الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السيرة النبوية بعيون عصرية

20 أكتوبر 2006 22:59
محمود شلبي ألبس الإسلام ورسوله ثيابا اشتراكية القاهرة - حلمي النمنم: اتجهت بعض الدول العربية في الستينيات من القرن الماضي نحو الاشتراكية ونظرا لأن الرئيس عبدالناصر كان يتخوف من الشيوعية ومن التجربة السوفيتية راح بعض المنظرين المصريين و العرب يتحدثون عما اسموه الاشتراكية العربية ووضعت كتب عديدة بهذا المعنى وفي هذا السياق كان لابد من ربط الاشتراكية بالاسلام وهكذا ظهر كتاب مصطفى السباعي ''الاشتراكية والاسلام'' الذي طبعت منه عشرات الطبعات وكان يباع بأرخص الأسعار ويمنح مجانا لطلاب المدارس وفي تلك اللحظة التاريخية ظهر محمود شلبي وهو ازهري التعليم اتجه الى الكتابة في الصحف واصدر بعض الدراسات المهمة وفي عام 1962 اصدر كتابا بعنوان ''اشتراكية محمد'' وصدرت منه طبعة ثانية في عام 1966 واتبعه بكتاب آخر هو ''اشتراكية أبي بكر'' ثم ''اشتراكية عمر'' في جزئين وكتاب أخير عن ''اشتراكية أبي ذر'' ومن يقرأ كتاب ''اشتراكية محمد'' يدرك انه لا يمكن أن يعاد طبعه في ظروفنا الحاضرة فالرجل قرأ سيرة النبي ودونها ليظهر النبي باعتباره صاحب الاشتراكية الحقة ومؤسسها وبسهولة نكتشف انه كان لدى المؤلف تعسف شديد في الفهم والتطبيق فهو يتحدث عن الهجرة النبوية وما قام به الرسول من ''الإخاء'' بين المهاجرين والأنصار حتى ان حمزة القرشي الارستقراطي قبل إسلامه قد تآخى مع زيد الذي كان مولى لرسول الله!! ثم يقول وتلك بعض صفات اشتراكية محمد التي تريد المعسكرات الدولية ان تتحول عنها ونستبدلها بما عندهم من نظم وأوضاع! إن محمدا لم يرض بالمساواة بين أفراد الشعب حتى تسامى بها الى مؤاخاة، ثم يتحدث عما حدث بين المهاجرين والأنصار حتى ان الرجل منهم كان ينزل عن إحدى زوجاته ويطلقها ليتزوجها أخوه المهاجري الذي ترك أمواله وزوجه بمكة وجاء مهاجرا في سبيل الله!! ثم يعقب بالقول وتلك المعاني لن نجدها في غير اشتراكية محمد ولهذا نصر على اشتراكيتنا المستقلة، النابعة من تاريخنا وعقائدنا وطبيعتنا وفي رأي شلبي ان الاشتراكية بدأت في السنة الثانية من الهجرة حين فرض صيام رمضان وفيها ايضا أمر الناس بزكاة الفطر وفيها صلى محمد - صلى الله عليه وسلم - صلاة العيد وخرج بالناس جميعا الى المصلى وقال إن كل هذه بدايات لتربية ذلك الشعب الكريم على الاشتراكية الفاضلة الكريمة فصوم رمضان مظهر جماعي يوحد بين الأمة كلها بجنسيها ومستوياتها المختلفة جميع الناس صغارا أو كبارا، إناثا وذكورا، يصومون كل الناس يمسكون عن الطعام في وقت واحد ويقضون يومهم كله جياعا لا شراب ولا طعام ولا نساء حتى اذا غربت الشمس افطر الشعب كله في لحظة واحدة! ويرى ان هذا مظهر اشتراكي عام تتساوى فيه جميع مستويات الشعب اما صلاة العيد فهي أضخم مظهر من مظاهر الجماعية والاشتراكية في نظام محمد صلى الله عليه وسلم وفي عيد الاضحى ايضا تتحقق الاشتراكية وابهى ما تكون اشتراكية محمد هناك في صلاة عيد الاضحى حين يعود منها المسلمون ليذبحوا أضاحيهم ثم يوزعوا اكثرها على الفقراء اموال تقدم طواعية من الاغنياء الى الفقراء وواقعة اموال بني النضير تثير التوقف فقد وزع الرسول هذه الاموال على المهاجرين الأولين ولم يعط الانصار منها شيئا وهي في قراءة الشيخ شلبي حادثة رائعة مهمة في اشتراكية محمد