الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الجنائية الدولية».. هل تنقذ نفسها؟

18 ديسمبر 2017 22:25
في الشهر الماضي، فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقين، بما في ذلك تحقيق حساس في أفغانستان، والآخر متعلق بميانمار. غير أن المحكمة تجد نفسها الآن في مأزق. وفي 20 نوفمبر، وبعد 11 عاماً طويلة من إجراء «فحص تمهيدي»، طلبت «فاتو بنسودا»، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، رسمياً تفويضاً للتحقيق في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان، يعتقد أنها ارتكبت منذ عام 2003، بعد الغزو الأميركي للبلاد. وتعد هذه خطوة مثيرة للجدل: فأفغانستان تدرك اختصاص المحكمة، ولكن الولايات المتحدة لا تدرك ذلك، ومن المتوقع أن تحقق المحكمة الجنائية الدولية في الأفعال التي ارتكبها الجنود الأميركيون وموظفو وكالة الاستخبارات المركزية، إلى جانب بعض ممارسات «طالبان» وقوات الأمن الوطني الأفغانية. وكانت المحكمة مثيرة للجدل منذ لحظة إنشائها في عام 1998: فقد عارضت بعض الدول الكبرى، ومن بينها الولايات المتحدة والصين وروسيا، معاهدتها التأسيسية (نظام روما الأساسي). ومنذ ذلك الحين، تتعرض المحكمة الجنائية لهجوم متكرر بسبب بطئها الشديد، وانسجامها الزائد مع مزاج الدول القوية، إلى جانب عدم فعاليتها أيضاً وإهمالها. وكانت هذه المحكمة تلاحق فقط الأفارقة، وتتهم على الأكثر عدداً قليلاً فقط من المدعى عليهم في كل من التحقيقات الثمانية الملموسة التي أجرتها، ولم تؤكد سوى أربع إدانات لا غير، وحتى تحقيقاتها كانت فاسدة أيضاً بحسب المنتقدين. وفي شهر نوفمبر، كشفت المدعية العامة أيضاً أنها فتحت تحقيقاً في الجرائم المرتكبة في بروندي منذ أبريل 2015 من قبل عملاء للدولة وجناح الشباب في الحزب الحاكم هناك. وبعد يومين من السماح لقضاة المحكمة الجنائية بإجراء التحقيق، أصبحت بروندي هي أول دولة تنسحب رسمياً من المحكمة. وهناك أمل ضئيل في تحقيق نتيجة ملموسة في هذا الصدد. ولا جدال في حقيقة أن هناك جرائم ارتكبت في أفغانستان. وقد كتب في هذا السياق مكتب المدعية العامة أن حركة «طالبان» قادت «حملة ممنهجة وواسعة النطاق من الترهيب، والقتل المستهدف وخطف المدنيين» الذين تعتقد أنهم يعارضونها، بينما أظهر الجيش والشرطة الأفغانيان «أنماطاً ممنهجة من التعذيب والمعاملة القاسية» لسجناء الحرب، بما في ذلك أعمال العنف الجنسي. وهناك مزاعم بأن بعض مثل هذه الأعمال كان أيضاً متعلقاً بعملاء وجنود من الولايات المتحدة، ولاسيما في عامي 2003 و2004. والمشكلة هي أنه ليس من المرجح أن تلقى المحكمة تعاوناً من السلطات المستهدفة. فلا يمكن توقع تعاون «طالبان» مع العدالة الدولية. وعلى رغم أن أفغانستان عضو في المحكمة الجنائية، فإنها أيضاً لم تبد أي دليل على الالتزام تجاه محكمة ليس لديها أي وسيلة لتنفيذ أوامر اعتقال. وفي أحسن الأحوال، ستتجاهل الولايات المتحدة أيضاً المحكمة الجنائية أو في أسوأ الأحوال ستكون معادية لها، كما كانت خلال السنوات الأولى من عهد إدارة بوش الابن، عندما مارست ضغوطاً على أكثر من مئة دولة، من بينها أفغانستان نفسها، لتوقيع اتفاقيات ثنائية تقضي بعدم تسليم أميركيين إلى المحكمة الجنائية الدولية. ولذا فلن تتمكن المحكمة الجنائية من ادعاء أنها لم تعد تستهدف الأفارقة فحسب، وهو الأمر الذي يبدو أنه الدافع الأساسي لفتح التحقيق الآن. ولكنها ستستمر في إظهار عجزها؟ وفي أفغانستان، فالنتيجة الأكثر احتمالاً هي أن تستمر المحكمة الجنائية في إظهار سذاجتها وتكون مثار سخرية من نظام العدالة الدولية والأشخاص المسؤولين عنه. وستظل المحكمة هي نفسها ذات التأثير المحدود. وإذا كانت المدعية العامة تتصرف فجأة بهذا الحماس، فذلك لأنها تتحرك تحت ضغط لمحاولة إصلاح صورة مكتبها المشوهة، ولأن المحكمة نفسها تعاني من أزمة كبيرة في مصداقيتها. *صحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©