نصائح للعزاب

عشت وحيداً فترة طويلة من حياتي، وكنت أفعل لنفسي كل شيء.. صحيح أن لي أخوات فتيات متزوجات، لكن لابد للسماجة من أن تتوقف عند حد، وليس من المقبول أن تزور أختك لتأكل عندها أو تحمل لها غسيلك القذر كل يوم. هكذا تعلمت أن أعنى بنفسي قدر المستطاع وقد تعلمت بعض القواعد الذهبية التي تفيد أجيالاً من العزاب من بعدي: مضرب التنس يصلح مصفاة ممتازة للمعكرونة.. تعلمت هذا من مجلة أميركية. المشكلة أنني لا أملك مضرب تنس، من ثم ابتعت واحداً.. السؤال كما قالت لي شقيقتي هو: لماذا لم تبتع مصفاة إذن ؟ نفس المجلة الأميركية علمتني أن أضع الغسيل تحت قدمي وأنا آخذ الدوش، وهكذا يساهم الماء الساخن والصابون وحركة القدمين في تنظيف الغسيل. جربتها مرتين ولا أجدها طريقة ناجحة جداً ما لم يكن الأميركيون يستحمون بمسحوق تنظيف الغسالات الأوتوماتيك. أفضل طريقة لغسل إناء الطهي هي أن تطهو فيه صنفاً آخر !... لهذا كنت آكل البطاطس لأفاجأ بقرن بامية يسبح فيها أو أجد لها مذاق الملوخية.. لا مشكلة، لكن عليك أن تتأكد أن أحداً لن يعرف هذا ولن يأكل معك. لو تزوجت لا تخبر زوجتك بهذا أرجوك.. السجاجيد أوعية قمامة ممتازة.. يمكنك أن تدفن قمامة عشرة أيام تحت طرف سجادة واحدة. فقط ارفع طرف السجادة وتأكد أنك غير مراقب، ثم بخفة اكنس الغبار تحتها وغطها. أترك الأضواء كما هي.. سوف تحتاج لها عندما يأتي الليل. المنبه اختراع لا جدوى منه لأنك ستنهض وأنت نائم لتغلقه وتكمل النوم. يجب أن تخفيه في مكان لا تجده الشياطين ذاتها، وبهذا تضمن أنك ستصحو من النوم وأنت تفتش عنه ساخطاً. اللص الذي يجول في الصالة ليلاً لن يجد شيئاً يسرقه وسوف يرحل.. الأمر لا يستحق أن تخرج حافي القدمين في هذا الصقيع. الستائر لا جدوى منها سوى أن تتحول لجبال من الغبار. انس الستائر ما دمت تعيش وحيداً. أو استعملها كمنشفة. الغبار على زجاج المكتب كتبت عليه بإصبعك أشياء مهمة جداً.. لا تمسحه بأي ثمن. الكتاب المفتوح الملقى على أرض المطبخ مهم.. ولن تجده لو وضعته في مكان آخر، كما أنك لن تجد الصفحة التي فتحته عليها.. اتركه حيث هو بالله عليك. في الواقع كل جزء من الفوضى مهم جداً بحيث يمكن القول إن النظام هو الفوضى بعينها في حالتك. يجب تغيير مفتاح الباب.. لأن صديقك الذي أعطيته نسخة من المفتاح قد تطوع بعمل ستين نسخة منه، والنتيجة أنك تصحو من النوم لتجد قوماً لم ترهم في حياتك ينامون على البساط أو على أريكة الصالة أو ربما في فراشك ذاته ! وهذا يقودنا للنقطة الأخطر.. لن تجد صلصة ولا سمناً لأن أصدقاء صديقك نسفوا كل شيء! لن تجد ملحاً.. حقيقة قاسية أخرى لكن يجب أن تقبلها خاصة أنك لا تدرك هذا إلا في الثانية بعد منتصف الليل. الثانية بعد منتصف الليل وقت مناسب جداً كي لا تجد سجائر في البيت لو كنت مدخناً.. أقترح أن ترمي بعض السجائر تحت الأريكة وتحت الفراش. هنا سوف تتذكر نكتة (بلدينا) الذي قبل أن يسجنوه عشرين عاماً إذا أعطوه ما يكفيه من سجائر. بعد عشرين عاماً فتحوا الزنزانة فخرج وسيجارة منطفئة في فمه، وقال لهم: هل مع أحدكم عود ثقاب؟. سوف تتذكر هذه النقطة عندما تدرك في الرابعة صباحاً أنه لا يوجد أي مصدر للنار في البيت. الجيران لا يصلحون لأنهم جميعاً متزوجون ويعتبرونك وغداً غارقاً في الرذيلة. لماذا يقرع الوغد الغارق في الرذيلة بابهم في الرابعة صباحاً ؟.. ليطلب عود ثقاب؟.. أضحكتني ! في النهاية يجب أن تقبل وتتزوج (فكيهة) ابنة خالك.. صحيح أنها قبيحة كالشيطان ولها عضلات مرعبة وشاربها أطول من شاربك، لكن تأمل وجهك بالله عليك.. تأمل نحولك وثيابك الرثة وصحتك المتدهورة.. كم من الوقت يجب أن تنتظر كي تعرف أن نصائحي هذه كلام فارغ، وأن عليك أن تجد من تعنى بك قبل أن يجدوك ميتاً خلف باب الشقة ؟ وبعدها يمكنك أن تتظاهر بالحكمة وتكتب نصائح للعزاب لن يعملوا بها أبداً. د. أحمد خالد توفيق