الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

راضي غير راض!

21 يناير 2015 22:05
تقنيات النقل التلفزيوني سريعة التطور تؤثر تأثيراً مهماً، لا يمكن التغاضي عنه فنياً وإعلامياً في عالم كرة القدم، فقد صار كل شيء محسوباً على الشاشة يقدم نقداً عاجلاً غير آجل إلى المتلقي، ويضاعف جرعات المتعة والمعرفة الكروية في وقت واحد، فضلاً عن تقديم بيانات جاهزة أولاً بأول إلى المحللين والمدربين وأهل الشان، مما يضفي على المباراة ألواناً فنية ونفسية لا تتوفر للمتابع من فوق المدرجات محروماً من هذه التقنيات.. وقد تنبه إلى هذه الميزة أو النعمة العلمية قبل أكثر من نصف قرن عالم الاتصال الكندي مارشال ماكلوهان إذ سماها «امتدادات الحواس»، فكما كانت العصا ذات يوم امتداداً لليد في الحصول على ما لا تستطيعه اليد لوحدها، والكاميرا منحت عيوننا قدرة التحرك في كل الاتجاهات وتقريب أبعد المسافات والتمعن في أدق التفصيلات. وبعين الكاميرا تابع الجمهور العراقي ردات فعل مدرب منتخبه الوطني راضي شنيشل التي عكست عدم رضاه عن لاعبيه أمام المنتخب الفلسطيني، وهم يرتكبون الأخطاء التي يتعلمها الناشئة في الدور التمهيدي، هذه الأخطاء أخرجت النجم الكبير لاعباً والقدير مدرباً عن طوره، وأجبرته على هز يديه سخرية ويأساً تارة وانفعالاً وإحباطاً تارة أخرى وامتعاضاً وتهديداً تارة ثالثة. كل هذا واكثر نقلته الكاميرا، بل قل الكاميرات وهي عيون مفتوحة ترصد وتسجل وتثير وتؤثر، ولكن حين انتهت المباراة، وحانت ساعة تعديل الهندام ودوزنة الكلام، بعد الوقوف أمام الكاميرا قال شنيشل إنه راضٍ عن فريقه وأن مستواه في صعود من مباراة إلى أخرى وهو لا يدري أن الحقيقة قد سبقته إلى المتابعين، وهي التي عول عليها الإعلام العراقي في مناقشة الاستعداد لمواجهة المنتخب الإيراني في ربع نهائي أمم آسيا الجمعة المقبل دون التأكيد، أو التوقف كثيراً عند التصريح الذي أدلى به شنيشل بعد المباراة. وإذا كان من خلاصة قد تفيد المدربين فهي أن تقنيات النقل التلفزيوني سلاح ذو حدين فيه من الفوائد الكثير جداً وفيه من المنغصات ما قد يؤثر على علاقة المدرب باللاعبين أو الجمهور، مما يوجب التيقظ لكل حركة، وذلك من خلال التركيز العالي وضبط الأعصاب ومنعها من الانفلات، وإذا كان الصب تفضحه عيونه فقط فإن المدرب «الزعلان» تفضحه عشرات العيون، وربما أكثر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©