الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

وثيقة مكة ·· حقن خلافات السياسيين أم دماء العراقيين ؟

22 أكتوبر 2006 00:04
بغداد- حمزة مصطفى: على الرغم من ان وثيقة مكة التي وقعها جمع من رجال الدين والقيادات السياسية العراقية في مدينة مكة يمكن ان تذكر العراقيين باتفاق الطائف الذي انهى الحرب الاهلية اللبنانية ووضع اساسا للحل بين مختلف فئات وطوائف وقيادات المجتمع اللبناني وهو الاتفاق الذي جرى برعاية سعودية ايضا ، الا ان واقع الحال يشير بخلاف ذلك·فعندما ذهب اللبنانيون الى الطائف في تسعينات القرن الماضي كانوا قد اعترفوا جميعا بمسؤوليتهم عما جرى للبنان وبالتالي فانهم وجدوا ان الحل وان كان في النهاية بايديهم الا انهم بحاجة الى من يرعى هذا الاتفاق ويشكل ضمانة له، وكانوا يعرفون ان هناك حربا اهلية وان جميع القوى والفئات والطوائف قد دفعت ثمنا كبيرا لها وان الاوان قد آن لانهائها، وهذا مالم يحصل بالنسبة للقوى والاطراف السياسية والدينية العراقية التي لن يعترف ولا طرف منها حتى الآن بان هناك حربا اهلية في البلاد · ومع ان عدم الاعتراف هذا يعتبر مؤشرا جيدا على ان مايجري هو ليس بين مكونات المجتمع العراقي الدينية والعشائرية والمذهبية بل هو عنف وان كان يرقى في بعض مراحله الى مستوى العنف الطائفي الا انه في النهاية يجري بين اطراف تريد ان تخلق فجوة كبيرة بين مكونات المجتمع العراقي · وعليه فان هناك حديثا عن ''فرق موت'' ، او ميليشيات غير منضبطة لاتمثل هذا الطرف أو ذاك ، بالاضافة الى مايسمونه بالعصابات التكفيرية او الصدامية التي تريد ارجاع عجلة التاريخ الى الوراء· واذا كان جزء من هذا صحيحا، فان المشكلة التي لايريد ان يواجهها الجميع هي ان الاطراف السياسية والدينية وجدت في البداية في اعمال العنف المسيطر عليه نوعا من الحماية الضرورية لمشاريعها واهدافها· ولذلك فانها اما شجعت او صمتت على بعض اعمال العنف التي حصلت في البلاد وكانت من ذلك النوع الواقع تحت سيطرة كل الاطراف التي اردات من وراء ذلك ايصال رسائل الى خصومها السياسيين والدينيين ايضا ان لديها انيابا وانها تستطيع ان تعمل شيئا لو ارادت· ادى هذا الوضع الى تعميق ازمة الثقة بين السياسيين ورجال الدين في العراق، هذا من جهة وانفلات الاوضاع من ايديهم من جهة اخرى· فان الازمة الراهنة التي يمر بها المجتمع العراقي هي في جوهرها ازمة قيادات اما لا تستطيع السيطرة على الشارع ، اوتريد من الشارع ان يتجه بحسب ماتريد هي ومن يقف وراءها· ولذلك فان التوقيع على وثيقة مكة لا ينظر اليه في الشارع العراقي على انه سينهي العنف الحاصل في البلاد بسبب ان اي سياسي او رجل دين او زعيم مشارك في هذا المؤتمر لن يتمكن من تنفيذ ماوقع عليه من تعهدات، لاسباب رئيسية من اهمها ان البعض لايملك القدرة على كبح جماح العنف ، فهو حتى في حال كان قادرا على كبح جماح طرف فان اطرافا اخرى هو يدعي تمثيلها لكنها لاتعترف به· على هذا الاساس فان وثيقة مكة اذا نجحت كمرحلة اولى في حقن خلافات السياسيين ورجال الدين العراقيين فان بالاماكن اعتبارها في مرحلة لاحقة بداية موفقة لحقن الدماء التي ستظل تسيل حتى يتثبت القادة العراقيون من حقيقة مواقفهم مع بعضهم باتجاه تحقيق مصالحة قادرة على الصمود حتى يبدأ العد التنازلي لدوامة العنف تمهيدا لانهائه الى الابد·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©