الجزائريون يستعدون للعيد بشحذ السكاكين واقتناء «المشاوي»

ككل الشعوب الإسلامية، يستعد الجزائريون لاستقبال عيد الأضحى المبارك باقتناء الأضاحي عملاً بسنة إبراهيم الخليل عليه السلام، ولهذا العرض تشهد أسواق الماشية هذه الأيام حركة دؤوبة لمربي الأغنام والمضاربين والزبائن، ويشكو الجزائريون من ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام مقارنة بالسنة الماضية. ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يحرص مربو الماشية من البدو المقيمين والبدو الرحل على نقل الملايين من أغنامهم إلى كل الولايات والمدن الجزائرية عن طريق الشاحنات لبيعها هناك، ويعيش هؤلاء المربون في ولايات الجلفة والأغواط والنعامة وولايات أخرى في وسط وجنوب الجزائر، ويملكون نحو 22.5 مليون رأس غنم ويقومون ببيع 3 إلى 3.5 مليون رأس في كل عيد أضحى. أسواق فوضوية يتخذ مربو الأغنام من المساحات الخضراء المحيطة بالمدن “أسواقاً فوضوية” يعرضون فيها سلعتهم، وهي أماكن أضحت معلومة لديهم كل سنة، ويؤمُّها مواطنون بدورهم لاقتناء حاجاتهم من الأضاحي، يقول مربي الماشية مصلح فلاح إن السلطات قررت هذه السنة الشروع في إزالة الأسواق الفوضوية واشترطت بيع الأغنام والأعلاف في مستودعات معلومة، ولذلك تقلص عدد “الأسواق” الفوضوية لهؤلاء هذا العام. ويضيف “فضل كثيرٌ منهم بيع سلعته بالجملة للتجار المضاربين الذين يملكون مستودعات في المدن والعودة من حيث أتوا، بينما فضل آخرون الوفاء لتقليدهم كل سنة حيث يبقون أياماً في هذه المساحات إلى أن يتمكنوا من تصريف سلعتهم، وهم يقيمون مع بعضهم جماعياً يقضون نهارهم في عرض أغنامهم للبيع ولياليهم في شاحناتهم حيث ينامون بالتناوب لحراسة أغنامهم وأموالهم من اللصوص”. ويقول “يفضل أغلب الجزائريين التعامل معنا لشراء الأغنام من مصدرها، فأسعارنا أرخص بكثير من أسعار المضاربين، فضلاً عن أن ماشيتنا هي الأفضل من حيث النوعية لأنها تعوَّدت على الرعي في مراع طبيعية صحية. بينما ينظرون بعيون الشك والريبة إلى الماشية التي يقتنيها المضاربون أسابيعَ وأشهراً قبل العيد بأسعار مناسبة، حيث يقولون إنها تتعرض لـ”التسمين” بوسائل اصطناعية في المستودعات قصد مضاعفة أسعارها وحصد ثروات من بيعها على حساب صحة الناس”. لهيب الأسعار نتيجة المضاربة، التهبت أسعار الغنم هذا العام مقارنة بالسنة الماضية، فبلغ ثمن الخرفان الصغيرة 20 ألف دينار جزائري (دج)، مقابل 15 ألف دج في السنة الماضية بينما تراوحت أسعار الكباش المتوسطة ما بين 35 إلى 40 ألف دج والكباش الضخمة ما بين 60 و75 ألف دج (نحو ألف دولار)، بحسب تجار. ومع أن هذه الأسعار تضر بالقدرة الشرائية لعموم الجزائريين، إلا أن أغلب العائلات تحرص على اقتناء الأضحية تحت إلحاح أطفالها، ما يوقع الكثير منهم في فخ الاستدانة لشراء الأضحية، وبهذا الصدد يقدر زكي أحريز، رئيس الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك، نسبة العائلات التي تلجأ إلى الاقتراض لاقتناء أضحية بـ25 بالمائة، حيث يلجأ بعضها إلى الاستدانة من الأقارب بينما يفضل آخرون الاقتراض من المؤسسات التي يشتغلون بها ويسددون ديونهم بالتقسيط طيلة العام. أما العائلات ذات الدخل المحدود أو الضعيف، فتلجأ، وفقه، قبل عيد الأضحى من كل سنة إلى شراء أجزاء من الخروف كالرأس والأطراف، أو ما يسمى باللهجة المحلية “البوزلوف” وكذا أحشاء الخروف أو “الدوَّارة” لضمان تناولها اللحم يوم العيد وتفادي شعور أفرادها بالحرمان، وفي يوم العيد تتهاطل اللحوم من كل جهة على العائلات التي لم تضحِّ، وهي عادة تضامنية حميدة تعوَّد عليها الجزائريون في عيد الأضحى من كل سنة. أدوات الذبح فضلاً عن اقتناء الأضحية، فإن الجزائريين يستعدون لعيد الأضحى أيضاً باقتناء السكاكين أو شحذها وكذا شراء “المشاوي” قصد شواء اللحم على الجمر. وتغص مختلف أسواق الجزائر بالطاولات التي تبيع السكاكين والخناجر، وهي ذات أشكال وأحجام شتى وذات مهام متعددة أيضاً؛ فهناك سكاكين كبير خاصة بالذبح وأخرى صغيرة خاصة بالسلخ وثالثة متوسطة مهمتها تقطيع اللحم، ويساعدها في ذلك سواطير من مختلف الأحجام، وتُباع معها أيضاً أدواتُ للشحذ.والكثير من الجزائريين يفضلون شحذها لدى حرفيين يتخذون من شحذ الخناجر بواسطة آلات دائرية صغيرة مهنة ً لهم، وهي مهنة لا تظهر فائدتُها للزبائن إلا باقتراب عيد الضحى من كل سنة، حيث يتهافتون عليها من كل حدب وصوب. كما يقبل الجزائريون على اقتناء أدوات الشواء لأن الكثير منهم يفضل تناول لحم الخروف مشوياً على الجمر بالنظر إلى لذته التي لا يجدونها في القلي والطهي، ويقومون بعدها باقتناء كمية من البنزين لضمان إبقاء الجمر ملتهباً طيلة عملية الشيّ.