الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوفاء

13 نوفمبر 2010 20:11
إن لم نكن أوفياء لأمهاتنا وآبائنا، نتنكر لتضحيتهم بعرقهم وكدّهم وسهرهم على راحتنا في سبيل نجاحنا، ملقين إياهم في زوايا النسيان من بيوتاتنا الواسعة جداً مساحة، الأضيق من الضيقة قلوباً، أو في دور العجزة، فكيف سنكون أوفياء لأوطاننا! من الوفاء، أن نذهب إلى أعمالنا ووظائفنا في الوقت المحدد، وأن نغادر كذلك، وأن نؤدي أعمالنا ووظائفنا، ونبذل قصارى جهدنا في خدمة الناس برقابة الضمير، فليس وفياً من تقاعس، أو تهرب من مسؤولية، أو تواكل على غيره، سارقاً جهداً أو عَرَقاً، لزميل أو رفيق له، مخادعاً الآخرين، عن سبق إصرار وترصد، أو ظاناً أن ذلك «شطارة»، مخدوعاً وناسياً أن ذلك خيانة وخسارة. من الأخلاق التي أصبحت عملة نادرة في أيامنا خلق الوفاء، الوفاء في كل نواحي الحياة، فالحياة بلا وفاء غابة يحكمها منطق واحد هو القوة، لا غير، بلا إنسانية، بلا أخلاق. لما أراد امرؤ القيس المضيّ إلى قيصر الروم أودع عند السموأل دروعاً وسلاحاً وأمتعة، كثيرة، ذات قيمة كبيرة. فلما مات امرؤ القيس أرسل ملك كِندة في طلب الدروع والأسلحة عند السموأل، فقال السموأل: لا أدفعها إلا لمستحقها، وأبى أن يدفع إليه منها شيئاً، فعاوده، فأبى، وقال: لا أغدر بذمتي ولا أخون أمانتي، ولا أترك الوفاء الواجب عليّ. فقصده ذلك الملك من كِندة بعسكره، فدخل السموأل في حصنه، وامتنع فيه، فحاصره ذلك الملك، وكان وَلَدُ السموأل خارج الحصن، فظفر به الملك وأخذه أسيراً، ثم طاف حول الحصن، وصاح بالسموأل، فأشرف عليه من أعلى الحصن، فلما رآه قال له: إن ولدك قد أسرتُه، وهو ذا معي، فإن سلّمت إلي الدروع والسلاح رحلت عنك، وسلّمت إليك ولدك، وإن امتنعت من ذلك ذبحتُ ولدك وأنت تنظر! فاختر أيهما شئت. فقال السموأل: ما كنت لأخفر ذِمامي «أنقض عهدي»، وأبطل وفائي، فاصنع ما شئت! فذبح ولده، وهو ينظر. ثم لما عجز عن الحصن رجع خائباً، واحتسب السموأل ذبح ولده، وصبر محافظة على وفائه، فلما جاء الموسم وحضر ورثة امرئ القيس، سلم إليهم الدروع والسلاح، ورأى حفظ ذمامه، ورعاية وفائه أحب إليه من حياة ولده وبقائه! وقال في ذلك: وفيتُ بأدرع الكندي إني... إذا ما خان أقوام وفيتُ الوفاءُ: ضد الغَدْر، يقال: وَفَى بعهده وأَوْفَى بمعنى؛ قال: ومن قال أَوْفَى فمعناه أَوْفاني حقَّه أَي أَتَمَّه ولم يَنْقُصْ منه شيئاً، وكذلك أَوْفَى الكيلَ أَي أَتمه ولم ينقص منه شيئاً. ورجل وفيٌّ ومِيفاءٌ: ذو وَفاء، وقد وفَى بنَذْرِه وأوفاه وأوْفى به، وفي التنزيل العزيز: «يُوفُون بالنَّذر»، وفَّى إبراهيم ما أُمِر به وما امْتُحِنَ به من ذبح ولده فعزَم على ذلك حتى فَداه الله بذِبْح عظيم، وامْتُحِنَ بالصبر على عذاب قومه وأُمِر بالاخْتِتان، فقيل: وفَّى، وهي أَبلغ من وَفَى لأن الذي امْتُحِنَ به من أَعظم المِحَن. البحتري: قَد فقَدْنا الوَفـاءَ فَقــدَ الحَمـيمِ وَبَكَينَــا العُــلاَ بُكَاءَ الرّسُـــــومِ لا أُمِلُّ الزّمَــانَ ذَمّـاً، وَحَسْــــبي شـــغُلاً أنْ ذَمَمْــــتُ كُلّ ذَميـمِ أتَظـُنُّ الغِنَـى ثَـوَاءً لِذِي الهِمّــةِ مـــِنْ وَقْفَـــــةٍ بِبَـــابِ لَئِيــــمِ وَأرَى عِنْــدَ خَجْلـــــَةِ الرّدّ منّــي خَطَراً فـي السؤالِ، جِـدَّ عَظيـمِ إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©