يا خلف من غدا لي

أخبرت جدي بالأمس أن أحد زملائي في منتديات شبكة الإنترنت، قال لي خلال مروري بموضوعه ''يا خلف من غدا لي''، فقاطعتني أمي قائلة: ربما يظن اسمك خلف ويسألك: من غدا لي؟! ضحكنا جميعاً على دعابة الوالدة، بينما طلب جدي أن أصب له فنجان قهوة، وقال: ''قهويني·· وتعال يمي أرمّسك بشي''· دنوت منه وجلست القرفصاء إلى جواره، فطلب مني أن أنهض وأناوله التمر، واستدرك قائلاً: لأن الرمسة لها علاقة بالتمر! أحطت والدتي بجدي تأهباً لسماع رمسته، فقال: قبل عدة سنوات استمعت إلى شعر قلطة ''فتل ونقض'' بين شاعرين كبيرين أحمد الناصر وخلف بن هذال، ووردت في سياق المناظرة الشعرية أبيات أعجتبني كثيراً منها القول: (يا خلف من غدا لي / دوك قلبي كل هم يحوفه)، ولم يكن معظم من هم في المجلس يعرفون معنى عبارة ''يا خلف من غدا لي'' وظنوا أنه يخاطب زميله الشاعر خلف''· سألت جدي وأمارات العجب على وجه والدتي: من هو خلف المقصود في البيت إذن؟ ضحك جدي وقال: قبل زمن بعيد كان هناك رجل اسمه ''أبو ثامر'' من قبائل الشمال سكان الجوف الشهيرة بمزارع التمر، يعاون والده في زراعة التمر، وحين حان أوان الخراف والكنز (قطاف التمر) توفي الرجل وترك وحيده مع والده· فبدأ الشايب يخرف بمفرده التمر حزيناً على فقدان ابنه، لاحظه حفيده ثامر وهرع إليه يخرف معه بيديه الناعمتين ويبدي تعاوناً كبيراً، فنظر الجد إليه وقد توسع صدره بعد كرب وسُر من تصرف حفيده، وقال له ''يا خلف من غدا لي'' فقد وجد به الخلف الصالح والسند الذي يعينه· منذ ذلك الوقت ذهب القول مثلاً وطاف في أرجاء المنطقة، وتداوله شعراء كثر وضمّنوه في قصائدهم''·