السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تويتر... هل يتنبأ بنتائج الانتخابات؟

14 أغسطس 2013 23:50
بفضل الديمقراطية الرقمية، لم نعد نشاهد زعماءنا على التلفزيون بسلبية ولا نسجل آراءنا إلا يوم الاقتراع؛ بل باتت السياسة في زمننا هذا تحدث عندما يعلِّق شخص ما على «تويتر» أو روابط تصل بإحدى الحملات عبر «فيسبوك»، ففي عالمنا المترابط جداً، أضحى بإمكان أي شخص قول أي شيء، وأصبح من الممكن قراءة ما يقوله من قبل الملايين. غير أن هذا العالم الجديد سيُضعف صناعة استطلاعات الرأي، فعلى مدى قرابة قرن من الزمن، كان التفكير السائد هو أننا لا نستطيع معرفة رأي الجمهور بشأن موضوع ما حقا إلا إذا قمنا باستطلاع رأي عينة عشوائية من الكبار، فبُنيت صناعة بأكملها حول ذلك. واليوم، أضحت كل الحملات السياسية الجادة تقريباً في الولايات المتحدة تنفق الآلاف، بل الملايين، من الدولارات على توظيف مستشارين للحملات من أجل القيام باستطلاعات الرأي هذه وتفسير النتائج. ولكن الديمقراطية الرقمية ستجعل موظفي الحملات هؤلاء من دون عمل؛ إذ تُظهر أبحاث جديدة في علوم الكمبيوتر والعلوم الاجتماعية والعلوم السياسية أن المعطيات التي تُستخلص من وسائل التواصل الاجتماعي تفضي إلى قياسات دقيقة للرأي العام، فقد تبين أن ما يقوله الناس على «تويتر» أو «فيسبوك» يمثل مؤشراً جيداً جداً للكيفية التي سيصوتون بها. ولكنه جيد إلى أي مدى؟ في ورقة قدموها يوم الاثنين، يُظهر المؤلفون «جوزيف دي جراسيا»، و«كاريسا ماكيلفي»، و«جوان بولن»، وكاتب هذه السطور أن المناقشات التي تتم على «تويتر» تمثل مؤشراً جيداً على نحو غير معتاد على انتخابات مجلس النواب الأميركي. فباستعمال أرشيف ضخم يضم مليارات العينات من التغريدات المخزنة في جامعة إنديانا، قمنا باستخلاص 542 ألفاً و969 تغريدة تشير إلى مرشح «ديمقراطي» أو «جمهوري» للكونجرس في 2010؛ ثم حسبنا بواسطة الكمبيوتر النسبة المئوية للتغريدات التي تشير إلى هؤلاء المرشحين بخصوص كل دائرة انتخابية؛ فوجدنا ترابطاً قوياً بين «حصة» مرشح ما من التغريدات وحصة الأصوات النهائية في الانتخابات. وعلى سبيل المثال، ففي بيانات 2010، مثلاً، تنبأت بياناتنا المستخلَصة من «تويتر» بالفائز في 404 من أصل 406 سباقات تنافسية. ولكن، لماذا يحدث هذا؟ إننا نعتقد أن «تويتر» وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى تعكس الاتجاه العام في سباق سياسي على نحو يتجاوز التشكيلة الجغرافية والسكانية الرئيسية لدائرة انتخابية ما. فإذا كان لا بد من أن يتحدث الناس عنك، ولو بشكل سلبي، فإن ذلك مؤشر على أن مرشحا ما على وشك الانتصار، ذلك أن الاهتمام الممنوح للفائزين يخلق وضعاً حيث تصبح كل دعاية دعاية جيدة. وهذه الخلاصة لافتة لأنها لا تعتمد على ما يقوله الناس بالضبط أو من يقوله؛ وفي هذا السياق، اكتفينا بقياس النقاش الإجمالي ثم قمنا بتقدير حصة كل مرشح، لأن هذا المستوى النسبي من النقاش هو الذي يهم لرصد الرأي العام في السباقات الانتخابية. وعلاوة على ذلك، فإن بيانات وسائل التواصل الاجتماعي تحاكي ما تقيسه استطلاعات الرأي. وعلى سبيل المثال، ففي الدائرة الثالثة الخاصة بانتخابات الكونجرس في ولاية «أوهايو»، وجدنا أن «مايك ترنر» «الجمهوري» حصل على 65?4 في المئة من حصة التغريدات في دائرته الانتخابية. وفي الانتخابات النهائية، حصل هذا المرشح على 68?1 في المئة من الأصوات. وجاء تنبؤ التغريدات ناقصاً بـ2?7 نقطة مئوية – وهو رقم لا يتجاوز هامش الخطأ في أي استطلاع للرأي. غير أن هذه الخلاصة لها تداعيات عميقة بالنسبة لأي عملية ديمقراطية، ذلك أن ثمة دولاً كثيرة عالقة في الفقر ولا تملك البنية التحتية الضرورية للقيام باستطلاعات رأي كبيرة. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الدول كثيراً ما تكون لديها حكومات ترتاب في استطلاعات الرأي وتحاول قمعها. وفي هذا الإطار، يمكن دراسة أصوات «القواعد الشعبية» الموجودة في وسائل التواصل الاجتماعي لأنها تكشف عن الكيفية التي تُجرى بها الانتخابات، وعما إن كانت الدولة تحترم حقوق الإنسان. وعلى غرار ما حدث مع الانتخابات الأميركية، فرغم أن الناس الذين يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي لا يمثلون الجمهور العام بشكل كامل، إلا أن قدر الاهتمام الذي يولى لموضوع ما يشكل مؤشراً على ما يحدث في المجتمع. والأحداث المهمة تخلق البحث والتدقيق، الذي يمكن قياسه ودراسته. والواقع أن تحليل وسائل التواصل الاجتماعي مهم أيضاً بالنسبة للانتخابات في الولايات المتحدة نظراً لأن استطلاعات الرأي مكلفة نسبياً. وبالمقابل، فإن تحليل وسائل التواصل الاجتماعي رخيص؛ إذ يستطيع أي شخص لديه مهارات في البرمجة الحاسوبية تصميم برنامج يجمع التغريدات، ويرتبها ويصنفها حسب المحتوى ثم يحلل نتائجها. وكل هذا يمكن القيام به بواسطة حاسوب محمول فقط. ثم إن ممارسات استطلاعات الرأي الحالية تولي اهتماماً غير متناسب للسباقات «الكبيرة». ففي كل أربع سنوات، تكون لدينا العشرات من استطلاعات الرأي حول الانتخابات الرئاسية، في حين أن العديد من السباقات الأخرى الخاصة بمناصب مهمة لا تجرى حولها استطلاعات رأي بشكل كاف أو مستمر، بل إن بعض السباقات الخاصة بالكونجرس لا تجرى حولها استطلاعات للرأي أبداً. وبالمقابل، فإن تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن تُستعمل من أجل جمع البيانات بشكل ممنهج حول أي سباق في أي وقت. إن استطلاعات الرأي التقليدية ستظل مفيدة ونافعة، وخاصة من أجل معرفة آراء الناخبين وخلفياتهم؛ ولكن استطلاعات الرأي لم تعد الوسيلة الوحيدة للتنبؤ بالانتخابات. ولذلك، فإن المرء لن يكون في حاجة لمراكز استطلاعات الرأي في المستقبل لمعرفة كيف سيكون أداء ممثله المنتخَب في صندوق الاقتراع، وبدلا من ذلك، فإن كل ما سيحتاجه هو تطبيق على هاتفه المحمول! ‎فابيو روخاس أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة إنديانا الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبورج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©