الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شُرحبيل بن حسنة الكاتب فاتح الأردن

شُرحبيل بن حسنة الكاتب فاتح الأردن
17 أغسطس 2011 22:30
كان الصحابي شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه من نجباء الصحابة المعدودين واجتمعت فيه خصال الخير والورع والتقوى والحرص على الإسلام، وكان كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل شؤونه واختصه بكتابة الوحي القرآني، وله بطولات وتضحيات عدته من كبار القادة والأمراء المجاهدين الفاتحي. ويقول الشيخ منصور الرفاعي عبيد، وكيل وزارة الأوقاف المصرية لشؤون الدعوة الأسبق، هو شُرحبيل بن حسنة بن عبد الله بن المطاع بن عمرو بن كندة حليف بني زهرة، وتنتهي جذوره إلى اليمن، غلب عليه اسم أمه حسنة، وهي عدولية من أهل عدولي ناحية البحرين؛ لأن والده مات وهو صغير فبقي في حجرها حتى بعد زواجها من سفيان بن معمر الجمحي الأنصاري. كاتب السر وكان شرحبيل شريفاً في قومه، وأسلم قديماً بمكة مع أمه وزوجها، ولما ازداد ما ينزل بالمسلمين من الأذى وبلغ منهم القتل والتعذيب والتمثيل مبلغاً كبيراً هاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية ضمن أسرة سفيان، وحين هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة المنورة، نزل شرحبيل وأسرة الجمحي على بني زريق وهم من قومهم أو من ربعهم، ولزم الرسول - عليه الصلاة والسلام - وكان من علية أصحابه، وجاهد تحت لوائه وغزا معه - صلى الله عليه وسلم - عدة غزوات، وكان يجيد القراءة والكتابة، وأصبح كاتب سر النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل شؤونه، ومن كتاب الوحي، وقيل إنه من أوائل من كتب للرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة هو وخالد بن سعيد قبل الهجرة إلى الحبشة، وأمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يتعلم اللغتين العبرية والسريانية من شبان المدينة، وأوفده رسولا إلى المقوقس في مصر، وأثناء إقامته بها توفي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعاد إلى المدينة وشارك في حروب الردة وكان مع جيوش خالد بن الوليد على رأس قوات المسلمين الأولى التي اصطدمت بقوات مسيلمة من بني حنيفة وحلفائهم في عقرباء، وبقي مع خالد في فتح العراق، وشهد معه معاركه كلها، وكان في موقعة اليرموك أحد المئة من أبطال المسلمين المهاجرين والأنصار الذين اختارهم خالد فدائيي الإسلام. المغاوير كل فارس كان يرد جيشاً حتى يؤثر بهؤلاء المغاوير على معنويات الروم في ابتداء نشوب القتال، وتولى في هذه المعركة قيادة الميمنة، ولبلائه وتضحياته جعله أبو بكر - رضي الله عنه - أحد الأمراء الذين وجههم لفتح الشام، وسار مع يزيد بن أبي سفيان في فتح الساحل اللبناني سنة 15هـ، وكان لجهاده أثر كبير في اندحار الروم، ففتح الأردن كلها ما عدا طبرية، التي ألقى أهلها السلاح وصالحوه، وولاه عليها، ولما تولى عمر - رضي الله عنه - عزله في سنة 17 هـ، واستعمل معاوية بن أبي سفيان مكانه، فقال شرحبيل: أعن سخط عزلتني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا إنك كما أحب، لكني أردت رجلا أقوى من رجل. واشتهر- رضي الله عنه - أثناء معاركه بشدة الحذر والمكر وحسن الاستعداد حتى أنه كان يأمر جنوده بالنوم بملابس الحرب وعدم إلقاء السلاح، وحدث أن داهمه الروم فجأة في موقع يقال له فحل جنوبي دمشق ظناً منهم أن معسكره نائم، ولكنه انقض عليهم هو وجنوده وأعمل فيهم القتل. بصيرة ورؤية وكان شرحبيل يتمتع ببصيرة ورؤية وقيل إنه أخبر أبا بكر الصديق بما كان يحدث به نفسه من غزو الروم ولم يكن قد أطلع عليه أحداً، إذ جاءه فجلس إليه فقال: يا خليفة رسول الله، تحدثك نفسك أنك تبعث إلى الشام جنداً؟ فقال: نعم، قد حدثت نفسي بذلك، وما أطلعت عليه أحداً، وما سألتني عنه إلا لشيء. قال: أجل يا خليفة رسول الله، إني رأيت فيما يرى النائم كأنك بشرت بالفتح ونعيت إلي نفسي. وكان رجلا تقياً ورعاً كريماً مضيافاً، تميز بالإيثار والصدق والشجاعة والإقدام، ولخصاله ومناقبه جعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - موضع ثقته ومن خيار الصحابة المقربين، ويروى أنه حمل أم حبيبة - رضي الله عنها - من الحبشة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدما أرسل النبي - عليه الصلاة والسلام - عمرو بن أمية لخطبتها من النجاشي، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا غسل ثوبه استعار ثوب شرحبيل يلبسه إلى أن يجف ثوبه، ويحكى عن الشفاء ابنة عبد الله قالت: جئت يوما حتى دخلت على النبي فسألته وشكوت إليه، فجعل يعتذر إليَّ وجعلت ألومه قالت: ثم حانت الصلاة الأولى، فدخلت بيت ابنتي وهي عند شرحبيل بن حسنة، فوجدت زوجها في البيت فجعلت ألومه وقلت: حضرت الصلاة وأنت ها هنا. فقال: يا عمه، لا تلوميني كان لي ثوبان استعار أحدهما النبي. فقلت: بأبي وأمي، أنا ألومه وهذا شأنه. فقال شرحبيل: إنما كان أحدهما درعاً فرقعناه. وقال ابن حجر العسقلاني: روى شرحبيل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عبادة بن الصامت، وروى عنه ابنه ربيعة والد جعفر، وعبد الرحمن بن غنم، وأبو عبد الله الأشعري وغيرهم. وتوفي - رحمه الله - سنة 18هـ، في طاعون عمواس بالشام، ودفن بصيدا في لبنان، وقيل بغور الأردن. الشدة في الحق عرف شرحبيل بالشدة في الحق لا يخشى فيه أحداً، فقد خطب عمرو بن العاص لما انتشر مرض الطاعون بالشام فقال: إن هذا الطاعون رجس فتفرقوا في هذه الشعاب، وفي هذه الأودية. فبلغ ذلك شرحبيل فغضب، وجاء وهو يجر ثوبه معلقا نعله بيده. وقال لعمرو بن العاص: إن الطاعون وقع. فقال عمرو بن العاص: إنه رجس، فتفرقوا عنه. قال شرحبيل بن حسنة: إني قد صحبت رسول الله وعمرو أضل من جمل أهله، وإنها رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، فاجتمعوا ولا تفرقوا عنه”. قال: فبلغ ذلك عمرو بن العاص، فقال: صدق.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©