الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

33 تعاوناً خليجياً

13 نوفمبر 2010 19:42
يجنح الإعلام العربي «المستقل» إلى التركيز على السلبيات، بحثاً عن إثارة أو تشاؤماً من العجز العربي المزمن. وثمة من يعتقد أن الإعلام يجب ألا يوحي بأن الناس راضون حتى لا يصاب المجتمع بالجمود مما يخالف دينامية الجينات البشرية. وآخرون يعتقدون أن لدينا ما يكفي من الإعلام الحكومي، المباشر أو غير المباشر وأن على الإعلام الآخر أن يقوم بدور النقد. والنقد فقط. وهذا لا ينفي حقيقة أن الصحافة المستقلة تضيع أحياناً كثيرة عن أهدافها الأصيلة حتى في مجال جدوى النقد نفسه. ولا ينفي أيضاً أن ضوابط الإعلام الحكومي تصيبه أحياناً بنوبات تقصير عن مواكبة ما يفيد شرعيته. مناسبة هذا الكلام مجموعتان من الأحداث لم ينالا حقهما لا في هذا ولا ذاك: الأولى الاجتماعات المتخصصة والكثيفة الأخيرة بين وزراء ومسؤولي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وما انتهت إليه في الاقتصاد والجمارك والعدل والأمن والإعلام والتنمية الاجتماعية، إضافة إلى مسائل مجالات الطاقة النووية السلمية والتعاون بين النيابات العامة وهيئات التحقيق والمواصفات الفنية الكهربائية والمائية والتنظيم الصناعي وتنظيم الألعاب الرياضية والأنشطة الطلابية وتوحيد المصطلحات الإحصائية.. وغيرها. والمجموعة الثانية، فتح آفاق جديدة لتعاون استراتيجي بين دول المجلس ودول مثل تركيا، وروسيا والهند وغيرها مما سيكون له نتائج إقليمية وقومية لا يجوز غض الطرف عن تحليلها والاكتفاء إعلامياً بتغطية مجرياتها بشكل روتيني ممل، خاصة أن هذه الأحداث ليست إلا نماذج منظومة واسعة من التعاون يفترض تناولها في الإعلام أياً كان اختصاصه كمادة دسمة للدرس والمقارنة، أو حتى للشرح على الأقل. في أقل تقدير يمكن القول إن مجلس التعاون نجح حيث فشلت التجمعات الإقليمية العربية الأخرى، وهذا وحده كافٍ لأن يشكل محطة لاستخراج أسس مفيدة للعمل العربي المشترك المتعثر في كل مكان ومجال تقريباً. أنا ضد القول إن الفضل في هذا النجاح، أياً بلغت نسبته، هو الثروة أو الخطر الإقليمي، فالنفط والغاز وغيرهما من المواد الخام أو ثروات الطبيعة والسياحة أو الكفاءات البشرية تؤكد أن ليس هناك بلد فقير بل هناك دول فقيرة، كما أن كلاً من بقية الدول العربية يعاني من خطر محدق، جغرافي سياسي أو دولي ومع ذلك فشلت كل تجارب إقامة تجمعات عربية «جزئية» تعاونية حتى الثنائية منها. ومن عوامل النجاح الخليجي، القدرة على الفصل بين الاختلافات وبين المكتسبات البينية التدريجية. وحدها حرية التنقل والتملك لمواطني دول المجلس تفوق أي مكاسب تجنى من النزالات السياسية وتثبت أن المصالح بين أبناء الأمة الواحدة تساهم في تقريب القلوب وتمنع انفجار الخلافات والأزمات. في كتاب «مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عقده الثالث– التكامل والوحدة/2010» جاءت المحتويات خالية من المبالغة وجاء ترتيب أولوياتها شديد الدلالة: أولاً التعاون الاقتصادي الذي تضمن 13 مجالا يضاف إليها الباب الثاني الخاص بالتعاون «في مجال الإنسان والبيئة» في 11 ميداناً. أما التعاون العسكري والأمني، فجاء ثالثاً ومنحصراً في مجالين، تلاه التعاون القضائي والرقابي في 3 مجالات والتعاون الخارجي/ الاقتصادي الدولي في أربعة، أي ما مجموعه 33 مجال تعاون خليجي أكثريتها الساحقة- والأكثر نجاحا- تتعلق بالمصالح الاقتصادية المشتركة وبتسهيل أمور وحياة المواطنين. لذا يبدو أن كل تعاون لا يقوم أولاً وأساساً على قواعد المنفعة المشتركة،الرسمية كما الشعبية، سيكون مصيره الفشل أياً كان نبل الشعارات ووهج القضايا. د.الياس البراج barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©