السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوار الناجح

13 نوفمبر 2010 19:46
استكمالاً لما وقفنا عنده في العدد الماضي حول الحوار ودوره في نقل المعلومات والمفاهيم والأفكار والآراء وغيرها، حيث بينا أهم العناصر الأساسية لفنون الحوار: «الحكمة» و»الموعظة الحسنة» و»الجدال بأسلوب حسن»، نوضح اليوم نقاطاً أخرى ليكتمل لدينا مفهوم «الحوار الناجح». إن من أقوى مسببات فشل الحوار بين الناس هو «المعلومة المسبقة» عندما تحمل على غير محملها ولا تخدم موضوع الحوار، فلو علمت أن من سأقوم بالحوار معه شخصٌ عنيدٌ ولا يقتنع بسهولة وأخذتُ أحاوره بقوة وغلظة، فأكون هنا قد خسرت قيمة تلك المعلومة واتخذتُ الشخص المحاور نداً لي عوضاً عن أن أتخذه محاوراً أريد له ولنفسي الخير. فالمفروض أن استخدم تلك المعلومة في البحث عما يتناسب مع هذه الشخصية من الطرق والسبل لأصل بها إلى عقله وقلبه. لنتأمل في ما قاله المولى عز وجل لموسى وهارون عليهما السلام عن فرعون في سورة طه: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى {43} فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) {44}. فقد أعطى المولى عز وجل لموسى وهارون عليهما السلام معلومة عن الشخص الذي سيحاورانه، وهو فرعون، وأعطاهما الأسلوب الأمثل للتعامل مع الشخصية الطاغية لعلها تجعله يتذكر أو يخشى. ولملاحظ عزيزي القارئ أن الله تبارك وتعالى قال: (لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) ولم يقل: «فسوف يتذكر ويخشى»، وهذا يقودنا إلى مفهوم عظيم يغيب عن الكثير من الناس، وهو «أن أسلوب الحوار الأمثل لكل شخصية ليس شرطاً لتحقيق الفوز في الحوار»، هل تعرف لماذا عزيزي القارئ؟ لأن مسألة القبول والاعتراف بالحق أمر يتعلق بالإنسان وشخصيته ونمط تفكيره ونفسيته وأخلاقة ومبادئه وعلمه وخبرته. فكم مرة حاور سيد البشر عليه الصلاة والسلام كبار قومه ممن يوصفون بالحكمة ورجاحة العقل ولم يجد من معظمهم إلا الأذى والإهانة، فقال له المولى عز وجل: (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء)، وقال له كذلك: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(القصص:56). والأمر نفسه حدث مع أنبياء الله عليهم السلام كنوح وشعيب وعيسى وغيرهم. وقس على هذا عزيزي القارئ أنواع الشخصيات وسبل التعامل معهم، وكثير من دوراتنا التي نقدمها تحمل كثير من المفاهيم والمهارات والتقنيات التي تكسب المشارك فهم شخصيات وعقليات ونفسيات الآخرين ليسهل الحوار وتقلل بقدر المستطاع الانفعالات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وها نحن ذا مقبلين على عيد الأضحى، فلتكن هذه المناسبة فاتحة خير علينا لنتحاور مع الجميع بمهارات الحكمة ومشاعر الحب والود والتقدير والاحترام، وكل عام وأنتم بخير.. وعساكم من عواده. د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©