الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرشح «الجمهوري» المناسب

17 أغسطس 2011 23:33
يوم السبت الماضي دخل "ريك بيري "حاكم تكساس، إلى حلبة السابق الانتخابي ضمن الحزب "الجمهوري" للحصول على تزكيته، فيما خرج من السباق حاكم ولاية مينسوتا السابق، "تيم بولانتي"، فما الذي يعينه كل ذلك؟ الحقيقة أن "بيري" لم يكن له الفضل في إخراج منافسه "بولانتي" من حلبة الصراع السياسي، بل يرجع الفضل إلى التصويت التجريبي الذي أجري داخل صفوف "الجمهوريين" وأعطى "بيري" الأسبقية. لكن مهما كان السبب في تقدم مرشح محافظ من "حفلة الشاي"، على آخر من نفس التيار يبقى الدافع الأساسي الذي دفع الأكثر محافظة في الحزب "الجمهوري" على تبادل الأدوار بأريحية هو ضعف أوباما نفسه والتصور السائد لدى "الجمهوريين" بأنه حتى الأكثر يمينية منهم يستطيع دحره. وبعد هذه النتيجة غير الملزمة التي أعطت تفوقاً لشخصية "جمهورية" على أخرى لا تختلف عنها انطلقت التفسيرات لتحليل ما جرى وسبب حصر المنافسة الحزبية لدى "الجمهوريين" بين أعضاء "حفلة الشاي"، رغم ابتعادهم عن الوسط والاعتدال اللذين غالباً ما يكونا الفيصل في تزكية المرشحين، والعامل الأساس في تصويت المستقلين عليهم. فمن جهة ذهب المراقبون الليبراليون بأن خروج "بولانتي" يعني أنه كان من الناحية الأيديولوجية معتدلاً أكثر من اللازم لإرضاء المتنفذين حالياً في الحزب "الجمهوري"، أما الرأي الآخر فلا يختلف كثيراً، إذ يرى أن "بولانتي" كان معتدلاً من الناحية الشخصية، وبأنه يفتقد إلى الحماس الكافي، بل يولد الملل في نفوس الناخبين إلى درجة لا تحتمل. ومع أن الرأيين ينطويان معاً على قدر من الوجاهة، إلا أنهما في النهاية أضعف أن يفسرا تنافس المحافظين الأكثر "يمينية" داخل الحزب "الجمهوري"، والدليل أن مرشحاً مثل "ميت رومني" هو الأكثر بعثاً على الملل بين جميع المرشحين مازال يتصدر استطلاعات الرأي، بل إن "بولانتي" تبنى أجندة على يمين" رومني" في ما يتعلق بالرعاية الصحية والسياسة الخارجية، لذا تبقى القضية بمجملها مرتبطة بأوباما نفسه الذي يعتقد "الجمهوريون" في هذه المرحلة أنه في مهب الريح، وأنه قابل للانهزام، فلا حرج إذن في تقديم أشد المرشحين "محافظة" وأكثرهم مللاً،. فـ"تيم بولانتي" اعترف بنفسه أنه على الصعيد الأيديولوجي لا يختلف كثيراً عن باقي المرشحين، لكن ما يجعله متميزاً كما قال للناخبين، هو قدرته على الفوز، غير أن المرشح عندما يعتمد في حملته الانتخابية على قدرته على الفوز يجدر به فعلاً أن يتصرف على هذا الأساس ويظهر أين تتجلى قدرته تلك. والحال أن "بولانتي" لم يظهر أياً من ذلك عدا بعض تعليقاته غير الموفقة وهجماته الممجوجة على المرشحين الآخرين، بل يمكن القول إن "بولانتي" لا يملك من المواصفات حتى ما يؤهله لتمثيل المرشح النمطي والعام للحزب "الجمهوري"، لكن المعطى الأهم هنا هو وضع أوباما نفسه، فبعد فترة وجيزة ارتفعت فيها نسبة شعبيته بحوالي 11 نقطة بالنظر إلى دوره في قتل أسامة بن لادن في شهر مايو الماضي عادت تلك النسبة إلى الانحدار بسبب الأزمة الاقتصادية والأداء السيئ الذي أظهره أثناء الجدل مع الكونجرس حول رفع سقف الدين العام. والحقيقة أن نزول أوباما إلى ما دون 40 في المئة خلال استطلاعات الرأي في نفس الوقت الذي دخل فيه "تيم بولانتي"، إلى المنافسة داخل الحزب "الجمهوري"، وإن كان تنحى لاحقاً لصالح "ريك بيري"، ينطوي على دلالة رمزية. فالمشكلة اليوم في ظل المرحلة الدقيقة التي يمر بها السباق الانتخابي هو تجرؤ الحزب "الجمهوري" على ترشيح ليس فقط الأكثر "محافظة"، بل حتى الأقل قدرة على الفوز مثل "بولانتي" و"بيري الذي لا يختلف عنه، في خطوة مستمدة من الثقة المبالغة فيها للجمهوريين ومن اعتقاد بأن أوباما قابل للهزيمة. وكلما ضعف أوباما بسبب الظرفية الاقتصادية الصعبة زاد تجرؤ "الجمهوريين" على تزكية مرشحين ما كانوا ليحظوا بأي فرصة في السابق لولا تراجع حظوظ أوباما، فعندما يبدو الرئيس خاسراً لا يهم قدرة المرشح المنافس على الفوز بقدر ما يهم درجة ولائهم الأيديولوجي، ولعل استبدال "الجمهوريين" "ولانتي" بـ"بيري"، وهما اللذان يمثلان نفس التيار المحافظ، يدلل على هذه الحقيقة. جونا جولدبرج محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©