الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلف أبواب كاتبة أميركية

خلف أبواب كاتبة أميركية
17 أغسطس 2011 23:11
عمل روائي متميّز، تعّزز به المشهد الثقافي المغربي والعربي، والعمل هو رواية “جِِيرْتْرُودْ” لمؤلفها الشاعر والروائي المغربي حسن نجمي، والصادرة عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء، بغلاف يمثل بُّورْتريه “جيرترودْ سْتَايْنْ”، من إبداع الرسام الاسباني الشهير بابلو بيكاسو، واللوحة محفوظة في متحف المِيتْروبُّوليتَانْ، نيويورك. ويأتي صدور هذه الرواية بعد رواية “الحجاب”، وبعد عدد من الدواوين الشعرية “لك الإمارة أيتها الخزامى”، “سقط سهوا”، “الرياح البنية” (بالاشتراك مع الفنان المغربي الراحل محمد القاسمي)، “حياة صغيرة”، “المستحمّات”، “أبدية صغيرة”، “على انفراد”. عمل الشاعر والروائي نجمي حسن في روايته هذه على الغوص في تفاصيل الحياة اليومية للكاتبة الأمريكية الشهيرة جيرترودْ سْتَايْنْ (1898/ 1946)، وخاصة خلال تلك الأيام التي عاشتها في مدينة طنجة، التي كانت مدينة ساحرة تجلب كبار الكتّاب والفنانين من مختلف أنحاء العالم. هنا عمل نجمي حسن على مرافقة جيرترود ستاين المرأة الجميلة والمثقفة والغامضة التي كانت رفقة صديقة لها وهي مواطنتها “إليس طوكلاس”، والتي تجمعها بها علاقة فيها الكثير من الغموض، وستسقط جيرترود ستاين في غرام طنجة، طنجة الساحرة التي تحمل الطابع الأوروبي الممزوج بالطابع المعماري الأندلسي والمغربي، طنجة بدايات 1912، وستتحول حياة الكاتبة جيرترود ستاين، بلقائها الأول مع شاب مغربي يدعى “محمد” يعمل دليلا سياحيا، يأخذها لاكتشاف أماكن ساحرة في طنجة، محمد هذا الشاب الذي سُحر بطنجة، ستشده هذه المرأة بغموضها، ليقول عنها على لسان الرواي “كانَ رأيُ مُحمَّدْ أن جيرترودْ طَيِّبة جِدّاً، لها مشاعرُ طفلةٍ لم تَكْبُر، لكنَّ المبالغات والإشاعات تعطي صورة أخرى مُشَوَّهَة عنها”. وسيدخل الدليل السياحي “محمد”، في الحياة البوهيمية التي تعيشها جيرترود مع رفيقاتها. “في ذِرْوة الغِنَاء والعَزْف الجنُوني، جاءتْ إِيلينا وهي تمدُّ ذراعَيْها باتجاه محمَّدْ داعيةً المغربيَّ إلى الرَّقْص. كانت تحاول جَذْبَهُ من مكانه، وكان يعتذر قائلاً إن سَاقَيْهِ لاَ تُطَاوِعَانِهِ، لكنَّهُ تحَامَل على نفْسِهِ أخيراً ونَهَضَ يرقُصُ. وعادت إيلينَا لتُصاحِبَ أَناييسْ إلى المساحة الصغيرة للرقص، ثم بدأَتْ تُلْبِسُها كسوة غجرية بينما كانت امرأةٌ غجرية أخرى تُطوِّقُ عُنُقَها بشَالٍ مُلوَّنٍ طويلِ الأَهداب”. في تصدير الرواية، ذكر الناشر ان “الكاتب يَْندسُّ في هذه الرواية، التي تقع في 335 صفحة من الحجم المتوسط، في متخيل خصب بالتداعيات والإحالات، حافل بمناخات الأدب، والتصوير الجديدين، وببعض الأسماء الكبرى في تاريخ الحركات الطليعية في الفن الحديث”. ويستهل نجمي روايته بقوله: “في ليلة من ليالي سِيَّاتَلْ وهُما عائِدَان منْ حَانَةٍ ساهرةٍ: “هُنَا (تشيرُ بسَبَّابَتِها) كانَتْ شَجَرَةٌ خَضْراءُ عاليةٌ قَبْلَ أن يَجْتَثُّوها لِيَضَعُوا كُلَّ هَذا الاسمنت!”. وفي نهاية الرواية يكتب نجمي حسن، ان جيروترود ماتت “لاحقا في المستشفى الأمريكي في باريس، إِثر إصابة بسَرَطانِ القُولُونْ. أُجْريَتْ لَهَا عملية جراحية لم تَضْمَنْ لها الحياة. قال أحَدُ الأطباء إِنها استفاقت عَقِبَ العملية، لِلَحْظَةٍ سَريعةٍ، فَسَمِعُوهَا تَسأل: مَا الجَوَاب؟ (لَعلَّ الأَلمَ لا يطرح سُؤَالَهُ عَلناً!). ثم عادتْ إِلى غَيْبوبَتِها الأَبَدية. قبل أَيامٍ من وفَاتِها، كانت حَرَّرَتْ وصيَّتَها متنازلةً عن مُدَّخَراتها الفنية الثمينة لمتحف الفن الحديث غُوغَنْهَايْمْ في نيويورك، وعن البُّورْتْرِيه الشِّهير الذي أنْجزَهُ لها بِّيكَاسُّو لمتحف الميتْروبُّوليتَانْ في نَفْسِ المدينة. لَمْ تُوصِ بشيءٍ لأَلِيسْ بِ. طُوكْلاَسْ. أَلِيسْ، التي ظلتْ في باريس، وحيدةً منسيةً في الشقة الجديدة، 5. زنقة كْريسْتِينْ. عاشَتْ مع جِيرتْرُودْ طوال ثمانٍ وثلاثين سنة جَسَدَيْن في جَسَدٍ واحدٍ، رُوحَيْنِ منْصَهِرتَيْن في روحٍ واحدة. امْتَزَجَ لحمُهُما ونَفَسُهُما. وعندما ماتت جيرترود، كانت هي الأخرى عملياً قد ماتت أيضاً. ظلت مجرد شَبَح أو كأنها جثمانٌ يمشي في غُرَفِ الشَّقَة الفارغة. لقد أخذ هذا العمل الروائي الممتع من حياة الشاعر نجمي حسن خمسة أعوام بلياليه الطويلة، وهي رواية تستحق أكثر من قراءة وتستحق أن تصل إلى القارئ العربي أينما كان لتعيده الى أجواء الزمن الجميل .
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©