الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هدية حسين في «حبيبي كوديا» تتمثل التاريخ وتنعى فقدان البصيرة

هدية حسين في «حبيبي كوديا» تتمثل التاريخ وتنعى فقدان البصيرة
12 نوفمبر 2010 23:08
صدرت للكاتبة العراقية المقيمة في عمان هدية حسين مجموعة قصصية جديدة تحمل عنوان «حبيبي كوديا»، المجموعة صدرت ضمن منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2010، وتقع في 164 صفحة من القطع المتوسط، وتصميم الغلاف للشاعر زهير أبو شايب. وبالوقوف على عنوان المجموعة يستوقفنا اسم الملك الكاهن كوديا فهو من أشهر ملوك سلالة لكش الثانية، وقد حكم في الفترة ما بين 2120 ـ2111 ق.م. وللكاتبة هدية حسين مجموعة من الروايات والقصص والكتابات النقدية، فقد صدر لها في حقل الرواية خمس روايات هي: بنت الخان، ما بعد الحب، في الطريق إليهم، مطر الله، و'زجاج الوقت'. كما صدرت لها المجموعات القصصية: أعتذر نيابة عنك، قاب قوسين مني، كل شيء على ما يرام، وتلك قضية أخرى وهي المجموعة الفائزة بالجائزة الأولى لأدب المرأة عن أندية فتيات الشارقة 1999، وفي القراءات النقدية أصدرت «شبابيك» وهي قراءات في القصة والرواية، ويصدر لها لاحقاً «حبر المبدعين .. قراءات في الإبداع العراقي». في مجموعتها الجديدة تستحضر الكاتبة التاريخ وتستنطق رموزه في محاولة لإسقاطها على الراهن الشخصي والسياسي، ففي قصة تحمل عنوان المجموعة نفسها «حبيبي كوديا» تحكي عن شخص اسمه جودة تستعيد مع خبر موته حكايتها معه، هذا الموت الذي يضعها في مواجهة السؤال الموجع الذي يفتك بأرواحنا عندما يحدث ما لا نتوقعه. والبطل الذي نقرأه في هذه القصة ليس اسطورياً لجسمه الرياضي ولا عضلاته المفتولة ولا قدرته الهائلة على السباحة بل لسبب آخر يكمن في أعماق رأسه، في قناعته بأنه «امتداد لأولئك الأجداد الذين بنوا أولى الحضارات.. صدّق أو توهم بأن دمهم يجري في عروقه خصوصاً أن اسمه جودة، وهو تحريف لاسم الملك السومري كوديا كما تقول كتب التاريخ». يتعرف الشاب إلى المدينة شيئاً فشيئاً، ثم يجد نادياً ليتدرب فيه ثم يصبح بطلاً من أبطال الرياضة... وفي الأثناء صار بطلها هي أيضاً، اي الرجل الذي أحبته حقاً، لكنه في النهاية يعود الى جذوره، الى الأهوار، ليغرق هناك ويتحول الى اسطورة يتناقلها الناس الذين رفضوا ان يغرق السباح الماهر في الماء، فقرروا أن أرواح الأجداد جذبته إليها بعد أن تأكدت من إخلاصه لميراثها. تقول: مات جودة غرقاً في الهور، السباح الماهر يموت غرقاً ويترك وراءه حكايات غريبة يتداولها أهل الهور، فهم لا يصدقون أبداً أن يموت بطلهم بهذه الطريقة المخزية، ولذلك ابتكروا أسطورة تضاف إلى أساطير الماء، وهي أن أرواح الأجداد قد جذبته إليها بعد أن تأكدت من إخلاصه لميراثها.. بينما يقول أبي: لقد خسرنا بطلاً كان يمكن أن يكون عالمياً لولا غباؤه. أما أنا، فقد رحت أبحث في بطون التاريخ عن ذلك الملك الذي يسمى كوديا، لعله يدلني عن حبيبي الذي أخذته أرواح الأسلاف». ليس من قبيل المصادفة أن تختار القاصة اسم بطلها الذي يتصل دلالياً بالملك الآشوري القديم كوديا، بل سعت عبر هذه الرمزية في الاختيار إلى فتح زمن القصة على مدى تاريخي يتيح لها أن تذكر بأن ما يجري في العراق لا علاقة له بالعراق ولا يشبهه، وهو المعنى الذي تسربه من خلال حديث بطلها عن أجداده الذين اخترعوا أول حرف للبشرية، وأول قانون، وأول مدرسة، وأول من صنع سفينة شراعية، أبحرت من نهر دجلة ومضت إلى عدد من البلدان، وفي حكيه عن أساطير الماء وأرواح الأسلاف التي تتبع أحفادها وتحفظ نسلهم.. لتخرج من ذلك بهذه الحكمة المباشرة: «يلقي على مسامعي محاضرته كما لو أنه هو الذي صنع ذلك المجد الذي لم يعد له وجود واضح في الوقت الراهن، فقد مزقنا آخر الخيوط التي تربطنا به حين أعمتنا بصائرنا عن تلمس البصيرة ورحنا نلهث وراء السراب».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©