الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
20 أكتوبر 2006 23:00
الشهادة مباحة لا مستحبة ولا واجبة إذا كانت في أمر هين دعيت إلى الشهادة في إحدى المحاكم، فامتنعت كسلا دون عذر، ثم أنبني ضميري بعد ذلك·· فهل أكون مذنبا؟ الإتيان بالشهادة أحيانا يكون واجبا وأحيانا يكون مباحا، فالشهادة تكون واجبة إذا تعينت على الشاهد، ولم يكن هناك من يقوم مقامه فيها، وترتب على كتمانها ضياع حق من حقوق الناس، لقوله تعالى في سورة البقرة: ''ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعلمون عليم'' واشترط الفقهاء لوجوب تأدية الشهادة على من تحملها ألا يلحقه بسببها ضرر جسيم في بدنه أو في عرضه أو في ماله، فإن غلب على ظن الشاهد وقوع الضرر في شيء من ذلك، لم تتعين عليه الشهادة لقوله تعالى: ''ولا يضار كاتب ولا شهيد''·· ولقوله صلى الله عليه وسلم: ''لا ضرر ولا ضرار''· وتكون الشهادة مستحبة في حق من تحملها، وكان هناك كثير ممن تحملها معه، ويستطيع أن يؤديها بلا مشقة بالغة، فإن ثبوت الحق في هذه الحالة ليس متوقفا بالضرورة على شهادته هو فإن شهد بما علم كان خيرا وأعظم أجرا وإن لم يفعل فقد ترك المستحب· وتكون الشهادة مباحة لا مستحبة ولا واجبة، إذا كانت في أمر هين من الأمور التي لا يحتاج إليها، وكان هناك من يقوم بها غير الشاهد، ولم يدع إليها، فإن أدلى بشهادته، ولم يكن ذلك محاباة لأحد الخصمين أخذ الأجر من الله تعالى، وإن لم يذهب ليدلي بشهادته لا يكون آثما ولا تاركا للمستحب·· والله أعلم· المحامي كالطبيب أعمل في مجال المحاماة منذ أكثر من عشرة أعوام، ولا أترافع في قضية إلا إذا كنت متأكداً، من براءة المتهم أو من صدق المدعي فيما يدعيه، واجتهد في إحقاق الحق وإبطال الباطل بقدر طاقتي·· ما حكم الشرع لو ترافعت في قضية قتل أو سرقة أو رشوة وغير ذلك من الجرائم حتى أثبت بالأدلة براءة المتهم، ثم تبين لي بعد ذلك أنه لم يكن بريئا من التهمة؟ يبدو من سياق كلام السائل أنه يخاف الله ''عز وجل''، وهذا كاف في عذره إن أخطأ في اجتهاده، فعليه اذن أن يمضي في طريقه، وينسى ما فات، ولا يشغل نفسه بما قد يقع منه في وظيفته من أخطاء غير متعمدة، فكل إنسان عرضة للخطأ والخطيئة إلا الأنبياء، وقد علمنا الله تعالى دعاء لو دعونا به لاستجاب لنا، وذلك في آخر سورة البقرة: ''ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين''·· وما دمت قد بذلت وسعك في تحري الصواب ثم وقع ما ليس في الحسبان فما الذي يجعلك في هم دائم، وقد قال الله عز وجل: ''وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما''- ''الأحزاب:··''5 فهذه الآية بعمومها تفيد أن الخطأ مغفور إذا وقع من غير قصد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه''· فهذا السائل كالطبيب الذي يجري لمريض عملية جراحية فيموت بسببها فليس عليه جناح إن شاء الله·· والله أعلم· حياة المولود توفى وترك زوجته حاملا وله ثروة كبيرة، وليس له أولاد ولكن له إخوة وأخوات فأوقفنا تقسيم التركة حتى تلد زوجته، وحينما جاء وقت الولادة وضعت حملها ولم نسمع صوته وبعد فترة خرجت الطبيبة وأخبرتنا أن الولد قد مات بعد دقائق من ولادته وكان صوته خافتا وحاولت إنقاذه فلم تنجح في ذلك، ثم سألنا الممرضة التي كانت معها فأخبرتنا أيضا بأنه نزل حيا، لم نصدقهما لأننا لم نسمع صراخ الصبي·· فما حكم الشرع في هذه القضية؟ الأئمة الأربعة لكل منهم رأى في هذه القضية: يرى الحنابلة أن شهادة المرأة الواحدة كافية في إثبات حياة المولود أو موته إذا كانت هي التي باشرت التوليد بنفسها، بشرط أن تكون مسلمة غير متهمة بالتزوير، وغير متهمة بأن لها مصلحة في إثبات حياة المولود أو موته· ويرى المالكية أن اثبات حياة المولود أو موته قبل أن يستهل صارخا متوقفة على شهادة امرأتين مسلمتين غير متهمتين بالتزوير أو بأن لهما مصلحة في إثبات حياة المولود أو موته· ويرى الشافعية أنه لابد من شهادة أربع نسوة -كل امرأتين برجل- بينما يرى الحنفية أنه لابد من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين من المسلمين يسمعون صراخ المولود أو يرون حركته الدالة على حياته· ورأى الحنفية أولى إذا كانت حياة الصبي سيترتب عليها حقوق في الإرث، ولاسيما إذا كانت هذه الحقوق كبيرة لا يتسامح فيها غالبا، فكان يجب على السائلين أن يختاروا طبيبة مسلمة ومعها ممرضة مسلمة من غير أقارب الوارثين، وأن يكون بالقرب من حجرة الولادة رجلان أو رجل واحد بحيث يسمع الصوت أو يرى الحركة· وللعلم أن حياة الصبي لا تثبت بصراخه فقط بل تثبت بحركته وتنفسه ولو للحظة، فإن لم يكن هناك رجلان أو رجل وامرأتان أخذنا بقول الشافعية، فإن لم تتوفر أربع نسوة أخذنا بقول المالكية وإلا أخذنا بقول الحنابلة·· والله أعلم· ليس مذنبا اجرى طبيب عملية جراحية في عين مريض فتلفت عينه·· فهل عليه ذنب؟ إن كان الطبيب الذي أجرى هذه العملية وغيرها متخصصا في إجراء مثلها، ماهرا في هذا التخصص ولم يفرط في شيء مما يجب عليه القيام به، فإنه حينئذ لا يكون مذنبا ولا يلزمه غرم مادي ولا عقاب معنوي· أما إن كان غير أهل لإجراء هذه العملية، وأراد أن يجرب حظه في المريض أو يتعلم فيه كما يفعل بعض الأطباء المبتدئين، فإنه يعاقب على ذلك عقابا يردعه ويلزم بدفع الدية للمريض إذا اتلف عضوا من أعضائه بجهله وجرأته على عمل لا يحسنه· وكذلك لو كان الطبيب الماهر قد أهمل في العلاج وقصر في تأدية واجبه أو أسند الأمر بعد اجراء العملية لمن لا يحسن المتابعة، ولا يجيد تنظيف الجرح، أو أسنده لمن لا ضمير له، ولم يتابع بنفسه المريض بعد إجراء العملية إلى أن يطمئن على نجاحها، فإنه يعاقب على هذا الفشل قطعا لتفريطه في الأمانة·· والله أعلم· ليس تغييراً لخلق الله امرأة أجرى لها استئصال الثدي من مرض سرطاني، وبعد اجراء العملية حدثت تشوهات·· فهل يجوز للطبيب إصلاحها حتى يبدو شكل الثدي مقبولا؟ يجوز للطبيب إصلاح التشوهات، وإعادة العضو المشوه إلى ما يقرب من حالته الطبيعية بقدر الإمكان، فليس في ذلك تغيير لخلق الله· أخف الضررين ولد لي مولود بست أصابع في يديه، فلما كبر ودخل المدرسة، عابه أصحابه فتأزم من ذلك، فأشار عليّ بعض الناس بأن أقطع له هذين الأصبعين من اليد اليمنى واليسرى·· فهل هذا يجوز شرعا؟ إذا كانت الأصبع الزائدة لا تسبب ألما جسديا لا يجوز قطعها لعدم وجود الضرر، أما الآلام النفسية فمن الممكن علاجها بأن تقنعه بأن هذه خلقة الله ''عز وجل'' ولا عيب فيما خلق الله، وأن هذه الأصبع الزائدة من فضل الله، فإن لم يقتنع وظل يتألم نفسيا جاز إجراء هذه العملية إذا رأى الطبيب إجراءها من غير أن تحدث مضاعفات أو تشوهات· فلينظر الطبيب إلى أخف الضررين، فإن كان بقاء الأصبع أخف ضررا لا ينبغي أن يشير على الوالد بإجراء العملية، وإلا أجراها للولد ولا حرج في ذلك·· والله أعلم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©