صلى الله عليه وسلم لأن اسلوب الرسول في توزيع الاموال اثبت ان للدولة ان توزع الثروة بما تراه اصلح لابنائها مغلبة في ذلك المصلحة العامة وهكذا يدور التشريع مع الواقع وهدفه تحقيق العدالة في التوزيع وتكافؤ الفرص في رأس المال ومن هذا الموقف تنطلق فلسفة محمد الاشتراكية واول قواعد تلك الاشتراكية الاية القرآنية ''كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم'' فرؤوس الاموال ينبغي ان توزع على المعدمين والشعب الذي لا يملك شيئا كي لا تكون تلك الاموال متداولة فقط بين الاغنياء منكم دون الفقراء لان المجتمعات الرأسمالية من مساوئها ان الاغنياء يزدادون غنى، والفقراء يزدادون فقرا ويكرر نفس المعنى الاسلام حيث يفرض على الدولة ان توزع رؤوس الاموال على الذين لا يملكون مالا لتحقق بذلك التوازن بين الطبقات فلا يكون هناك غنى فاحش او فقر مذل وفي غزوة الخندق هناك علامات اشتراكية فقد هرع الرسول مع المسلمين لحفر الخندق مستعملا الفأس ورفع التراب بساعديه حتى كان التراب يغطي صدره الشريف وبذلك قرر محمد صلى الله عليه وسلك اعظم قاعدة في مجتمعه وهي ان العمل حق على الجميع وانه لا فرق بين رئيس الدولة واصغر مواطن فيها فيما يباشرون من اعمال ومن صميم الاشتراكية ما جاء في حجة الوداع حين قال الرسول لاتباعه من المسلمين: ''تركت فيكم من إن تمسكتم به، فلن تضلوا ابدا كتاب الله وسنة نبيه، أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه'' وبهذا القول حدد الرسول للمسلمين القانون والدستور إن اخطر شيء في الحياة ان تجد الميزان الذي تعرف به الحق من الباطل وجاء في حجة الوداع ايضا قول الرسول ما معناه ''كل المسلم على المسلم حرام وان المسلمين اخوة فلا يحل لمسلم من اخيه الا ما اعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن انفسكم اللهم هل بلغت؟ وفي هذا الجزء يكمن المبدأ العام للاشتراكية مبدأ الاخوة وتلك الاخوة هي تقرير لواقع الآدمية وهناك أحاديث كثيرة عن الاخوة بين المسلمين منها ما معناه ''مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى'' وهكذا فإن الاخوة مبدأ عام في بناء الاشتراكية وتأسيس العلاقات بين الافراد واذا قلنا اخوة فإننا ننفي بذلك كل ما ينافيها فليس الاستبداد اخوة وليس الاستغلال اخوة وليس الاحتكار اخوة، وليس تجويع الناس اخوة وليس ظلم الناس اخوة وهكذا وهناك فرق بين اشتراكية محمد والاشتراكية التي كانت قائمة في بعض دول العالم سنوات الستينيات وايضا الرأسمالية فالاسلام مثلا لا يسمح بانتاج الخمر وربحها والعمل فيها ولكن المذاهب الاقتصادية الحديثة تسمح بذلك وبما هو شر من ذلك ما دام يعود على اصحابه بالربح وهنا الفصل بين اشتراكية محمد صلى الله عليه وسلم الفاضلة واقتصاد العالم الحديث المادي البحت واذا كانت القاعدة الاقتصادية تقول بتحقيق الارباح بأقل التكاليف فإن الاسلام يقول: رضا الله اولا ثم قاعدتكم ثانيا ويضيف قائلا: الاسلام يريد انسانا فاضلا اولا ثم يأمره بعد ذلك بأن يعمل وسوف يكون انتاج الفاضل اضعاف غير الفاضل والاسلام يصل الى رفع الانتاج مع الحفاظ على الانسانية اما المذاهب المادية الصرفة فتزيد الانتاج والربح وحدهما، وسوف نلاحظ ان الكاتب طوال صفحات كتابه يسمي الاشتراكية التي يتحدث عنها ''اشتراكية محمد الفاضلة''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©