجري في ريو دي جانيرو أيضا معدلات مثيرة للقلق من الإصابة بالفيروس وسط الجماعات الضعيفة والمهملة. وصحيح أن كثير من الدول النامية ومعظم الدول في أميركا الجنوبية من جيران البرازيل يواجهون مشكلة أكبر بكثير، لكن استمرار انتشار المرض في أكبر بلد في أميركا اللاتينية يثير القلق. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، قادت البرازيل معركة ضد المرض أظهرت فيها قدرة بلد نام على معالجة المرض والتعامل بنجاح مع شركات العقاقير. وأدت جهودها إلى غضب شديد من شركات العقاقير الكبيرة لكنها حظيت بإشادة صناع السياسة في العالم، وألهمت الدول النامية الأخرى التي كانت تعاني بشدة من المرض الذي كان ما يزال غامضا إلى حد كبير في ذاك الوقت. فقد أعادت البرازيل صياغة القوانين في مكافحتها للوباء المخيف وجعلت استراتيجية «الاختبار والمعالجة» الوقائية التي كانت محل جدل ذات يوم أفضل الممارسات على مستوى العالم. وطالبت البرازيل شركات العقاقير أن تبيع أحدث المضادات للفيروس بتخفيضات كبيرة وإلا سيجري انتهاك حق الشركات في براءة الاختراع في سبيل حماية الصحة القومية. وكسبت البرازيل المعركة بتدشين برنامج لتقديم عقاقير رخيصة مضادة للفيروس لضحايا المرض. وتم تعميم البرنامج في عام 2014 ليشمل كل مصاب بالمرض. وكانت الحملة تعبيرا عن أن الصحة العامة تمثل أيضا الحياة السياسية وأن مكافحة الفيروس مسعى أيضا لكسب القلوب والعقول. ونتيجة لهذا انخفضت حالات الإصابة بالفيروس بشدة ومعها حالات الوفيات الناجمة عنه. وفجأة لم يعد الإيدز وحشا لا يمكن السيطرة في البرازيل. لكن خبراء الصحة حذروا من أن الفوز بالمعركة ضد مرض معد قد يخدر السلطات والجمهور ويجعلهم يستسلمون إلى حالة من الرضا عن النفس. وساهمت عدة عوامل في عودة المرض ومنها مقاومة الفيروس للعقاقير وتزايد السفر حول العالم. كما جعل انتهاء حالة الطوارئ الناس يتخففون من معايير الاحتياط والوقاية. وذكرت «آدلي بنزاكن المسؤولة عن سياسة مكافحة الإيدز في وزارة الصحة البرازيلية أن«إمكانية الحصول على رعاية صحية للجميع والعلاج المجاني وانخفاض الوفيات جعلت كثير من الشباب يقللون من شأن الفيروس. وزادت الأزمة الاقتصادية في البرازيل الطين بلة حيث تقلصت الموارد المتوافرة للرعاية الصحية وبرامج الرعاية الاجتماعية الأخرى. ومن بين العقبات الجديدة التي تعترض طريق مكافحة المرض، تصاعد أصوات المحافظين الذين أصبحوا يعترضون على مناقشة الثقافة الجنسية في وسائل الإعلام والجامعات ومناقشة الأمر على المستوى الاجتماعي. ويؤكد ماريو شيفر الخبير في الصحة العامة في جامعة ساو باولو أن «الجناح اليميني يدمر مبادرات تعزيز الوعي». *كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©