الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عقدة الزواج

عقدة الزواج
17 فبراير 2008 01:11
أخاف من الزواج، وأرتعد من مجرد ذكره· كلما تزوجت إحدى صديقاتي أو معارفي، أسرع إليها لأعرف نتائج تجربتها فأجدها نادمة، تشكو وتتحسر على أيام وجودها في بيت أهلها حيث كانت معززة مكرمة· بصراحة لم أجد امرأة واحدة تقول بأنها سعيدة في زواجها، وأولهنّ والدتي التي طلقها والدي وتزوج بأخرى وانشغل بأسرته الجديدة ونسينا، ولم يفكر بنا ولم يكترث لكل ما عانيناه وهو بعيد عنا· نتيجة للضغوط النفسية التي مرت بها أمي، أصبحت عصبية متسلطة، تفرض سيطرتها علينا أنا وأخي وأختي، أختي أتعس مخلوقات الله بعد أن تزوجت وهي في الرابعة عشرة من عمرها ثم طلقها زوجها بعد سنة من الزواج، ومع أنني أكبر منها إلا أنني لا زلت أرفض فكرة الزواج رفضاً نهائياً· أنا في الرابعة والعشرين من العمر، أكبر إخوتي، أكملت دراستي الجامعية وتم تعييني بوظيفة لا بأس بها· أخي الذي يصغرني بعامين لا زال طالباً يدرس في كليات التقنية، وهو رجل البيت بتفكيره وإحساسه بالمسؤولية أما دوره الفعلي فهو ملغي بسبب تسلط أمي· كنت استمع بخوف شديد لزميلاتي في المدرسة والجامعة وهن يتحدثن عن تجارب الحب التي مررن بها، وأنا أتساءل بيني وبين نفسي: كيف يتجرأن على التحدث مع الشباب والخروج معهم، ألا يخشين من كلام الناس؟· كنت أتمنى في أعماقي أن أعرف النهاية لحكاية كل واحدة منهن، فأنا متيقنة بأن الفشل سيتوج علاقات الحب، ليس لأن البنت كانت عابثة، وإنما لأن الشباب هم من يعبث بمشاعر الفتيات وهم لا يملكون النية الصادقة في الارتباط، فإذا فكر جدياً بالزواج فسيكلف والدته باختيار الزوجة المناسبة له، المهم أنه لا يدري شيئاً عن تجاربها السابقة ويتخيل بأنه أول رجل في حياتها، ما هذا التفكير المتناقض؟ كيف يسمح لنفسه بإقامة العلاقات مع هذه وتلك؟ ألا يعلم بأن كل واحدة منهن ستتزوج زواجاً تقليدياً باختيار الأهل، وأن رجلاً آخر سيكون كالمغفل معها لأنه يعتقد بأنه هو الرجل الأول في حياتها!! والله لا أفهم كيف يفكر الرجال، إنهم متناقضون بشكل لا يصدق، وكلما فكرت بالزواج تأتيني الأفكار والصور التخيلية لزوج المستقبل وهو يغازل هذه ويحطم قلب الثانية ويتخلى عن الثالثة، وربما سيؤجل بعض العلاقات ليستمر بها بعد الزواج بفترة بسيطة· تجارب مختلفة حدثت معجزة مع إحدى صديقاتي حيث تزوجت الرجل الذي أحبته وكانت بينهما علاقة لفترة طويلة، فقلت في نفسي: هذا الزواج ربما سيكون مثالياً، لأنه تم عن حب واختيار، وبقيت انتظر النتائج، فماذا حدث؟ لم تمر سنة واحدة على هذا الزواج حتى ''طفشت'' صديقتي من بيت الزوجية بسبب الشك والغيرة، فزوجها يراقبها باستمرار وقد وضعها تحت المجهر لأنه خائف من خيانتها له· منعها من الخروج وحبسها حبساً اجبارياً، وكلما حاولت أن تقنعه ببراءتها قال لها: امتلكت الجرأة في الخروج معي قبل الزواج وربما ستفعلين نفس الأمر مع غيري، ما هذا التناقض؟ أي عقلية يمتلك هذا الإنسان؟ قصة أخرى أحبطتني أكثر وجعلتني أكره الزواج هي تجربة خالتي، حيث أنها تعمل موظفة ولديها راتب لا بأس به· تقدم لها شاب كامل المواصفات تقريباً، كان الكل ينعتها بالمحظوظة، إلا أنا، بقيت انتظر النتائج وقد ظهرت بأسرع مما توقعت، فبعد أن مرت ثلاثة أشهر على الزواج اكتشفت خالتي بأن زوجها بخيل وأنه إنسان طماع يخطط للاستيلاء على راتبها· لكل هذه التجارب وغيرها، كرهت فكرة الزواج وأصبح الأمر بالنسبة لي كالعقدة النفسية، لا أريد أن أكون بطلة زواج فاشل، لأنه وإن بدا أمام الناس ناجحاً فهذا معناه أن الزوجة صبرت على الخطأ وسكتت عنه خوفاً من كلام الناس أو خوفاً من الشامتين· بالطبع أنا لا ابرئ الزوجات من فشل الزواج فلهن أيضاً دور في ذلك ولكن معظم الزيجات تفشل بسبب الأزواج· تجربة خاصة كان لي زميل في العمل، شاب وسيم ولطيف والكل يشهد بأخلاقه وسلوكه، أخذ يلاحقني ليحصل على موافقة مبدئية للزواج، هذا ما كنت اعتقده، استمر في محاولاته لفترة طويلة دون ان أعطيه فرصة، وقد حاول أن يؤثر عليّ عن طريق بعض زميلات العمل من المتزوجات فتحدثن معي وحاولن إقناعي بشتى الطرق· في النهاية قلت في نفسي: أجرب، ما الضرر في ذلك، فأنا لم أجرب حظي في هذه المسألة، فأبديت موافقتي وبالطبع كنت معتقدة بأنه سيتقدم لطلب يدي، ولكنه لم يفعل، وإنما ظل يحوم حولي في كل مكان، ويحاول معاكستي بالاتصال، وبقيت أصده، فإذا كان يريدني حقاً فعليه أن يتقدم لخطبتي، فالحب في نظري لا معنى له بدون زواج· بعد أن يئس مني انسحب وخلصني من شره ولكنه ترك لي القيل والقال والنظرة السيئة بين زملاء وزميلات العمل، فأصابتني صدمة شديدة لأن الجميع لا يصدقني وإنما يصدق أقاويله السخيفة عن وجود علاقة سرية بيننا· كان أخي أقرب الناس لي، كنت أحدثه عن كل خواطري وأتكلم معه بمنتهى الصراحة، وقد حدثته عن ذلك الشاب فشجعني على استعادة ثقتي بنفسي وحاول جاهداً أن يقنعني بأن الحياة مليئة بالمتناقضات وأننا لن نجد فيها البشر المثاليين، ومن الطبيعي أن يكون لكل رجل سيئات وحسنات، فكذلك بالنسبة للمرأة فإن لها حسنات وسيئات أيضاً، فالزواج الناجح يكون عندما نتقبل الشخص الآخر كما هو بحسناته وسيئاته لتستمر الحياة· أمي كانت تناصبني العداء بسبب موقفي من الزواج لأنني رفضت كل من تقدم لي، كانت تتهمني بالمعقدة وتسمعني كلاماً قاسياً والكثير من التهديدات والحرب النفسية التي دمرتني بها، وكلما حاولت أن أشرح لها وجهة نظري وأن حياتها الزوجية هي السبب الأساسي في نفوري من الزواج تقول لي: لا تجعليني سبباً لعقدك، أنت إنسانة غير سوية، معقدة تحبين العناد، أنت مثل إبليس، يرفض سنن الكون ولا يحب طاعة ربه· كلامها يؤذيني ويجرحني فأنا لا أريد أن أكون مثل إبليس، فأنا أحب ربي ولا أريد أن اعصيه· تجربة مؤلمة جاء لخطبتي شاب هو صديق أخي فقررت الموافقة على الارتباط به· فرح أخي ورضيت أمي فتمت الخطوبة وتم عقد القران، وقد اقترح عليّ أخي بأن اتحدث مع خطيبي حتى يعرف بعضنا البعض بما يكفي، وهكذا تحدثنا بالهاتف أحاديث طويلة وجميلة حتى أعجبت به وأحببته وشعرت بأنني إنسانة محظوظة وسعدت لذلك كثيراً، وكذلك فرح أخي لسعادتي ورضيت أمي لأنني أصبحت بلا عقد· وقع الاختيار على خطيبي لبعثة دراسية تخصصية لمدة سنة واحدة في دولة أوروبية فحاول الإسراع بإتمام الزواج ليأخذني معه ولكني كنت في السنة الجامعية الأخيرة، فرفضت التخلي عن الدراسة وأخبرته بأن السنة ستمر بسرعة وأننا سنتزوج بعد الانتهاء من الدراسة· وهكذا سافر وهو غير راضٍ عن قراري ولكنه كان محباً ومتمسكاً بي وكان ذلك واضحاً من اتصالاته المتكررة وحماسه الشديد في التواصل اليومي بيننا· ثم شعرت مع الوقت بأن مشاعره بدأت تبرد، قلت اتصالاته ثم انقطعت، لا أدري ما حدث بالضبط ولكن لم تمض السنة حتى علمت بأنه على علاقة بفتاة من بلدنا تدرس بنفس المكان، بلعت الغصة وحمدت ربي أن هذا حدث قبل الزواج· عندما انتهت السنة الدراسية وتوظفت عاد خطيبي محاولاً إعادة المياه لمجاريها بيننا، يبدو أنه ''كنسل'' علاقته مع تلك الفتاة ولم يكن يفكر بالزواج منها أصلاً لأنها رضيت أن تقيم معه علاقة قبل الزواج، لكني رفضت العودة إليه وطلبت منه أن يطلقني ففعل بعد أن تدخل أخي في الموضوع· وها هي السنون تمر عليّ وأنا على موقفي من الرجال ومن الزواج على الرغم من كل ما تفعله أمي للضغط عليّ يوماً بعد يوم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©