الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأحنف بن قيس ذو الحلم والسؤدد

17 أغسطس 2011 22:28
هو أبو بحر التميمي البصري سيد قومه، وكان يضرب المثل بحلمه أسلم في حياة النبي، لكنه لم يره. قال الأحنف كنت أطوف بالبيت في زمان عثمان بن عفان رضي الله عنه فلقيني رجل من بني ليث فأخذ بيدي فقال: ألا أبشرك! فقلت: بلى. قال: أما تذكر إذ بعثني رسول الله إلى قومك بني سعد أدعوهم إلى الإسلام فجعلت أخبرهم وأعرض عليهم فقلت أنت: انه يدعو إلى خير. وما أسمع إلا حسناً؟ فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم اغفر للأحنف، فكان الأحنف يقول ما بشيء أرجى عندي من ذلك، وقد وفد على المدينة في عهد عمر رضي الله عنه فخطب فأعجبت عمر خطبته فقام رجل من المهاجرين، فقال: يا أمير المؤمنين إن هذا يعنى الأحنف، هو الذي كف عنا بني مرة حين بعثنا رسول الله في صدقاتهم، وقد كانوا أهموا بنا، قال: فحبسني عنده سنة يأتيني في كل يوم وليلة فلا يأتيه عنى إلا ما يحب، ثم دعاني فقال: يا أحنف هل تدري لما حبستك عندي فقال: لا يا أمير المؤمنين. فقال: إن رسول الله حذرنا كل منافق عليه اللسان فخشيت أن تكون منهم فأحمد الله يا أحنف. وغادر إلى بلدك فإني أرجو أن تكون مؤمناً! وقد نال السيادة في قومه بعلمه أولاً، وبعطفه ورعايته لهم ثانياً، ولا يخص نفسه دونهم بشيء. وله في هذا مواقف كثيرة منها أن أبا موسى الأشعري أرسل من البصرة وفداً إلى عمر رضي الله عنه ومنهم الأحنف بن قيس. فقاموا وتكلموا وكان كل واحد يسأل في خاصة نفسه، حتى بقي هو أخر المتكلمين، فقام فتكلم بكلام مؤثر وموعظة بليغة وختمها بقوله: فارفع خسيستنا وأنعش وكيستنا وزد في عيالنا وفى رجالنا رجالاً، وصفّر درهمنا، ومر لنا بنهر نستعذب منه. فقال عمر: عجزتم أن تكونوا مثل هذا، هذا والله السيد، قال الأحنف فما زلت أسمعها بعد السيد، وما ذلك إلا لأن مطالبه للناس كلهم وليست خاصة به، ولهذا كان عمر يكتب إلى واليه أبى موسى الأشعري: أُذن للأحنف بن قيس وشاوره، واسمع منه، وقد كان جواداً صالحاً، وقد سئل بما سدت. لقد شهد من عاش معه الصحابة والتابعين في الحضر والسفر للأحنف بالحلم والسؤدد وكان دميم الخلقة، ولكن أخلاقه جعلته أُمثولة مدى الدهر بدءاً من قومه وهم يعرفون كل تصرفاته وكان لا يحسد، ولا يجهل، ولا يدفع الحق من أي جهة جاء «وهذه الأخلاق جعلت الشر والسؤدد يتبعه وهو يفر منه حتى لبسه ودخل معه قبره وصاغ شخصيته الدائمة في حياة الناس. فهذه المفاخر والمآثر هي مآرب الرجال. فرحم الله أبا بحر لحلمه وجوده وشجاعته وصدقه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©