السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

دور مصر العربي وتغير قواعد اللعبة

21 أكتوبر 2006 00:25
القاهرة ـ محمد عزالعرب: الدور المصري يشرق ويغرب في المحيط العربي، ويتقدم أحيانا ويتراجع أحيانا أخرى، وهو ليس قرارا يصدر أو توجيها يتم او أمرا يعلن، لكنه نهوض اقتصادي وتطور سياسي وانفتاح ثقافي وتميز علمي وتفوق تكنولوجي وثقل سكاني، بحيث يكون الداخل هو الأساس لمواجهة تحديات الخارج··هذا ما تناولته ندوة ''الدور المصري في بيئة اقليمية متغيرة'' التي نظمها المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية بالقاهرة ، حيث قال اللواء د· عادل سليمان - مدير المركز- إن أحد الأوضاع الملتبسة في العالم العربي هو الحديث بصيغة ''نحن'' فهل نحن العرب أم نحن مصر، وهناك حساسية شديدة لدى بعض الأقطار العربية من الدور الأقليمي لمصر بدعوى أنه يمثل تدخلاً في شؤونها الداخلية· ويرى الخبير الاستراتيجي اللواء أحمد فخر أن الدور الاقليمي لمصر الذي ساد في حقبتي الخمسينات والستينات من القرن الماضي لم يعد صالحاً لعالم متغير واقليم متحول فهناك من يرى الدور المصري يتراجع وينحسر وهناك من يؤكد أنه مهم ولا بديل له، الامر الذي يتطلب صياغة نموذج ملهم للدول العربية في الاصلاح السياسي وحقوق الانسان وتمكين المرأة واصلاح التعليم· وقال د· محمد عبدالسلام -الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية- ان فكرة المصالح القومية العربية تحولت الى قضية شديدة الخطورة حيث استغلتها الدول التقدمية ضد الدول الرجعية، واستخدمته الدول التقدمية ''المزعومة'' ضد بعضها بصورة وصلت الى القطيعة السياسية والحصار الاقتصادي ومحاولة قلب نظم الحكم، وشن الحملات الاعلامية وغزو الدول المجاورة أو محاولة فرض الوصاية السياسية عليها، وادى ذلك الى الارتباك في فهم المقصود بالمصلحة القومية من جانب الدول العربية· ''وطنهم الاول'' وأوضح ان بعض الدول العربية أو تيارات داخلها بدأت ترفع شعارات علنية بأن الدولة أولا على غرار الاردن أولا أو مصر أولا كما ان وجود العرقيات والطوائف والمذاهب داخل بعض الدول خلق تعارض مصالح أو تعدد ولاءات دفع بعض الدول الى تبني مثل تلك الشعارات للتأكيد للمواطنين ان دولتهم هي ''وطنهم الاول''· واكد ان التفكير في المصلحة الوطنية المصرية لا يتعارض مع المصلحة القومية المتصورة بل إن المصالح الوطنية للدول العربية لها قاسم مشترك يمكن على أساسه اقامة أسس قابلة للظهور في صيغ تنفيذية فالمشكلة هنا ليست صراع مصالح وإنما هو تكامل أو توافق مصالح خاصة في الاقاليم الفرعية مثل منطقة الخليج أو المغرب العربي أو دول دائرة الصراع العربي الاسرائيلي، فهناك مصالح وطنية وقومية مشتركة والأهم أن مساحة التوافق تبدو أحيانا اكبر من مساحة الاختلاف· ويقول د· عماد جاد -رئيس تحرير مجلة ''مختارات إسرائيلية''- ان الدور المصري ارتكز في السبعينات والثمانينات على رؤية تنطلق من عدم وجود حل عسكري للصراع مع اسرائيل، والمبادرة باجراء تسوية للصراع وعلاقات متطورة مع الولايات المتحدة ولان الاطار العربي في غالبيته كان رافضا لهذه الرؤية فقد تقلص الدور المصري كثيرا بفعل المقاطعة العربية، وتراجع الدور المصري حاليا يرجع الى بطء النمو الاقتصادي وتعثر التطور الديمقراطي وتزايد الاحتقان الاجتماعي ومعدلات البطالة علاوة على التطور الاقتصادي والسياسي في بعض الدول العربية· وأكد أن الدور المصري في القضية الفلسطينية لم يتراجع فمصر موجودة في معظم التفاعلات الفلسطينية والوفود المصرية تكاد لا تغادر الاراضي الفلسطينية وحوارات الفصائل الفلسطينية جرت في القاهرة ولعبت مصر دورا فاعلا في ترتيب الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة وتولت التفاوض حول اتفاقية تشغيل معبر رفح وتوجد قواتها على محور صلاح الدين· وقال د· قدري حفني -استاذ علم النفس السياسي بجامعة عين شمس- إن ثمة علاقة تاريخية وجغرافية بين مصر وفلسطين واي حاكم لمصر يعتبر فلسطين امتداداً استراتيجياً لمصر، واي تهديد لها يؤدي لتهديد قناة السويس ونهر النيل، موضحاً ان الهدف الاستراتيجي لمصر هو تحرير الاراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 وانشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية· ويرى سعد هجرس -مدير تحرير صحيفة ''العالم اليوم''- ان الانطباع العام في المنطقة العربية عن الدور المصري هو انه يلعب دور ''المحلل'' في القضية الفلسطينية بل إن وصول حركة حماس الى السلطة يجعل وساطة الدور المصري مستحيلة ولو في مسائل صغيرة في حين يبرز الارتباك في الدور المصري المتعلق بالحالة اللبنانية لان وجود حزب الله وصموده في مواجهة الاحتلال يمثل مصلحة مصرية وعربية ولا يمكن الاكتفاء بالمساعدات الاقتصادية الهزيلة للبنان· وقال الجنرال اللبناني إلياس حنا أنه لا يمكن القول إن مصر لا تلعب دورا على الساحة الفلسطينية أو اللبنانية بحكم الموقع والتاريخ والحجم لكن الجديد في الساحة اللبنانية ان الممول الخارجي على الساحة العربية ليس عربيا بل ايرانيا وهو مختلف عن معظم الدول العربية· وقال د· بهجت قرني -استاذ العلاقات الدولية بالجامعة الاميركية بالقاهرة- ان مصر مهيأة للقيام بدور قيادي في منطقة الشرق الاوسط ولكن المعضلة هي كيفية القيام بهذا الدور من دون الاضطرار للاعتماد على موارد وقوى خارجية قد تحاول النيل من مصداقية قيادتها واستقلاليتها· ويرى ان الحرب الايرانية -العراقية كانت احد العوامل المساعدة لإعادة اندماج مصر في الحظيرة العربية من دون ان تعرض معاهدة السلام التي وقعتها مع اسرائيل للخطر لان هذه الحرب التي استمرت ثماني سنوات هددت دول الخليج المنتجة للنفط بفرض السلام على الطريقة الفارسية ورغم مليارات الدولارات من عائدات النفط والدعم اللوجيستي الذي وفره الاردن افتقرت الجبهة العربية الى مخزون مصر من البشر والأسلحة واضطر العراق إلى طلب دعم مصر السياسي والعسكري لمقاومة الهجوم الايراني· قوة للعرب وأوضح احمد ماهر -وزير خارجية مصر السابق- ان مصر لا تستطيع ان تنسحب من دورها أو تفرض دورها، فدورها مفروغ منه ولا يحتاج الى دليل أو تدليل وقوة العالم العربي قوة لمصر، والدور المصري يتوقف تأثيره على ما تبنيه مصر داخليا، سواء بالديمقراطية والاقتصاد والثقافة والتعليم والتكنولوجيا فشعار مصر أولا ليس انسلاخا لمصر عن جسدها العربي بل ترتيبا للبيت من الداخل لمواجهة تحديات الخارج· وقال ان الزعامة المصرية لا تتحقق بالغاء معاهدة السلام مع اسرائيل أو سحب السفير المصري من تل ابيب، مشيرا الى ان مصر ليست وسيطا بين اسرائيل والدول العربية ولا يمكن لمصر ان تكون لها قوات تفصل بين اسرائيل واحد الدول العربية وهو ما اتضح اخيرا مع تردد مقولات بشأن ارسال الجيش المصري ضمن قوة ''اليونيفيل'' أثناء الحرب الاسرائيلية على لبنان· وأكد صلاح عيسى -رئيس تحرير صحيفة ''القاهرة''- ان لمصر دورا اقليميا لا تستطيع ان تستغني عنه لانه يتعلق بمصالحها الوطنية وامنها القومي، والاقليم لا يستغني عن مصر باعتبارها مركز ثقله واكثر وحداته سكانا وافضلها من حيث الموقع واكثرها تقدما من الناحية الحضارية وتظل القضية الاساسية هي كيف تلعب مصر دورها الاقليمي في ظل عالم يتغير وظروف تختلف عن الدور الذي لعبته في فترة المد القومي والتحرري· وقال إن هناك عقبات رئيسية تقف أمام صياغة أمن عربي جديد وبلورة دور اقليمي لمصر وهي ان النخبة السياسية المصرية لا تزال تعيش في الماضي رغم ان العالم تغير بالكامل علاوة على وجود انظمة عربية حاكمة لا تملك الشفافية والقدرة على التعبير عن الحقائق والتحدي الاكبر الذي يواجه العرب هو التشرذم الداخلي حيث لا يوجد في بؤر التوتر الداخلية العربية أي توافق وطني سواء في القضية الفلسطينية أو المشكلة العراقية أو المسألة السودانية· وأكد أن مواجهة تراجع الدور الاقليمي لمصر لا تتحقق بارسال الجيوش الى فلسطين أو العراق أو لبنان وإنما بمواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية مثل الفقر والديمقراطية والفساد علاوة على تنوع الاتجاهات في السياسة الخارجية بحيث يحدث توازن بين البقاء في محور العلاقات المصرية الأميركية والتوسع باتجاه اوروبا وآسيا والصين واليابان· وأشار الكاتب الصحفي مجدي مهنا الى ان استعادة الدور المصري في المرحلة الحالية يتطلب اجراء اصلاح سياسي وتحول ديمقراطي حقيقي لكن جوهر المشكلة ان مستوى التفكير لدى القيادة السياسية في مصر لا يرى على مسافة ابعد من متر أو مترين أمامه· وقال الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد إنه لم يتوقع بروز دور لمصر سواء كان عسكريا أو سياسيا في الحرب اللبنانية الأخيرة لأن هذا الـدور لم يطلبه أحد من الاساس مشيرا إلى أن الشعوب العربية جائعة الى الكرامة وتشعر بأنها تهان كل يوم فوجدت في حزب الله البطل الحقيقي··فهل يكون حزب الله الاداة الجديدة لتحرير العالم العربي؟
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©